الجهود الدولية والإقليمية هل تحدث اختراقا في حل الأزمة السودانية؟ (تحليل)
نحو 6 أشهر مرت على اندلاع الأزمة السياسية بين مكونات الحكم في السودان وظلت تراوح مكانها، رغم المحاولات الداخلية والإقليمية والدولية الحثيثة لإنهائها.
الخرطوم – صقر الجديان
** محلل سياسي:
– المؤشرات تذهب باتجاه خطوات تحقيق حل حتى ولو جزئي للأزمة.
– المؤسسة العسكرية قد تكون وصلت لنتيجة أنها “ضاقت ذرعا بالسلطة ولم يعد همها السيطرة عليها بقدر ما تريد أن تحافظ على وجود العسكر وإدارتهم لمؤسساتهم لوحدهم”.
** كاتب سوداني:
– إذا تحقق شرط تهيئة الأجواء فإنه يمكن أن نقول أن الجهود الدولية والإقليمية أثمرت في تحقيق الخطوة الأولى نحو الحوار بين المدنيين والعسكريين.
– تهيئة الأجواء للحوار قد تقود للمرحلة الثانية وهي الجلوس للحوار بين أطراف الأزمة
نحو 6 أشهر مرت على اندلاع الأزمة السياسية بين مكونات الحكم في السودان وظلت تراوح مكانها، رغم المحاولات الداخلية والإقليمية والدولية الحثيثة لإنهائها.
وخلال الآونة الأخيرة نشطت الجهود الدولية والإقليمية لحل الأزمة من خلال طرح مبادرات للحل إلا أنها لم تثمر عن شيء حتى الآن، وتزامنت هذه المبادرات مع مقترحات داخلية للحلول من أطراف السودانية ونالها نفس النصيب من عدم التوفيق.
ولعل أبرز هذه المحاولات هي مبادرة بعثة الأمم المتحدة (يونيتامس) ومبادرة الاتحاد الإفريقي ومبادرة الهيئة الحكومية للتنمية (إيغاد)، التي توحدت في “الآلية الثلاثية” لحل الأزمة السياسية.
ففي 12 أبريل/نيسان الجاري، طرحت الآلية الثلاثية للأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والهيئة الحكومية للتنمية بشرق إفريقيا “إيغاد”، 4 محاور أساسية لحل الأزمة السياسية بالسودان.
والمحاور الأربعة هي “ترتيبات دستورية، وتحديد معايير لاختيار رئيس الحكومة والوزراء، وبلورة برنامج عمل يتصدى للاحتياجات العاجلة للمواطنين، وصياغة خطة محكمة ودقيقة زمنيا لتنظيم انتخابات حرة ونزيهة”.
وشدد فريق العمل المشترك للآلية الثلاثية على “وجوب توفير الإجراءات الضرورية لتهيئة المناخ للحوار بما فيها إطلاق سراح كل المعتقلين السياسيين ورفع حالة الطوارئ وإلغاء كافة القوانين المقيدة للحريات وضمان عدم حدوث انتهاكات لحقوق الإنسان”.
** لقاءات مكثفة
وجرت لقاءات مكثفة خلال الأسبوع الماضي بين مسؤولين دوليين وإقليمين مع مسؤولين حكوميين سودانيين وقوى مدنية في إطار حل الأزمة المتفاقمة.
والثلاثاء الماضي، بحث رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان ونائبه محمد حمدان دقلو “حميدتي” مع الآلية الثلاثية التي تضم، رئيس بعثة “يونيتامس”، فولكر بيرتس، ومبعوث الاتحاد الأفريقي، محمد حسن ولد لبات، ومبعوث الإيقاد، إسماعيل أويس، الجهود التي تبذلها “الآلية” بشأن تسهيل الحوار بين الأطراف السودانية.
وغداة تلك المباحثات، أكد الاتحاد الاوروبي في بيان، استمرار دعمه للحوار مع كل الأطراف السودانية، وترحيبه بكل الجهود لحل الأزمة في البلاد.
والخميس، كشفت قوى الحرية والتغيير عن عقدها لقاء مع “فولكر بيرتس وولد لباد وأويس” ممثلي الآلية الذين قدموا الدعوة لاجتماع مشترك لأطراف الأزمة، إلا أن قوى الحرية والتغيير طلبت وقتا لتدارس الأمر والرد عليه.
وفي 6 أبريل/نيسان الجاري، اعتبرت وزارة الخارجية الأمريكية، أن العملية السياسية التي تيسرها بعثة الأمم المتحدة لدعم الانتقال في السودان (يونيتامس) “تقدم أفضل فرصة لاستعادة المسار الديمقراطي” في البلاد.
وقبل ذلك بيوم، أكدت دول “الترويكا” (المملكة المتحدة والولايات المتحدة والنرويج)، دعمها “القوي” لتفويض بعثة الأمم المتحدة لدعم عملية الانتقال في السودان “يونيتامس” وعمل رئيسها فولكر بيرتس.
ويؤكد العسكريون في السلطة على ضرورة توافق السودانيين من خلال حوار شامل يضم الجميع، بهدف الوصول إلى رؤية موحدة لاستكمال الفترة الانتقالية وصولاً لمرحلة إجراء الانتخابات.
