أخبار السياسة العالمية

السفير المغربي في السودان : عيد العرش مناسبة للاحتفاء بمسيرة ملكية رسخت الإصلاح والتنمية في المغرب

بورتسودان – صقر الجديان

تحتفل المملكة المغربية هذه الأيام بالذكرى السادسة والعشرين لاعتلاء صاحب الجلالة الملك محمد السادس عرش أجداده الميامين، وخلال هذه الفترة شهدت المغرب تحت القيادة الرشيدة للملك محمد السادس أوراشا ومشاريع واصلاحات في مختلف المجالات ساهمت في نهضة المملكة المغربية سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وعززت من استقرارها رغم التحولات الإقليمية والدولية المتسمة بالاضطربات والتحديات.

ومن باب أهمية متابعة ما تم إنجازه في هذه المناسبة المجيدة أجرينا حوارا مع الدكتور محمد ماء العينين سفير المملكة المغربية لدى السودان، الذي أدلى لنا بالتصريح التالي :

“لقد استطاعت المملكة المغربية خلال ربع قرن من حكم جلالة الملك محمد السادس نصره الله من توظيف عدد من المؤهلات والمقومات التي لا تمتلكها دول أخرى، فإننا نسلط الضوء على هذا البلد الذي حافظ على أصالة وتقاليده المملكة كبلد متعدد الروافد، معتنيا بتراثه الأصيل.

حيث رسخ جلالته الهوية الدينية واللغوية والثقافية وفق نهج معتدل ومتزن، كما حرص جلالة الملك على اتباع رؤية متعددة الأبعاد هادفة وبراغماتية مكنت المغرب من التموقع الإقليمي والدولي،عبر ترسيخ سياسة الإصلاح والتغيير وربط المسؤولية بالمحاسبة ، اعتمادا على نموذج تنموي متميز يضع المملكة في مصاف الدول الصاعدة.”

• في نظرك السيد السفير كيف تعامل جلالة الملك مع القضايا الاجتماعية ؟

منذ أن تربع جلالة الملك محمد السادس، على العرش شهد المغرب مرحلة جديدة للتعاطي مع القضايا الإجتماعية، فكان الإعلان عن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في 18 ماي 2005، البداية لهذا التعاطي من خلال النهوض بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية ومحاربة الفوارق الطبقية والمجالية.

وقد واصل جلالته بكل وعي ومسؤولية اهتمامه بهذا القطاع من خلال تعزيز منظومة حقوق الإنسان في جو مصالحة تتويجا لمسار طوعي في عقد فريد حقوقي متمثل في اعتماد قدرة الأسرة التي تهتم بالنقاش المجتمعي اليومي الذي ننشده اليوم في بلادنا هو نقاش بشكل جاد لقانون مدونة الأسرة المغربية من خلال.

هذه المقاربة الحقوقية الرائدة رصدت احترام وترسيخ روح المواطنة التي تكرست بمدونة الأسرة ودسترة المؤسسات الحقوقية في دستور 2011.

في نظركم السيد السفير هل تقدم لنا لمحة ولو بايجاز عن جوانب من الإصلاحات التي قام بها جلالة الملك محمد السادس في المجال الديني باعتباره أميرا للمؤمنين؟

لقد إنخرطت المملكة المغربية، بموقعها المتميز كملتقى للحضارات وللثقافات، وبتاريخها الساطع بقيم التسامح والانفتاح والتعارف ، منذ أزيد من عقدين، تحت قيادة أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، في مسيرة وطنية رائدة لإصلاح الحقل الديني، يبرهن عن تفرد التجربة المغربية في ظل تحولات إقليمية ودولية مضطربة.

وقد انطلقت هذه المسيرة قبل 20 سنة ، أخص بالذكر إنشاء معهد محمد السادس لتكوين الأئمة المرشدين والمرشدات، تأسيس مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة، استحداث معهد محمد السادس للقراءات والدراسة القرآنية، جائزة محمد السادس للطفل الحافظ للقرآن الكريم، وغيرها من المنجزات التي تترجم لنا حقيقة تجسيد إمارة المؤمنين في أبهى مظاهرها، واضعا نصب أعينه، ضرورة وأهمية الحفاظ على الوحدة المذهبية للأمة، وأمنها الروحي المتجسد في سيادة المذهب المالكي والعقيدة الأشعرية.

