الحرب في السودان … عام من الجحيم على النساء والفتيات
الخرطوم – صقر الجديان
احاطت بالسودانيين والنساء منهم عل وجه الخصوص حالة من الاحباط دون بارقة امل لتحقيق السلام وانهاء سلسلة الانتهاكات التي طالتهن من اعتداءات جنسية ونزوح واختطاف قسري افتقدن معه الأمان ليتحول عام كامل الى جحيم قاس.
وفي 15 ابريل اكملت الحرب بين الجيش والدعم السريع عامها الاول ومازال الصراع محتدما بين الطرفين برغم مما سببته من كوارث انسانية واضرار جسيمة.
” مر عام ولم يتغير شيئا ..يبدو أننا لن نرى سلام” بهذه العبارة البائسة ابتدرت مناسك عمر حديثها حول تجربتها في المكوث بمركز ايواء لمدة عام كامل.
ووصفت مناسك وهي شابة عشرينية تقيم بمركز بيت الشباب بمدينة بورتسودان شرقي السودان الايام التي عاشتها هناك كأنها 100 عام تقول انها كانت خصما على حالتها النفسية وأوضاعها الصحية وحتى مستقبلها.
وتضيف في حديثها لسودان تربيون” سنة من عمري كنت اضحك وقلبي موجوع وارى اخوتي الصغار مستقبلهم بضيع كما حفنة الرماد”. وتردف ” فقدت الامل ويلاحقني سؤال إذا عادت الاوضاع لطبيعتها هل سأعود لطبيعتي بعد ان تلقيت كل هذه الصدمات “.
تعيش النساء والفتيات منذ بداية الحرب اوضاعا قاسية بيد انهن يطرقن ابواب جديدة لضمان العيش الكريم ثلاث فتيات اكبرهن في الجامعة لجأن لبيع الأطعمة السريعة في مكتب الجوازات بمدينة عطبرة ليتمكن من دفع ايجار المنزل بعد رفض الاقارب استقبالهن.
وقالت نجلاء الشيخ عبد الرحمن نازحة في عطبرة لسودان تربيون لم يكن همي الطعام بقدر ما كنا نسعى لدفع الايجار حتى لانطرد ونكون في الشارع موضحة انهم كانوا في بيت اقاربهم ولم يتحملوهم فاضطروا للمغادرة بعد شهر وبحثوا عن دار ايواء ولم يجدوا.
واردفت نجلاء كان اخي خريج تقنية معلومات يغسل السيارات ونحن نبيع “السندويتشات” لندفع ايجار المنزل البالغ 500 ألف جنيه، مشيرة لصعوبة الالتزام بهذا المبلغ الكبير حتى بعد ان توفرت لها وظيفة في أحد المطاعم وزادت “الان الحرب دخلت عامها الثاني ونحن مازلنا نعاني ولا ندري ما ينتظرنا من اقدار”.
افتقاد الأمان
أكثر الفتيات في ظل الحرب وداخل مراكز الايواء لا يشعرن بالأمان ما يجعل نومهن قلق وفي مراكز المكفوفين تزداد وتيرة الخوف لانتشار ظاهرة التحرش والسرقات في المراكز.
وشكت (ب م ج) لسودان تربيون من ان الاشخاص في المعسكر يكونوا بلاوعي اثناء الليل وتحت أثر السكر يدخلون غرف البنات دون استئذان
واضافت ” نظل يقظين ليلا حتى لا نكون عرضة للتحرش وغالبا ما نستنجد بالآخرين لإخراجهم من الغرف “.
واكدت “ن” استاذة في معهد النور انها فارقت الامان منذ بدء الحرب قائلة مضى عام ونحن نتنقل من سيئ الى الاكثر سوءا مؤكدة وجود سرقات في معسكر ايواء المكفوفين.
وقالت (ن) انها تعرضت لسرقة مقتنيات كثيرة ومهمة أكثر من مرة حيث تم سرقة مرتبها لتعيش ايام قاسية لشهر كامل بلا مصروف مردفة “المحزن ان اتضرر من تلاميذي”.
