مجتمع صقر الجديان

المغرب يدك جبلاً شامخاً من أجل ريان

نهاية مأساوية .. ألم عربي وصدمة كبيرة بعد وفاة الطفل المغربي

ريان الحب، ريان البراءة، ريان الإنسانية و العالمية / اكتبوا منذ اليوم و بفخر “لقد دك المغاربة جبلا شامخا من أجل ريان”.

يقول ريان قبل الحادثة، “انتشلوني من هنا، انتشلوني فالجب مظلم حالك و مخيف”!!
يصمت هنيهات! ويعمد وهو في غمرة الهواجس إلى رقن رسالة حارقة بأنامل اعتصرت ما في القلب و الخاطر ليخطب فيكم قائلا :

أيها الناس !
“قد سبق في مخيالي الهائم صورة ذاك الرجل الثبت، الواعي بذاته، بالٱخر و بالعالم، يروم التموقع بإدراك و صدق في عالم كبير ومعقد، يعج بالمتغيرات و الأحداث المتشابكة، ليخلف ربما أثرا محمودا في نفسه أو ذكرا قد يخلده التاريخ باعتزاز و قد يلفظه بعنف كما يلفظ البحر زبده. لا تدري لم تعتمل في نفسك هاته الخواطر، و كأن شخصا ٱخر يسكن جوانحك، يبث فيك ركاما من الهواجس الممزوجة بالأحلام الوردية و نزغات الشر، ليكرس فعلا متقلبا و ملونا في الواقع، يجعلك في دائرة يتوسع قطرها كلما ركضت في محيطها بشكل لولبي و منتظم.

أيها الناس:

هو ذاك الإنسان، يتوق لكل شيء جميل، و تكبله في الوقت ذاته أناه و شروره الكامنة، صراع محتدم إن تأملت فيه يتصدع رأسك من كثرة الشد و الجذب و الكر والفر وكأنك في ساحة حرب حقيقية، الغريم فيها أنت، قائد الجيشين أنت، المنتصر أنت، المنهزم أنت، المنتشي و المغبون أنت، اختر ما تشاء، فستدور الدائرة لتتقلد المنصب أو الموقع الذي تحاشيته و لو بعد حين. لن تنفك من هذا القيد، لأنك خاضع لناموس-لغز، اسمه الحياة، و الحياة، نعم الحياة، سرنا المكشوف و المحير، سرنا المتمرد و الغريب.
أيها الناس:
كيف ستقنع بهذا شخصا، يمتح من معين المطلق، ينطلق منه و ينتهي إليه، يدعي امتلاكه و الوصاية عليه، يمثل دور المنصت إليك، و هو في الحقيقة ينتصب قاضيا في محكمة شكلها بداخله، يحاكمك و يقضي دون فرصة واحدة منك للدفاع، إلى أن ينفذ الحكم القاطع بطريقته ليجري حكم الله عليك بسرعة فائقة، على اعتبار أنه خليفة الله الموكل بإنفاذ أوامره بين العباد…!
كم سيحتاج هذا الملاك الأرضي المزور ليتساءل عن مملكة الذات، عن ماهيتها و بنائها، عن ثوابتها و متغيراتها؟!، إلى ذلك الحين، فسنكون عرضة لا محالة لزيادة التشظي و التقهقر و تذيل الأمم، سنصير كراكيز يسهل تحريكها بيسر مادامت البنى الداخلية هشة و مهترئة، بعيدة كل البعد عن الأسئلة الحقيقية و الأولوية لمجتمع مخدر بمخلفات الإيديولوجيا البائدة و رواسب الزمن المهدور في الجدل و الصفصطة و إنتاج الخواء. نحن عبء على زمن الفعل و الحركة الدؤوب، زمن القمر الحزين المدنس ببيادات الفرنجة البيض و فضاء الوغى الحاضن لمركبات الغول و أهل الحرب.
أيها الناس :
نحن مجرد عابرين، نرزح فوق خط زمني لا يتحرك، نعيش الماضي، ننتج الماضي و نستشرف الماضي، نعيد صياغته بحب و تفان كلما سنحت الفرصة، و أحيانا، لنجيب غريمنا عن سبب جمودنا و تناسينا و غبائنا، فالماضي المقدس قدرنا و لابد من احترام قدسيته و هيبته و إلا فسننتهي و تتبخر أحلامنا في إرجاع السيف و الرمح و الخيل و التباهي بحركات الفرسان الشجعان المتقنة في ساحات الوغى، سنكون نسيا منسيا بدون هذه الرموز السالبة للب جيل بينه و بين حقائق الواقع بون شاسع و فرق مهول، جيل يرى بعين لا يتجاوز مداها المتر الواحد، و أحيانا لا يكفي لرمق حذاء القدمين “.
و يقول ريان الملاك اليوم بعد أن صار في جوار الملأ الأعلى، و تركنا نرتع و نزهو من جب لٱخر.

أيها الناس:

أقول لكل أولائك المشككين في جدوى العرب و المسلمين، قي إمكانية نهضتهم و إقلاعهم، أقول لهم، تمهلوا، تمهلوا ولا تأخذوا كلامي كله محمل الجد، فليس بعد العين أين كما تقول العرب، غمرتموني بالحب ڤاثلجتم صدري، و عرفتموني بقدركم فصار دينا علي شكركم.

شكرا لكم جلالة الملك، محمد السادس، نصركم الله و عظم أجركم، و حماكم في حلكم و ترحالكم، شملتموني برعايتكم و عطفكم، فكنتم خير راع لرعيته و خير معين لكل مغربي في محنه، فلله دركم من ملك قدوة، يرى مالا يراه الناظرون. ملك يجعل شعبه، صغيرهم و كبيرهم، شابهم و عجوزهم، في مرمى عنايته وما هذا بالغريب عن أحفاد رسول الله صلى الله عليه و سلم، أهل الفضل و الشهامة و الإباء”.

” شكرا لكم أيها المغاربة، فقد أظهرتم للعالم معدنكم النفيس، أظهرتم لحمتكم و تراص بنيانكم، أظهرتم وحدتكم و صبركم و إيخاءكم، كنتم النموذج و المثال و قلتم للعالم إن المغرب أمة واحدة، شعب واحد، من شماله إلى جنوبه، قلتم للعالم أن ريان رمز و رسالة و ليس شخص، قلتم إن هذا المغرب ليس غنيا بنفط أو غاز و إنما برجال عرفوا ما عاهدوا الله عليه، فالثبات الثبات و البدار البدار”.

“شكرا لكل أولائك الذين سهروا على إنقاذ ريان، فأنتم و إن أصابتكم لوعة الفقد، جعلتم العالم يستشف منكم الإنسانية و الرحمة و الإيخاء، يستشف منكم قيم العمل و الحركة الدؤوب و النظام المحكم و التضحية و نكران الذات ، عرفتم العالم بمغرب شامخ و أبي، بمغرب قوي و متماسك، بمغرب يعتز بمؤهلاته و يفخر بكفاءاته و مؤسساته”.

“شكرا لكل الذين غردوا في كل بقاع الأرض تضامنا مع ريان، لكل الذين ذرفوا دمعا، أو تحسروا أو تأسوا، فريان رسالة، ريان قضية، ريان شعاع أمل”.

“شكرا لأمي و أبي و عائلتي و خلاني، و أقول لك اليوم أن فرخكم ريان في ضيافة الرحمان يرتع، يعب من الملكوت فيروى، و يملي عينه من حسن الفردوس فتقر. الشوق إليكم كبير و حبكم في القلب متين، و ما أنا إلا ملبي أمر ربه فالله أعلى و أجل”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى