الدبلوماسية المغربية تخدم حوار الليبيين .. وساطة موثوقة من أجل نبذ التوترات
الرباط – صقر الجديان
حصدت الجهود المغربية لإنجاح الحوار الليبي في إطار اللجنة المشتركة “6+6” إشادة وترحيباً دوليين واسعين، إذ تقاطرت منذ إعلان اتفاق اللجنة على حل توافقي بشأن القوانين المنظمة للانتخابات الرئاسية والبرلمانية بيانات وبلاغات حملت عبارات الشكر والتثمين من منظمات ومؤسسات دولية، أهمها الأمم المتّحدة وبعثتها للدعم بليبيا، وجامعة الدول العربية، واتحاد المغرب العربي، ومنظمة التعاون الإسلامي.
وكانت اللجنة المشتركة (6+6) أعلنت، الأسبوع الماضي، عن توافق أعضائها بشأن القوانين المنظمة للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقرر إجراؤها نهاية السنة، وذلك بعد نحو أسبوعين من الاجتماعات ببوزنيقة التي تأتي امتدادا لسلسلة لقاءات احتضنتها المملكة، وجمعت مختلف الأطراف الليبية من أجل تعميق النقاش حول السبل الكفيلة بتسوية الأزمة في هذا البلد، وفق مقاربة تقوم على توفير الفضاء المناسب من أجل الحوار والتشاور البناء.
وأجمعت المؤسسات والمنظمات الدولية على دور المغرب، عبر احتضان هذه المحادثات، في تحقيق انتقال سياسي سلمي في ليبيا من خلال العملية الانتخابية، وهو ما اعتبره مراقبون “تعزيزاً لموقعه وموقفه كباحث وداعم للسلام على الصعيدين المغاربي والإفريقي، رغم محاولات جرّه نحو خلق توتّرات في المنطقة، عبر دعم ميليشيات مسلّحة في أقاليمه الجنوبية”.
وساطة موثوقة
اعتبر عبد العالي بنلياس، أستاذ القانون العام بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي بالرباط، أن “المغرب أكد من خلال استضافته جلسات الحوار بين الأطراف السياسية المتصارعة على السلطة في ليبيا أنه وسيط موثوق به ومحل ثقة في الأوساط السياسية الليبية بمختلف أطيافها وخلفياتها وأجندتها”.
وأشار بنلياس، ضمن تصريح لهسبريس، إلى أن ذلك “راجع بالأساس إلى النهج السياسي والدبلوماسي الذي اختاره المغرب منذ اندلاع الصراع على السلطة في هذا البلد المغاربي، وهو الاختيار القائم على البحث عن السلم والسلام وضمان الانتقال والتداول على السلطة بالطرق السلمية، والبقاء على مسافة واحدة بين الأطراف المتصارعة”.
كما أكد الخبير في العلاقات الدولية أن “المغرب يشدّد على أن الحل “ليبي-ليبي”، وأن دوره التقريب بين وجهات النظر المختلفة، ما يسمح بتجاوز حالة الجمود التي تعرفها العملية السياسية، والمساعدة في تذويب الخلافات وتقديم مختلف أنواع الدعم والمساعدة التقنية والسياسية والقانونية والدبلوماسية لوضع الآليات المناسبة لانتخاب رئاسة الدولة والسلطة التشريعية، باعتبارهما أحد المداخل الأساسية والمركزية لإحلال السلام بهذه الدولة الشقيقة”.
ومن ثم، يضيف أستاذ العلوم السياسية، “فإن مخرجات لقاء بوزنيقة والترحيب الدولي بها هو اعتراف من طرف المجتمع الدولي بالدور الذي يلعبه المغرب في إيجاد أرضية للتوافق بين الأطراف المتصارعة، وفي قدرته على إقناعها بالجلوس إلى مائدة واحدة للحوار والتفاوض للبحث عن السبل الكفيلة بتحقيق المصالحة والاستقرار والأمن”.
نبذ التوترات
يرى خالد شيات، أستاذ العلاقات الدولية بكلية الحقوق بوجدة، أن “المغرب لم تكن لديه أهداف ولا غايات أُحادية أو مصلحية، بل إن انخراطه في هذه المحادثات الليبية كان لاعتبارات ذات طبيعة حضارية، باعتبار ليبيا تنتمي إلى الفضاء المغاربي الإسلامي العربي والأمازيغي والإفريقي، ويرى في استقرار ليبيا استقرار المغرب والمنطقة”.
وأكد شيات، في تصريح لهسبريس، أن المغرب “ساهم في أكثر من مناسبة في بحث السلام في المنطقة، سواء في إطار الأمم المتحدة أو منظمة الاتحاد الإفريقي أو على المستوى الثنائي مع عدة بلدان في المنطقة، لاسيما في إفريقيا”.
ويرى الخبير في العلاقات الدولية أن المغرب “يحمل أفكاراً على المستوى الدولي تتعارض مع أفكار عدة أطراف دولية تحاول خلق التوتر في المنطقة، سواء لغايات مصلحية كاستنزاف ثروات الدول غير المستقرة وذات الأنظمة غير الديمقراطية، أو لغايات سياسية كمحاولة فرض دول ذات قوة اقتصادية أجندتها على باقي الدول”.