يسيطر القلق على الامهات وعلى مستقبل بناتهن، (سعيدة) -اسم مستعار – تطرق ابواب المنظمات النسوية لتسهيل اجراءات سفرها الى الخارج بعد ان تعرضت ابنتها للاغتصاب من عناصر الدعم السريع.
وحسب ناشطة حقوقية تحدثت لسودان تربيون فإن الفتاة التي كانت تقيم في أحد احياء الخرطوم بحري تبلغ 14 عاما اغتصبت امام والدتها حيث كان الجناة يضعون السلاح على رأسها لتشاهد عملية الاغتصاب.
واضطر الأب لخطف الصغيرة والقفز الى الخارج عبر جدران المنزل وعندما حاول الرجوع مجددا لحماية ابنته الكبرى منعوه من الدخول وعلى إثر الحادث البشع رحلوا الى احدى مدن السودان وقاموا بإجراءات الكشف الطبي لكن الفتاة لم تتخط الحادثة وبدأت الاسرة في السعي للسفر الى الخارج بحثا عن العلاج.
حرمان من الأهل
حرمت الحرب الالاف الفتيات من الالتقاء باسرهن واعداد كبيرة منهم لم تلتقي امهاتهن لمدة عام توسل احمد إحدى تلك الحالات منعتها الحرب من رؤية امها وهي حاليا لاجئة في مصر بينما تعيش والدتها في السعودية.
تضطر توسل كل فترة للذهاب الى السفارة السودانية لاستلام جوازها الجديد ولكنها تعود محبطة لأنه لم يصل علما بان من قدموا معها في نفس اليوم تسلموا وثائقهم.
وقالت لسودان تربيون ” غادر والدي الى السعودية قبل ايام وكنت ارغب ان الحق بهم بصحبة اختي ولكن تأخر الجواز حال دون ذلك، سأمكث في مصر وحيدة احلم بلقاء امي في القريب العاجل واخاف الا التقيهم مرة أخرى”.
كما تسببت الحرب في اجهاض عدد من النساء، وقالت الامين المالي لمنظمة متحدي الاعاقة الناشطة امال خلف الله إن ثلاث من ذوي الاعاقة أجهضن لعدم المتابعة الطبية بينما بترت قذيفة قدمي امرأة مشلولة لتصبح اعاقتها مركبة، وتنعدم حبوب علاج المصابات بالإعاقة الذهنية ما يجعلهن عرضة لتشنجات مستمرة تسببت في تشويه أجسادهن.
أطر للحماية
وللرد على سؤال طرحته “سودان تربيون” كيف نحقق الأمان للنساء الحلقة المفقودة، مع مجريات الحرب قالت المديرة الاقليمية لشبكة نساء ضد الظلم هالة الكارب أن ذلك ممكن بالضغط على المجتمع الدولي لتوفير أطر حماية ومناطق آمنه للنساء بعيداً عن مرمى طرفي القتال الجيش والدعم السريع.
ودعت الكارب لإنشاء محكمة عقوبات خاصة لجرائم الحرب تحت اشراف دولي واقليمي ورهنت نجاح اي عملية سياسية بتضمين المحاسبة وان تكون قضايا السودانيين اولوية وأضافت ” انتهى الوقت الذي تتصرف فيه النخبة بالوكالة”.
وطالبت اختصاصي الطب النفسي وممثلة غرفة طوارئ بحري مآب صلاح المنظمات الانسانية والمجتمعات المحلية بخلق بيئة وقائية للنساء المتضررات من الحرب وتلبية احتياجاتهن الخاصة مؤكدة ان ضمان الحفاظ على حقوق النساء يستعيد الشعور بالسلامة والامان
ورهنت عضو معا ضد الاغتصاب والعنف الجنسي داليا ابو الحسن وجود الامان للنساء بوقف الحرب ومنع استخدامها كسلاح ضد المرأة مشيرة الى ان تفعيل معاقبة المجرمين يمكن النساء من التحرك بحرية كذلك اصدار قوانين تحمي حقوقهن وتعزز مكانتهن في المجتمع.