• ربط جلالة الملك في خطبه السامية بين خطط الإصلاح للاقتصادي المهيكل وتدبير الماء كيف ذلك ؟

وعلى الصعيد الاقتصادي أولا شهد المغرب تطويرًا ملحوظًا ، حيث تم تعزيز الاستثمارات الاجنبية وتنويع الاقتصاد. بفضل رؤية جلالته، والتي أدخلت المغرب إلى مصاف الدول الصاعدة، وذلك بهدف رفع جودة وخدمت العديد من القطاعات ذات الصلة بالحياة اليومية للمواطنين، لضمان وحماية الأمن الغذائي.

كما ساهم مخطط الإقلاع الصناعي، الذي يرتكز على مقاربة مندمجة، بما فيها توفير التكوين المهني المناسب، مدعوما بالنقلة النوعية، التي حققها القطاع التجاري والمالي، والاقتصاد الرقمي، في تعزيز مكانة الاقتصاد الوطني، على الصعيد القاري.

أما بالنسبة للشق الثاني من سؤالكم، فإن إشكالية الماء التي وإن كانت تزداد حدة بسبب الجفاف وتغيرات المناخ، مما أثر على الاحتياطات المائية وجعل الوضع المائي يعرف هشاشة وتعقيد، اتخذ المغرب خطوات عملية عملاقة لمواجهة هذه المعضلة، وذلك باتخاذ إجراءات استعجالية ومبتكرة لتجنيب البلاد أزمة الماء، مع ضرورة الالتزام بالبرنامج الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي 2020-2027.

مع العمل على اعتماد برامج طموحة في مجال معالجة المياه وإعادة استعمالها لتغطية 80 في المائة من حاجيات السقي إلى جانب الصناعة على مستوى التراب الوطني، ويتجلى ذلك في إطلاق العديد من البرامج والمشاريع المائية الكبرى، مثل إنشاء السدود، والطرق السيارة المائية لربط الأحواض المائية، من أجل التغلب على هذه التحديات.

• ما تقييمك للانجازات التي حققتها المملكة المغربية الأقاليم الجنوبية.؟

شكلت الأقاليم الجنوبية صلب اهتمام جلالته منذ اعتلائه العرش، حيث أعطى عاهلنا المفدى انطلاقة تطوير البنيات التحتية وتعزيز الاستثمار في القطاعات الاقتصادية الحيوية كالصيد البحري والسياحة.

فالمغرب بقيادة جلالةالملك مستمر في مشروع استكمال تنمية المشاريع الكبرى في المناطق الجنوبية واستكشاف فرص الاستثمار من خلال تأهيل الواجهة الأطلسية”، كما أولى جلالته أيده الله المسالة الجهوية في تلك المناطق بأهمية كبيرة، لذلك قرر جلالته أن يمنح لسكانها مجال تدبير شؤونهم المحلية في نطاق الجهوية الموسعة لما يتمتع به المغرب من خصوصيات نابعة من تشكيل طبيعته الثرية وتكوين ثقافته الغنية داخل إطار من التعدد المتآلف والتنوع المتناسق.

• إلى أي حد استطاعت السياسة الخارجية المغربية في عهد جلالة الملك ربط علاقات متميزة مع محيطها الإفريقي والدولي؟

على المستوى الافريقي جعل جلالة الملك حفظه الله ، من البعد الافريقي محورا استراتيجيا في توجهاته، حيث تتطلع المملكة المغربية وفق الرؤية الدبلوماسية الملكية في إفريقيا العمل من أجل سياسة إفريقية “ملتزمة وموحدة”.

كما يساهم المغرب بشكل كبير في مشاريع التنمية الاجتماعية والبنية التحتية في دول غرب إفريقيا والساحل. وقد رسخ المغرب مكانته كفاعل دبلوماسي مؤثر داخل المنظمة، ويواصل اليوم الدفع نحو حلول قائمة على التفاوض والتكامل الإفريقي ويبرز المغرب مجددًا كوسيط يسعى إلى توحيد الصف الإفريقي، بمرجعية ترتهن بالدفاع المستميت على القضايا الجوهرية الافريقية العادلة وعلى رأسها التنمية المستدامة والأمن والسلام.

وتعتبر المبادرة الملكية الأطلسية التي أطلقها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، لتعزيز ولوج دول الساحل الافريقي إلى المحيط الأطلسي، وهي “رؤية طموحة ومبتكرة” لجعل منطقة الساحل فضاء إقليميا للسلم والاستقرار والتنمية المشتركة.

أما على الصعيد الدولي لقد عززت الدبلوماسية الملكية دور المغرب في خريطة التأثير الدولي، واصل جلالة الملك محمد السادس أعزه الله قيادة المغرب من خلال توجيهاته ومبادراته الاستراتيجية التي عززت صورة المملكة وإشعاعها الدولي، وصانت مكتسبات المملكة المغربية في العديد من القضايا والملفات المتعلقة بحفظ السلام في افريقيا وقد استحق ذلك تنويه أممي وأممي وافريقي بجهود المغرب في ذلك المسعى النبيل.