وكانت بعثة “يونيتامس” أعلنت في 7 مارس/آذار الماضي، أنها أسست آلية تنسيق مشتركة مع الاتحاد الإفريقي لـ”توحيد جهودهما والعمل معا على الأرض”، في إطار المساعي الدولية لحل الأزمة بالسودان.
وبين 8 يناير/كانون الثاني و10 فبراير/ شباط الماضيين، أجرت البعثة الأممية مشاورات أولية مع أطراف الأزمة السودانية، لبحث سبل الخروج من الأزمة الراهنة.
وتلك الأزمة اندلعت منذ 25 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، عندما خرجت احتجاجات رافضة لإجراءات استثنائية اتخذها البرهان آنذاك، وهو قائد الجيش أيضا، أبرزها فرض حالة الطوارئ وحل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين.
ومقابل اتهامات له بتنفيذ انقلاب عسكري، قال البرهان، إنه اتخذ هذه الإجراءات لـ”تصحيح مسار المرحلة الانتقالية”، متعهدا بتسليم السلطة إما عبر انتخابات أو توافق وطني.
وقبل تلك الإجراءات، كان السودان يعيش منذ 21 أغسطس/ آب 2019 مرحلة انتقالية تستمر 53 شهرا تنتهي بإجراء انتخابات مطلع 2024.
وكان يُفترض أن يتقاسم السلطة خلال تلك المرحلة كل من الجيش وقوى مدنية وحركات مسلحة وقعت مع الحكومة اتفاق سلام في 2020.
** تهيئة المناخ
الكاتب والمحلل السياسي عثمان فضل الله، يرى أن الجهود الأممية والاقليمية تتركز حاليا على تهيئة المناخ لأي حوار مستقبلي وذلك بإلغاء أمر الطوارئ وإطلاق سراح المعتقلين.
وفي حديثه للأناضول، يضيف فضل الله: “جميع اللقاءات للمسؤولين الأمميين والأفارقة خلال الأيام الماضية انصبت على تحقيق خطوة تهيئة الأجواء لأنه بدونها لن يكون هناك حل للأزمة السياسية بالحوار”.
ويتابع قائلا: “وحسب ما هو متوفر فإن هذه الخطوة قريبة بمعنى أن البرهان والعسكريين سيرضخون لهذا الأمر لأنه مفتاح للحل”.
ويشير إلى أنه إذا تحقق شرط تهيئة الأجواء فإنه يمكن أن نقول أن الجهود الدولية والإقليمية أثمرت في تحقيق الخطوة الأولى نحو الحوار بين المدنيين والعسكريين.
وأردف: “تهيئة الأجواء للحوار قد تقود للمرحلة الثانية وهي الجلوس للحوار بين أطراف الأزمة”.
والخميس، قالت قوى إعلان الحرية والتغيير “الائتلاف الحاكم سابقا”، إنها لن تمضي في أي عملية سياسية دون إطلاق سراح المعتقلين وإلغاء حالة الطوارئ ووقف قمع المتظاهرين.
فيما أعلن رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، الجمعة، أنه سيتم الإفراج عن المعتقلين السياسيين “خلال يومين أو ثلاثة”، بهدف تهيئة مناخ الحوار في البلاد.
وتتهم قوى المعارضة ومنظمات حقوقية السلطات باعتقال قادة سياسيين وعشرات النشطاء في “لجان المقاومة”، التي تشارك في تنظيم احتجاجات مستمرة تطالب بـ”حكم مدني ديمقراطي كامل”، لكن السلطات عادة ما تقول إن “توقيف بعض الأشخاص يتم بواسطة السلطات القضائية التي تتمتع باستقلالية كاملة”.
** ضغوطات كبيرة
ومتفقا مع فضل الله، يقول المحلل السياسي يوسف سراج إن المجتمع الدولي مارس ضغوطا كبيرة على السلطة الحاكمة من أجل تقديم تنازلات لتجاوز الأزمة الحالية ولإكمال الفترة الانتقالية.
وفي حديثه للأناضول يضيف أن المجتمع الدولي كذلك مارس ضغوطا على القوى المدنية حتى تتنازل من أجل تحقيق خطوات إيجابية نحو الحل بإجراء حوار وصولا لاتفاق يؤدي إلى انتخابات نزيهة”.
ويؤكد سراج أن “المؤشرات تذهب باتجاه خطوات تحقيق حل حتى ولو جزئي للأزمة باعتبار أن الضغط السياسي والاقتصادي الكبير الذي تواجهه سلطة العسكر يجعلها تبحث عن تسوية أو إعادة شراكة مع المدنيين تحت المظلة الاممية والإفريقية”.
ويشير إلى أن المؤسسة العسكرية في البلاد قد تكون وصلت لنتيجة أنها “قد ضاقت ذرعا بالسلطة ولم يعد همها السيطرة عليها بقدر ما هي تريد أن تحافظ على وجود العسكر وإدارتهم لمؤسساتهم لوحدهم”.
وبالإضافة للأزمة السياسية، يعاني السودان من أزمات اقتصادية متلاحقة وأزمات في غاز الطهي والكهرباء والمياه.
والثلاثاء، أظهرت بيانات رسمية، ارتفاع معدل التضخم بالسودان في مارس/آذار الماضي إلى 263.16 بالمئة، على أساس سنوي، مقارنة مع 258.40 بالمئة في فبراير/ شباط السابق له.