الحوار الوطني في السودان.. ما الأجندة ومن هم المشاركون؟ (تقرير)
ترقب وانتظار للحوار الوطني المزمع انطلاقه خلال هذا الأسبوع برعاية أممية إفريقية لحل الأزمة السياسية في البلاد
الخرطوم – صقر الجديان
ـ ترقب وانتظار للحوار الوطني المزمع انطلاقه خلال هذا الأسبوع برعاية أممية إفريقية لحل الأزمة السياسية في البلاد
– في 28 فبراير الماضي نشرت بعثة “يونيتامس” الأممية ملخصا لنتيجة المشاورات التي أجرتها حول سبل حل الأزمة
ـ التعديلات المقترحة على مجلس السيادة تنقسم إلى ثلاث فئات رئيسية: العدد والهيكل والصلاحيات
ـ محلل سياسي قال إن حل الأزمة “يجب أن يكون سودانيا”، فيما شدد آخر على “أهمية المكون العسكري في العملية السياسية”، واستنكر ثالث فكرة “إقصاء مكونات سياسية عن الساحة”
ترقب وانتظار لانطلاق الحوار الوطني في السودان برعاية أممية إفريقية لحل الأزمة السياسية في البلاد، وسط تحديات عديدة، في ظل استبعاد أطراف واشتراطات ومطالب دفعت بها أحزاب للدخول في تلك العملية السلمية.
وفي 27 أبريل/ نيسان الماضي، أعلنت الآلية الثلاثية للأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي و”الهيئة الحكومية للتنمية بشرق إفريقيا” (إيغاد)، انطلاق حوار وطني في الأسبوع الثاني من مايو/ أيار الجاري، لحل الأزمة السياسية بالسودان.
وطرحت الآلية الثلاثية أربعة محاور لحل الأزمة تشمل: ترتيبات دستورية، وتحديد معايير اختيار رئيس الحكومة والوزراء، وبلورة برنامج عمل يتصدى للاحتياجات العاجلة للمواطنين، وصياغة خطة محكمة دقيقة زمنيا لتنظيم انتخابات نزيهة.
وأمس الثلاثاء، أعلنت آلية أممية إفريقية، بدء محادثات غير مباشرة بين الأطراف السودانية لحل الأزمة السياسية في البلاد خلال هذا الأسبوع.
وأجرت بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم الانتقال في السودان “يونيتامس”، بين 8 يناير/ كانون الثاني و10 فبراير/ شباط 2022، مشاورات أولية مع الأطراف في البلاد؛ لبحث سبل الخروج من الأزمة.
ومنذ 25 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، يشهد السودان احتجاجات رفضا لإجراءات استثنائية اتخذها قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، أبرزها فرض حالة الطوارئ وحل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين.
ومقابل اتهامات له بتنفيذ انقلاب عسكري، قال البرهان، إنه اتخذ هذه الإجراءات لـ”تصحيح مسار المرحلة الانتقالية”، متعهدا بتسليم السلطة إما عبر انتخابات أو توافق وطني.
وقبل إجراءات البرهان الاستثنائية كان السودان يعيش منذ 21 أغسطس/ آب 2019 فترة انتقالية تستمر 53 شهرا وتنتهي بإجراء انتخابات مطلع عام 2024.
وكان من المقرر أن يتقاسم السلطة خلال تلك الفترة كل من الجيش وقوى مدنية وحركات مسلحة وقعت مع الحكومة اتفاقية سلام عام 2020.
أجندة الحوار
وفي 28 فبراير الماضي، نشرت “يونيتامس” ملخصًا لنتيجة المشاورات التي أجرتها حول سبل حل الأزمة، تتضمن تعديل الوثيقة الدستورية وتعيين هياكل السلطة الانتقالية.
وفيما يتعلق بتشكيل مجلس السيادة، قالت البعثة الأممية آنذاك بأن هناك “إجماعا ساحقا على أن أي مجلس سيادة مستقبلي يجب أن يشرف فقط على مهام الفترة الانتقالية من دون تدخل مباشر في عمل السلطة التنفيذية”.
وتنقسم التعديلات المقترحة على مجلس السيادة إلى ثلاث فئات رئيسية: العدد والهيكل والصلاحيات.
وأشارت إلى أن ما يتعلق بالعدد، كان هناك “إجماع ساحق على خفض عدد الأعضاء من 14 إلى رقم أصغر، يراوح بين 3 إلى 8 أعضاء”.
وفي ما يتعلق بالهيكل، دعا الكثيرون إلى عضوية مدنية خالصة بينما دعا آخرون إلى استمرار العضوية المدنية والعسكرية.
وحول السلطة التنفيذية، ذكرت البعثة الأممية أن فكرة أن يكون مجلس الوزراء مؤلفا بالكامل من تكنوقراط مدنيين (أي خبراء غير حزبيين) لا ينتمون إلى حزب المؤتمر الوطني وبحد أدنى 40 من تمثيل النساء، لاقت دعما كبيرا.
وفيما يتعلق بهيكلية الحكومة، ارتأى معظم المتشاورين أن تكون مؤلفة من رئيس وزراء وعدد محدود وثابت من الوزراء، قدره بعض المشاركين في المشاورات الأممية بـ10، فيما اقترح آخرون أن تتألف من 17 وزيرا.
وأشارت البعثة الأممية أن “هناك إجماعا ساحقا على الحاجة الملحة لإنشاء المجلس التشريعي الانتقالي. على أن يكون المجلس بداية عبارة عن هيئة معينة (غير منتخبة) تتألف من مدنيين بنسبة 40 على الأقل من النساء. ويتم مراجعة التوزيع الحالي للمقاعد ليشمل القوى الثورية”.
وتكرر موضوع ضرورة ضمان اختيار أعضاء المجلس التشريعي الانتقالي من القواعد الشعبية لضمان تمثيل أكثر شمولا عبر مختلف المستويات بالدولة، بما في ذلك جميع المحليات البالغ عددها 189.
كما دعا جميع المشاركين إلى المحافظة على إقصاء حزب المؤتمر الوطني (الحاكم سابقًا) الوارد في الوثيقة الدستورية.
الموقف من الحوار
تباينت ردود فعل القوى السياسية في السودان على الاستجابة لدعوة الآلية الثلاثية لبدء اجتماعات تحضيرية من يوم الثلاثاء وحتى الخميس القادم، وفق بيان من أحزاب اطلعت عليها الأناضول.
ردود الفعل هذه جاءت قبل أن تعلن الآلية مساء الثلاثاء انطلاق الحوار الوطني خلال هذا الأسبوع.
والاثنين رحبت “الجبهة الثورية” السودانية، بقرب انطلاق الحوار الوطني، فيما أكد حزب الأمة القومي، الأحد، موقفه الثابت بالترحيب بأي مسعىً جاد للحل السلمي، وتجديد دعمه للآلية الثلاثية والملتقى التحضيري المقترح.
والأحد، أكدت قوى إعلان الحرية والتغيير، الائتلاف الحاكم سابقا، أن “العملية السياسية برعاية الآلية الثلاثية يجب أن تحقق مطالب قوى الثورة بإنهاء الانقلاب”.
وأعربت عن التزامها بـ”التعاطي الإيجابي مع العملية السياسية، ويجب إجراؤها أمام الشعب وقوى الثورة كافة في شفافية تامة”، مشيرة إلى تكوين لجنة لصياغة موقف “الحرية والتغيير” من العملية السياسية.
ويشترط الائتلاف إجراءات لتهيئة المناخ تشمل “إطلاق سراح المعتقلين، وإلغاء حالة الطوارئ، ووقف العنف ضد المتظاهرين”.
والسبت، قال حزب “المؤتمر السوداني” أحد مكونات “الحرية والتغيير”، إنه “يرفض عقد اجتماع تحضيري ويجدد موقفه الثابت برفض الانقلاب العسكري، وعدم التصالح معه أو الاستسلام له كأمرٍ واقع”.
كما رفض حزب البعث العربي الاشتراكي، ضمن قوى الحرية والتغيير، المشاركة في الاجتماع التحضيري بعد أن وصلته دعوة من الآلية الثلاثية.
والاثنين، دعا الحزب الشيوعي السوداني الأحزاب والمنظمات المدنية إلى عدم المشاركة ومقاطعة اجتماعات التسوية التي تدعو لها الآلية الثلاثية المشتركة، وإعلان مواقفها بالجدية والوضوح اللازمين.
ومنذ نهاية أبريل/ نيسان الماضي، أشارت الآلية الثلاثية أن دعوة الحوار تشمل كل القوى السياسية عدا حزب المؤتمر الوطني، بينما هنالك جهات ما زالت تدرس المشاركة فيه منها حزبا المؤتمر الشعبي وحركة الإصلاح الآن.
حل سوداني
وللتعليق على تلك التطورات قال محمد الحسن الصوفي رئيس تجمع الوفاق السوداني للأناضول: “نحترم العالم ونحترم الخارج ونحن اصدقاء مع العالم والسودان عضو في الأمم المتحدة ولكننا نريد ان يكون الحل سودانيا سودانيا وليس نابعاً من فئة(لم يمسها) تطبخه بالليل”.
من جانبه قال علي حامد الأمين السياسي لحزب “الغد الديموقراطي” للأناضول “على الذين ينادون بإقصاء المكون العسكري بشكل كامل هذا غير منطقي لأن المكون العسكري مهم في المعادلة لأننا حققنا سلاما هشا في جوبا(عاصمة جنوب السودان) وهناك حركتان لم توقع علي اتفاق السلام – عبد العزيز الحلو – وعبدالواحد محمد نور”.
وتابع “كما أنّ لدينا مشاكل أمنية وحدودية تتطلب أن يكون المكون العسكري موجودا في المعادلة السياسية”.
بدوره، أشار المحلل السياسي عمر الطيب أبو روف إلى أنه “من الضروري جدا حتى تحقق الثورة السودانية أهدافها أن تقبل القوى السياسية بالحوار لتحقيق شعارات الثورة في الحرية والسلام والعدالة”.
وأضاف في حديثه للأناضول: “المجتمع الدولي له حضور بممثل الأمين العام للأمم المتحدة، فولكر بيرتيس، ولكن ينبغي أن نعلم طبيعة الصراع السوداني وأن ننتبه تماما لشكل التجاذبات في طبيعة المهام التي يقوم بها فولكر”.
وأردف: “الثورة السودانية وضعت اشتراطات من باب تحسين الأداء المستقبلي، أنت لا تستطيع أن تمنع منعا تاما أية فعاليات سودانية بألا يكون لها وجود”.
واستدرك: “الاشتراطات ينبغي أن تكون حول مطلوبات الحوار وضوابطه والالتزام بها”، مؤكدا أن “العزل المطلق غير سليم في إقصاء مكونات سياسية عن الساحة”.
كما أوضح أن “وقف الدماء واستكمال السلام من أهم مراحل الحوار” مشيرا إلى “غياب حركتين مؤثرتين عن المشهد السوداني وهما الحركة الشعبية قطاع الشمال بقيادة عبد العزيز الحلو، وحركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد نور”.