الخرطوم.. معاناة متعددة وخوف من مجاعة (تقرير)
** سكان من العاصمة السودانية للأناضول: - منذ بدء الحرب بين الجيش و"الدعم السريع" أصبحت المواد الغذائية شحيحة - المعاناة الأشد قسوة هي صعوبة الحصول على الطعام والخبز - ندرة السلع الضرورية بالأسواق القليلة التي تعمل جزئيا داخل الأحياء
الخرطوم – صقر الجديان
معاناة بأوجه متعددة تشهدها العاصمة السودانية الخرطوم منذ اندلاع القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع قبل أكثر من أربعة شهور.
إلا أن المعاناة الأشد قسوة هي صعوبة الحصول على الطعام والخبز في العاصمة التي يعيش سكانها تحت قصف المدافع والطيران وطلقات الرصاص من الأسلحة الخفيفة.
ومنذ منتصف أبريل/ نيسان الماضي، يشهد السودان قتالا في الخرطوم ومدن أخرى بين الجيش و”الدعم السريع” ما خلَّف آلاف القتلى، معظمهم مدنيون، وأكثر من 4.2 ملايين نازح ولاجئ في دول الجوار، فضلا عن تفاقم الأوضاع الإنسانية في مناطق الاشتباكات، وفقا لوزارة الصحة والمنظمة الدولية للهجرة.
نحو 71 في المئة من سكان الخرطوم تركوا منازلهم من جملة النازحين واللاجئين من مدن أخرى إلى دول الجوار والذين تجاوز عددهم 4.2 ملايين شخص بحسب أحدث إحصائية لمنظمة الهجرة الدولية.
ومن بقي من سكان المدينة التي يقطنها بين 10 ـ 12 مليون نسمة قبل الحرب بحسب إحصائيات غير رسمية، يجدون معاناة في الحصول على الطعام والخبز والسلع الاستهلاكية الأخرى.
كما أن غياب خدمات الكهرباء والمياه والغاز من الأحياء لأيام فاقم معاناة السكان الذين تمسكوا بالبقاء في المدينة.
** شح البضائع وارتفاع الأسعار
المواطن عبد العزيز يوسف الذي يسكن مدينة بحري بالعاصمة، قال إن المواد الغذائية “أصبحت شحيحة وأسعارها مضاعفة نتيجة لتوقف المصانع منذ اندلاع الحرب”.
وأضاف للأناضول: “توجد ندرة في اللحوم والخضراوات والفواكه خاصة الطماطم والبطاطس والتفاح والموز”.
وأردف يوسف: “المتاجر الكبيرة أصبحت شبه خالية من السلع الضرورية ومع استمرار الحرب يمكن أن يجوع الناس”.
وفي 2 أغسطس/ آب الجاري، قالت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة “فاو”، إن أكثر من 20 مليون شخص بالسودان يعانون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد.
وذكرت في بيان حينها، أن الولايات الأكثر تضررا هي تلك التي تعاني “النزاع النشط”، بما في ذلك الخرطوم (وسط) وجنوب وغرب كردفان (جنوب) ووسط وشرق وجنوب وغرب دارفور (غرب)، حيث “يواجه أكثر من نصف السكان الجوع الحاد”.
ووصفت المنظمة الأممية الوضع في السودان بأنه “حرج بلا شك”، خصوصا مع “قرابة 6.3 ملايين شخص في مرحلة الطوارئ من مراحل الجوع الحاد”.
** إيقاف الحرب
عفاف مصطفى وهي من سكان مدينة الخرطوم، قالت للأناضول إن “الحرب أدت إلى شح المواد الغذائية الضرورية لاستمرار الحياة”.
وأوضحت أن “الأسواق القليلة التي تعمل بشكل جزئي داخل الأحياء تشهد ندرة مروعة في السلع الضرورية كاللحوم والزيوت والفواكه والخضراوات”.
وأردفت مصطفى: “الندرة وصلت إلى صابون الغسيل، وهذا يعني صعوبة في الحياة”.
وتابعت: “نتمنى إيقاف الحرب لتعود الحياة إلى طبيعتها”.
وأطلقت غرفة طوارئ الحارة السادسة بمنطقة الثورة في أم درمان غربي العاصمة مناشدة عاجلة، في 10 أغسطس الجاري، “لدعمها بأغذية وتجهيزات للنازحين من أحياء أم درمان القديمة”.
و دعت الغرفة في نداء إنساني عاجل، إلى “تقديم الدعم العيني والمادي للنازحين إلى الحي المتواجدين في مراكز إيواء (في مدارس المنطقة).
وحددت غرفة الطوارئ الاحتياجات بـ “مراتب، وماء، ووجبات طعام، ولبن أطفال، واحتياجات أخرى”.
وكانت أحياء مدينة أم درمان القديمة شهدت خلال اليومين الماضيين اشتباكات عنيفة بكل أنواع الأسلحة، أجبرت سكانها على مغادرتها إلى مناطق أكثر آمنا داخل المدينة.
وتكونت غرف الطوارئ في الأحياء من الناشطين في لجان المقاومة والمتطوعين لتقديم الخدمات الطبية َوالمساعدات للمواطنين في الأحياء.
** خوف من مجاعة
المواطن أنس عيسى، وهو من سكان مدينة أم درمان، قال إن البلاد “تعاني نقصا حادا في الغذاء جراء توقف المصانع بسبب الحرب”.
وأشار عيسى في حديثه للأناضول، إلى أنهم “يعانون جراء نقص الغذاء ما أدى إلى مضاعفة المعاناة”.
وأضاف: “أصبحنا نشتري السلع التي تأتي من دول الجوار كالمشروبات الغازية والصابون والزيوت، لكن مع إغلاق الحدود ربما تدخل البلاد في مجاعة”.
وفي 29 يوليو/ تموز الماضي، طالبت “لجان مقاومة الدناقلة” بمدينة بحري شمالي الخرطوم، بفتح ممرات آمنة لمدينة بحري، وأحياء وسط وجنوب بحري لعدم توفر المواد التموينية للسكان المتواجدين في تلك المناطق، وانقطاع الكهرباء والمياه للشهر الرابع على التوالي.
وقالت في بيان نشرته عبر حسابها على فيسبوك: “يعيش سكان هذه المناطق في وضع مأساوي جداً”.
وتكونت “لجان المقاومة” في المدن والقرى عقب اندلاع احتجاجات 19 ديسمبر/ كانون الأول 2018، وكان لها الدور الأكبر في إدارة المظاهرات بالأحياء والمدن حتى عزلت قيادة الجيش الرئيس آنذاك عمر البشير في 11 أبريل 2019.