الحركة الشعبية شمال: لن نقاتل مع الجيش ولا نتوقع طلباً بذلك
اديس ابابا – صقر الجديان
نفت الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال، تلقيها طلبًا رسميًا من الجيش السوداني لقتال قوات الدعم السريع، التي تخوض حربًا ضد الأخير منذ 15 أبريل 2023.
وقال الأمين العام للحركة عمار أمون دلدوم، في مقابلة نشرتها (سودان تربيون) بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا على هامش المؤتمر التأسيسي لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم”، إنّ وفد الحكومة الذي فاوضهم هم في جوبا مؤخر لم يطرح أو يلمح بذلك على الإطلاق.
وأردف: “نحن في حرب مع الحكومة، قبل شهر أبريل الماضي قصفت طائرة أنتونوف تابعة للجيش السوداني مدرسة في منطقة الخدرة وقتلت في تلك اللحظة 11 طفلًا تتراوح أعمارهم بين 8 و9 سنوات، وفي نفس اليوم قصفت قرية القنيزية حيث كانت نساء يجلبن الماء من مضخة، قتل على إثر ذلك 5 منهن. نحن في حرب مع الحكومة ولا أتوقع أن يطلبوا منا القتال معهم”.
وكشف القيادي عن توجيه أسئلة مباشرة لوفد الحكومة بقيادة نائب القائد العام للجيش شمس الدين كباشي، قائلاً: ” سألناهم في المفاوضات: من أين لكم هذه الإنسانية؟ وأنتم قبل شهر تقتلون لنا أطفالًا بأعمار 8 و9 سنوات واليوم تتحدثون عن وازع إنساني لإنقاذ الناس من الموت، من أين لكم بهذه الإنسانية المفاجئة؟”.
منصة انطلاق
واعتبر أمون أن المؤتمر التأسيسي لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم” فرصة طيبة لتأسيس منصة انطلاق لبناء السودان الجديد.
وتابع: “كل الحروب الأهلية المتكررة في السودان منذ استقلاله تعود لعدم وجود تأسيس صحيح للسودان ما بعد الاستعمار. عبر تاريخ يمتد لـ 69 سنة لم يحدث إجماع للحكومات الوطنية على منصة تأسيس للسودان وهذا جعل السودان دولة مدنية لم تبدأ بداية صحيحة”.
ورأى أن المؤتمر التأسيسي يعطي فرصة لتحالف “تقدم” لتكوين جبهة وطنية عريضة تشكل منصة انطلاق لبناء السودان الجديد، مؤكداً أنهم سينتظرون حتى نهاية المؤتمر لتقديم رؤيتهم للهيئة القيادية الجديدة للتحالف.
ووصف أمون الوضع الإنساني في السودان بالسيء، بما في ذلك مناطق الحركة الشعبية بجنوب كردفان جبال النوبة والنيل الأزرق، لكنه قال إن هناك مناطق أسوأ في دارفور وغيرها
وأضاف: “لذلك نحن لدينا مبدأ ثابت أن الكرامة الإنسانية واحدة لا تتجزأ فهي أينما وجدت هي كرامة إنسانية”.
وتابع قائلًا: “الإنسانية لا يجب أن تتجزأ، ونحن عندما كنا في جوبا عندما تمت جلسة تفاوضية حول تمرير المساعدات الإنسانية للمتأثرين بالحرب في ثلاث ولايات حسب مقترح حكومة بورتسودان (جنوب كردفان وغرب كردفان والنيل الأزرق) قلنا لهم إن تجزئة العمل الإنساني غير مقبولة”.
وشدد أمون الذي رأس وفد الحركة في المفاوضات على أن حصر المساعدات والنقاش والتفاوض حول المساعدات الإنسانية في مناطق معينة لا يوفي بالغرض، لافتا إلى أن هناك متأثرين بالحرب في هذه الولايات الثلاثة ويحتاجون للمساعدات.
لكنه عاد وأضاف: “لماذا لم تدرج الحكومة كل المتأثرين بالحرب في كل مناطق السودان؟ هناك حالات أسوأ من حالة الناس في الولايات الثلاث المقترحة”.
وردا على سؤال حول غرض الجيش الحقيقي من التفاوض في الوقت الحالي قال امون: “إذا كان الغرض إنسانيًا بحتًا، يجب أن تشل المساعدات الإنسانية كل المتضررين في الحرب في كل السودان”.
مردفا: “نحن وضعنا لهم الكلام بهذا الشكل: إذا كانت هناك نوايا سياسية ونواياكم كانت إنسانية بحتة، فإن الإنسانية لا تتجزأ والمساعدات الإنسانية لجميع المتأثرين بالحرب في جميع ربوع السودان”.
أطراف مسيطرة
ونفى أمون أن تكون الحركة الشعبية شمال طلبت أو اشترطت إشراك الدعم السريع في المفاوضات، وقال: ” لم نقل يجب إشراك الدعم السريع، بل قلنا إن هناك أطرافًا مسيطرة على مناطق، تلك الأطراف إذا تركت خارج أي اتفاق لديها القدرة على عرقلة إيصال المساعدات. هؤلاء يسيطرون على مناطق فيها مواطنون يحتاجون للمساعدات”.
