الصومالي أبو منصور.. من الرجل الثاني بحركة الشباب إلى وزير الأوقاف (تقرير)
في خطوة مفاجئة ضمن تشكيلة حكومية أعلنها رئيس الوزراء حمزة عبدي بري الثلاثاء بانتظار نيل ثقة البرلمان
مقديشو – صقر الجديان
فاجأ رئيس الوزراء الصومالي حمزة عبدي بري، الثلاثاء، الكثيرين داخل بلاده وخارجها بترشيحه مختار ربو علي (المعروف بأبي منصور) وزيرا للأوقاف والشؤون الدينية ضمن تشكيلة حكومية جديدة تضم نحو 70 عضوا وتنتظر نيل ثقة البرلمان.
أبو منصور (52 عاما) كان الرجل الثاني في حركة “الشباب” الصومالية المسلحة المتمردة، وقضى فترة في السجن وإقامة جبرية منزلية، وقوبلت عملية اعتقاله من جانب حكومة رئيس الوزراء الأسبق حسن علي خيري باحتجاجات شعبية.
ولد أبو منصور في 10 أكتوبر/ تشرين الأول 1969 بمدينة حذر حاضرة إقليم بكول جنوبي الصومال، وتلقى تعليمه الأساسي في البلاد، ثم انتقل في تسعينيات القرن الماضي إلى السودان، حيث درس في كلية الشريعة والقانون بجامعة الخرطوم.
** مع “القاعدة”
وأبو منصور من أبرز الجهاديين السلفيين الذين تلقوا تدريباتهم على أيدي قياديين من تنظيم “القاعدة” في أفغانستان خلال تسعينيات القرن العشرين.
وكان عضوا بارز في اتحاد المحاكم الإسلامية الذي أُسس عام 2005، وخاض معارك دامية ضد أمراء الحرب الذين كانوا يتلقون دعما من الولايات المتحدة ودول الجوار لمكافحة ما يسمى “الإرهاب” عامي 2004 و2005.
وفي 2007، بعد انهيار المحاكم الإسلامية إبان التوغل الإثيوبي عام 2006، ظهر أبو منصور في تقرير تلفزيوني معلنا مع زميله آدم حاشي عيرو تأسيس حركة “الشباب”، وهي تابعة منذ سنوات لتنظيم “القاعدة” وتقاتل القوات الحكومية حتى اليوم.
وأصبح عيرو زعيما للحركة قبل أن يُقتل في غارة أمريكية بمدينة طوسمريب (وسط) عام 2008.
تقلد أبو منصور مناصب عديدة داخل الحركة أبرزها المتحدث باسمها بين 2007 و2009، ونائب أميرها عام 2010، ثم اندلعت خلافات داخل الحركة وخاصة مع أميرها الراحل أحمد عبدي جوداني.
وفي 2012 رصدت الإدارة الأمريكية مكافأة قدرها 5 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى اعتقال أو اغتيال أبو منصور.
** بداية التحول
مطلع 2013، أعلن أبو منصور انشقاقه عن حركة “الشباب” مع نحو 400 مقاتل بعد ثلاثة أيام من مواجهات مع مسلحين من الحركة سعوا إلى اغتياله.
وأعلنت واشنطن، في مايو/ أيار 2017، شطب اسمه من قائمة المطلوبين بتهمة الإرهاب، ثم سلّم نفسه إلى الحكومة الصومالية في العام نفسه بعد مفاوضات طويلة.
وفي 2018، أعلن أبو منصور ترشحه للانتخابات الرئاسية في ولاية جنوب غربي الصومال.
لكن في ديسمبر/ كانون الأول من العام نفسه، اعتقلته وزارة الأمن بتهمة عدم الالتزام بشرط رفع القيود عنه وهو التخلي عن “أفكاره المتشددة”.
وفي اليوم التالي شهدت مدينة بيدوا عاصمة ولاية جنوب غربي الصومال احتجاجات منددة باعتقال أبو منصور.
واندلعت آنذاك مواجهات بين مؤيديه ورجال الأمن سقوط فيها ضحايا مدنيون وجرى اعتقال العشرات، بعد استخدام الشرطة القوة المفرطة.
وفجرت هذه المواجهات أزمة بين الحكومة الصومالية والممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في البلاد نيكولاس هايسوم، الذي قررت مقديشو طرده باعتباره “شخصا غير مرغوب فيه”.
ومنتصف ديسمبر 2018، طالب رئيس البرلمان بإطلاق سراح أبو منصور، معتبرا أن قرار اعتقاله “غير قانوني”.
في العام التالي، وبطلب من زعماء وسياسين من قبيلته، نُقل أبو منصور إلى الإقامة الجبرية في منزلة بعد تسعة أشهر قضاها في أحد معتقلات المخابرات الصومالية.
ولاحقا، قال أبو منصور في مقابلة مع إذاعة صوت أمريكا (قسم الصومال)، إنه تم اعتقاله من جانب “شخصيات معينة” وحُرم من أبسط حقوقه الأساسية.
** وزارة الأوقاف
وفي مفاجأة سياسية، ظهر اسم أبو منصور ضمن التشكيلة الوزارية التي أعلنها بري الثلاثاء، حيث جرى تعيينه وزيرا للأوقاف والشؤون الدينية.
وبحسب متابعين فإن تعيين أبو منصور في هذه الوزارة سيساهم في كبح جماح “الشباب” و”داعش” الإرهابيين، وسيؤدي إلى مزيد من الانشقاقات عن جسد الحركة في المرحلة المقبلة.
ومن المنتظر أن يتم عرض التشكيلة الحكومية الجديدة على نواب البرلمان خلال الأيام القليلة المقبلة.
ويكافح الصومال للتعافي من تداعيات سياسية واقتصادية وأمنية لحرب أهلية اندلعت إثر انهيار الحكومة المركزية عام 1991.
إقرأ المزيد