كما أن للمغرب مبادرات ذات بعد دولي هام ونخص بالذكر هنا احتضان المغرب سنة 2016 للمؤتمر الثاني والعشرين للأطراف في الاتفاقية الإطار للأمم المتحدة حول التغيرات المناخية (كوب22) الذي علامة فارقة في مسار انخراط المغرب إقليميا ودوليا في خدمة قضايا البيئة والتنمية المستدامة.

و استضافة المملكة المغربية للمؤتمر الدولي حول الهجرة سنة 2018 والذي يعد اعترافا بالدور الريادي الذي تلعبه المملكة في تدبير تدفقات الهجرة على الصعيد العالمي بشكل عام، لاسيما في إفريقيا وفي الفضاء الأورومتوسطي.

• حققت المملكة المغربية مكتسبات وانتصارات في قضية الصحراء المغربية كيف لعبت الدبلوماسية الملكية دورا في ذلك؟

أن الزخم الذي باتت تعرفه قضية الصحراء المغربية هو نتيجة للدبلوماسية الملكية التي يشرف على تنفيذها الملك محمد السادس شخصيا، وهذا النجاح دفع العديد الدول الكبرى، مثل الولايات المتحدة وفرنسا، إضافة إلى العديد من الدول الأخرى وعددها يفوق 123 دولة، أكدت موقفها الثابت في دعم السيادة المغربية على الأقاليم الجنوبية، ذلك أن كل هذه الدول أصبحت تعتبر الحكم الذاتي كأساس وحيد مستقبلي للنزاع الإقليمي المفتعل.

ما يعكس نجاح الدبلوماسية المغربية في كسب الدعم الدولي وتعزيز موقف المغرب في المحافل الدولية. لقد خلق الملك محمد السادس زخما دوليا كبيرا بفضل مبادراته الدبلوماسية المستمرة والاهتمام الخاص الذي يوليه للمسائل التنموية في الأقاليم الجنوبية، وهذه الدينامية جعلت المغرب يتمتع بمكانة قوية في الساحة الدولية، وهو ما ينعكس في دعم إقليمي ودولي واسع لمغربية الصحراء من قبل العديد من الدول والمنظمات الدولية.

• السيد السفير، ما تقييمكم للوضع في السودان وللعلاقات بين البلدين؟

بفضل الله لقد تمكنا من تعزيز أواصر الاخوة والصداقة المتينة بين المملكة المغربية وجمهورية السودان، والرغبة في تعزيزها لدى مسؤولي البلدين الشقيقين، ومن ذلك ما تم التعبير عن خلال اللقاء الذي أجريت مع السيد كامل ادريس رئيس الوزراء وقد أكد لي أهمية الدفع بالعلاقات المشتركة والتعاون الثنائي بين البلدين، مشيدا بدور المغرب بقيادة جلالة الملك حفظه الله في التضامن مع السودان ودعمه في المحافل الدولية، وخلال اللقاء جددت التأكيد على أن المملكة المغربية ترى أن الأزمة السودانية يجب أن تحل في إطارها السوداني السوداني بما يحفظ وحدة السودان وسلامة أراضيه، كما أعربت لسيادته عن أمل المغرب في نجاح مساعيه لتشكيل حكومة تحقق تطلعات الشعب السوداني.

ختم السيد السفير حديثه قائلا:
يمكن القول إن ربع قرن من حكم جلالة الملك محمد السادس نصره الله، تعد مسيرة حافلة بالانجازات وإلاصلاحات والاوراش والتي لا يمكن الوقوف عليها كلها في هذا الحوار، وبفضل الرؤية الطموحة لعاهل البلاد المفدى يسير المغرب بخطى ثابتة نحو التقدم والاستقرار، تضع الإنسان والتنمية المستدامة في صلب اهتماماتها.

ويظل عيد العرش لحظة مهيبة يحتفل فيها جميع المغاربة معا بكل هذه النجاحات، التي تعكس نضج مشروع اجتماعي وضع أسسه وقاده ملك ملهم ذو رؤية ثاقبة، منتبه دائما لشعبه وانشغالاته.

وختم السيد السفير حواره معنا مبتهلا إلى الله المولى عز وجل أن يحفظ أمير المؤمنين وسبط النبي الأمين بما حفظ به الذكر الحكيم وأن ينعم على السودان الشقيق حكومة وشعبا بالسلام والأمن والأمان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى