السودان يتخوف من المرحلة الثانية من ملء سد النهضة
الخرطوم – صقر الجديان
عبر السودان عن مخاوف جدية من تكرار كارثة الفيضانات التي اجتاحت البلاد في يوليو بعد الملء الأولي لسد النهضة إذا ما مضت إثيوبيا في خططها الرامية للبدء في المرحلة الثانية لملء بحيرة الشد خلال فترة الخريف المقبل التي تبدأ في مايو وتنتهي في أكتوبر.
وشدد ياسر عباس وزير الري والموارد المائية في رسالة بعث بها الجمعة لوزيرة التعاون لجنوب إفريقيا، رئيسة الدورة الحالية للاتحاد الأفريقي على أن السودان لا يحتمل ولا يتحمل المضي في مفاوضات لا نهاية لها ولا تنتهي بنتائج وحلول ذات قيمة.
واعتبر عباس أن الأرضية التي يتسند إليها في العودة لطاولة المفاوضات هي حدوث تغيير في منهجية التفاوض التي طالب بها عبر إعطاء دور لخبراء الاتحاد الأفريقي والتي تجلت في المذكرة التفاهمية التي أعدت من قبلهم، مما حدا بالسودان للمشاركة في اجتماع 3 يناير 2021، على مستوى وزراء الخارجية والري للدول الثلاث.
وأشار عباس إلى أن المجتمعين اتفقوا على عقد اجتماعات ثنائية اختيارية بين الخبراء وكل من الدول الثلاث على حده لمناقشة وتحديد نقاط الاختلاف تحضيراً لمسودة ثانية للاتفاق.
وأوضح الوزير السوداني أن بلاده تقدمت في الثالث من يناير بطلب لترتيب اجتماع ثنائي مع خبراء الاتحاد الإفريقي تحضيرا للاجتماع الوزاري الثلاثي الذي اتفق على عقده الأحد، لكنها فوجئت بدلاً عن ذلك بدعوة لاستئناف التفاوض الثلاثي مما يؤدي لتوسع شقة الخلاف بين الأطراف.
وكان وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوشن قد ناقش خلال زيارته للخرطوم الأربعاء العقبات التي تعترض مفاوضات سد النهضة وأجرى اجتماعا مع وزير الري السوداني، في ظل جهود تبذلها واشنطن لاستعادة دورها في المفاوضات بعد استضافتها ثلاث جولات سابقة فشلت فيها في التوصل إلى اتفاق نهائي بين الأطراف الثلاثة مما أدى إلى نقل الملف إلى الاتحاد الأفريقي الذي تشهد جهوده أيضا تعثرا واضحا.
واتفق منوشين مع الوزير السوداني على ضرورة التوصل لاتفاق قانوني عادل حول ملء وتشغيل سد النهضة الأثيوبي.
وقال وزير الخارجية السوداني الأسبق إبراهيم طه ايوب لموقع سكاي نيوز عربية، إن الولايات المتحدة سعت للاستفادة من زيارة منوشين لاستعادة دورها في مفاوضات سد النهضة الإثيوبي بعد استضافتها ثلاث جولات سابقة فشلت فيها في التوصل إلى اتفاق نهائي بين الأطراف الثلاثة.
ورأى ايوب أن السودان فشل حتى الآن في لعب دور مؤثر فى مفاوضات سد النهضة حيث بدا موقفه متذبذبا مرة بالإيحاء بأنه يناصر الموقف الإثيوبي ومرة أخرى وكأن هذا الموقف مناصر لمصر، ففقد بالتالي دوره المؤثر صاحب حق الترجيح في فض الاشتباك.
وواجهت مفاوضات سد النهضة، التي ينخرط فيها السودان مع إثيوبيا ومصر منذ العام 2011، خلافات مفاهيمية وقانونية، ويتمسك السودان بضرورة التوصل إلى اتفاق ملزم وتشكيل آلية تنسيق تمنع أي أضرار قد تلحق بسد الرصيرص السوداني الواقع على بعد أقل من 115 كيلومترا من السد الإثيوبي وذلك نظرا للفارق الكبير في الطاقة التخزينية بين السدين حيث تبلغ سعة الأخير 74 مليار متر مكعب مقابل 6 مليارات للأول.
ويطالب السودان بخطوات عملية تقود لاتفاق ملزم حول السد الذي تبنيه إثيوبيا قرب الحدود السودانية بتكلفة تقدر بنحو 5 مليارات دولار، ويتوقع أن يكون عند اكتماله أكبر سد كهرومائي في القارة الأفريقية بطاقة توليد تصل إلى 6 آلاف ميغاواط.
ويبدي السودان مخاوف كبيرة من الأضرار التي يمكن أن تلحق به في ظل عدم وجود اتفاق ملزم وآلية تنسيق محكمة لضبط عمليات ملء البحيرة.
وفي هذا السياق عبر وزير الري السوداني عن قلق بلاده البالغ من إعلان وزير الري والكهرباء الإثيوبي عن نية بلاده المضي قدماً في تنفيذ الملء للعام الثاني البالغ 13.5 مليار متر مكعب من المياه في شهر يوليو المقبل دون إخطار مسبق ودون توقيع إتفاق أو تبادل للمعلومات مع خزان الرصيرص، مما يعتبر تهديداً مباشراً لسد الرصيرص ولحياة القاطنين على ضفاف النيل، مشيرا إلى أنه لا يخفى على أحد الأثر السلبي الذي أحدثه الملء الأول في يوليو 2020″ بحوالي 5 مليارات متر مكعب” بالتسبب في مشاكل في محطات مياه الشرب بالعاصمة الخرطوم.
وتسبب الملء الأولي المفاجئ لبحيرة سد النهضة في نهاية مايو الماضي بمقدار 5 مليارات متر مكعب في إرباك خطط تشغيل محطات ضخ مياه الشرب في البلاد مما أدى إلى تعطل عدد كبير منها، كما رأى خبراء أن الارتباك الذي حدث في خزان الرصيرص بعد الملء الأولي لبحيرة سد النهضة كان أحد الاسباب التي فافمت موجة الفيضانات التي اجتاحت 16 من 18 ولاية سودانية والتي أدت إلى خسائر كارثية تضرر منها قرابة المليون شخص وقتل نحو 110 أشخاص كما تعرضت مئات المساكن لدمار كلي أو جزئي.