وأكد أمون أن الحركة الشعبية تضع رؤية واضحة تتمثل في طلب محدد وواضح وهو أن كل الأطراف التي تحمل السلاح وتحارب في السودان يجب أن تكون جزءًا من اتفاق توفيق الأوضاع الإنسانية حتى لا يتم عرقلة أي اتفاق خاص بتوصيل المساعدات الإنسانية.
وتحدث عن أن الحركة الشعبية منذ 1989 ومنذ اتفاقية شريان الحياة كانت تقول إن المساعدات الإنسانية يجب أن تصل لكل المحتاجين لكن الحكومات في الخرطوم رفضت أن تكون جنوب كردفان وجبال النوبة والنيل الأزرق جزءًا من الاتفاق.
وأضاف: “منذ ذلك الوقت لم يتلقَّ المواطنون في الإقليمين أي مساعدات إنسانية، وحتى في نوفمبر الماضي وافقت الحركة الشعبية بصورة فردية على توصيل المساعدات الإنسانية لمناطق سيطرة الحكومة بل وقامت بتأمينها عند مرورها بمناطق الحركة. لم نبدي موافقة فقط بل قمنا بتأمين 8 جرارات 3 منها تحمل أدوية و5 تحمل إغاثة حتى وصلت إلى كادوقلي، وكذلك عند عودة الشاحنات إلى الدلنج”.
استئناف التفاوض
وبشأن استئناف التفاوض مع الحكومة، قال المسؤول بالحركة الشعبية إن تلك مسؤولية الوساطة في جنوب السودان، والتي ذكرت أن المفاوضات لم تنهار بل تم رفعها لإعطاء مزيد من الوقت للمشاورات بين الأطراف، وبعدها يمكن أن يتم التحرك للمرة الثانية.
وأكد أنه لا يستطيع تحديد زمن محدد، وأن الحركة حالياً تترقب الدعوة في أي وقت.
وفي سياق متصل، رأى أمون أن أي مفاوضات إنسانية وتوصيل المساعدات، في كثير من الأحيان ومن حيث المبدأ، لا تقف لوحدها بل تتبعها مفاوضات حول ملفات سياسية.
وشدد على أن أي اتفاق خاص بتوصيل المساعدات يشكل مدخلاً لمناقشة الملفات السياسية، مثل وقف العدائيات وإطلاق النار الأولي، والذي يمكن أن يتطور إلى وقف دائم لإطلاق النار في حال توصل الأطراف إلى اتفاق حول الملفات السياسية.
مسببات الحرب
وحول التحفظات التي أبدتها أحزاب وأجسام داخل تنسيقية “تقدم” بشأن بعض القضايا التي تضمنها “إعلان نيروبي” الموقع بين رئيس التنسيقية عبد الله حمدوك ورئيس الحركة عبد العزيز الحلو قبل أسبوعين، قال أمون: “نحن في الحركة الشعبية موقفنا واضح، وتأجيل أسباب الخلاف لجذور تاريخية لحروب السودان المتكررة يجعل الناس تتحاشى مناقشة هذه الأسباب، مما يؤدي إلى استمرار الحروب. وقد آن الأوان لتقدم أن يواجه بكل شجاعة وأن يضع كل هذه الأسباب على طاولة المائدة المستديرة أو أي منبر آخر لمناقشتها ووضع الحلول لها، وإلا فإن هذا البلد الذي ننتمي إليه جميعاً سيتلاشى في يوم من الأيام بسبب فشلنا وعدم شجاعتنا الكافية لمناقشة مسببات الحروب التي تنخر في عظم هذه الدولة”.
وتوقع ألا تتأثر تنسيقية “تقدم” بأفكار السودان القديم، معتبراً أن سماحها بذلك لن يدفع “تقدم” خطوة للأمام.
وأغلق أمون الباب أمام عودة بعض الذين خرجوا من الحركة الشعبية وقاموا بتكوين تنظيمات جديدة، وقال: “الرفاق الذين كانوا في الحركة الشعبية وقاموا بتكوين تنظيمات، لا أتوقع بعد التطورات التي حصلت، أن يعودوا للحديث عن توحيد الحركة الشعبية، وهي موحدة الآن”.
وبيّن أمون أن الحركة الشعبية تقوم بتسليم الأسرى من الجيش ومعالجة المصابين وتسليمهم أيضاً للصليب الأحمر، لكن في المقابل لا تقوم الحكومة بتسليم أحد.
وأردف: “لدينا تاريخ بذلك، لكن الحكومة لم تسلم لنا شخصاً واحداً.
الحركة الشعبية من ناحية حقوق الإنسان ملفها نظيف، والحكومة قبل شهر قتلت أطفالاً في المدرسة، سجل الجيش السوداني لا يمكن مقارنته بسجل الحركة الشعبية في الشأن الإنساني”.
وقال أمون إن الحركة الشعبية موحدة وأقوى من أي وقت مضى، ونجحت خلال العامين الأخيرين في تحرير أكثر من 60 موقعاً عندما بدأت الحكومة مهاجمة مواقعها.
وأكد أن الحركة الشعبية شمال لم تتلق دعوة من الحكومة المصرية حتى الآن للمشاركة في الحوار الذي أعلنت عنه نهاية شهر يونيو للسودانيين لحل الأزمة.
واعتبر الدعوة المصرية المعلنة نسخة جديدة لحوار “الوثبة” 2015 الذي قام به البشير للاستمرار في السلطة.