بعد “الاتفاق الإطاري”.. 5 قضايا مؤجلة لطي الأزمة نهائياً في السودان
الخرطوم – صقر الجديان
بعد توقيع اتفاق إطاري في السودان، بين المكون العسكري وقوى سياسية مدنية، ينتظر أن تنخرط الأطراف في مشاورات واسعة لحسم 5 قضايا رئيسية مؤجلة بغرض الوصول إلى اتفاق نهائي يطوي صحفة الأزمة الراهنة في البلاد.
وتتمثل القضايا الخلافية التي أُرجأ النقاش بشأنها، في مسألة العدالة، والعدالة الانتقالية، واتفاق السلام المبرم في جوبا، إلى جانب إعادة هيكلة وإصلاح منظومة الأمن، بالإضافة إلى إزالة التمكين واسترداد الأموال، فضلاً عن قضية شرق السودان.
ومن واقع التصريحات المتواترة من أطراف الأزمة في البلاد، فإن جميعهم متفقون على أهمية هذه القضايا، لكن كل طرف يريد أن تتم عملية المعالجة وفق منظوره وأطروحته، ومن هنا يأتى الخلاف الذي دفع الوساطة الدولية إلى تأجيلها للنقاش في مشاورات الاتفاق النهائي.
ونستعرض القضايا الـ5، ووجهات نظر الأطراف بشأنها:
العدالة
تنصب القضية الأولى تحت مسمى”العدالة والعدالة الانتقالية”، على أن يقرر عائلات الضحايا مصير من ارتكبوا جرائم القتل والانتهاكات في حق منسوبيهم، إما العفو أو تقديمهم للمحاكمة، وألّا يملك أي طرف سياسي أو دستوري حق العفو عن مقترفي تلك الجرائم وهو مبدأ يتم إقراره في معاهدات الصلح عقب كل صراع سياسي في أي بلد.
وتتمسك بهذه القضية قوى “الحرية والتغيير”، قائدة حراك الاحتجاجات في البلاد، بوصفها أحد أهم مطالب الشارع خاصة الذين فقدوا أبنائهم خلال المظاهرات، وأيضاً ضحايا الحروب في دارفور والمنطقتين (جنوب كردفان والنيل الأزرق) وغيرها، بينما يتحفظ العسكريون على هذا الأمر مع إقراراهم والتزامهم بالعدالة كمبدأ واستعدادهم لتقديم مرتكبي الجرائم للقضاء.
اتفاق جوبا بـ5 مسارات
ويضم مسار دارفور حركات “العدل والمساواة” بقيادة جبريل إبراهيم، و”تحرير السودان” بزعامة مني أركو مناوي، و”المجلس الانتقالي” برئاسة الهادي إدريس، و”تجمع قوى تحرير السودان” بقيادة الطاهر حجر، بجانب مسار المنطقتين الذي تقوده “الحركة الشعبية” بقيادة مالك عقار، إضافة إلى “مسار الوسط” ويتزعمه التوم هجو، و”مسار الشمال” محمد أحمد الجاكومي، و”مسار الشرق”.
وانقسمت المسارات بشأن هذه العملية السياسية التي قادت للاتفاق الإطاري، إذ أيده الهادي إدريس، والطاهر حجر، ومالك عقار، وأسامة سعيد، ورفضه جبريل إبراهيم، ومني أركو مناوي.
وفي أكتوبر عام 2020، تم توقيع اتفاق جوبا في دولة جنوب السودان بين حكومة الخرطوم ومجموعة من الحركات المسلحة، فقد ترى “الحرية والتغيير” ضرورة مراجعته وإسقاط امتيازات عدّة، مثل اقتسام السلطة، وهو الأمر الذي ترفضه الفصائل، خشية تقليص حصتها الوزارية.
“عش الدبابير”
ومن بين النقاط الخلافية أيضاً بين المكون العسكري والقوى المدنية، إعادة هيكلة وإصلاح المنظومة الأمنية، فالطرفان متفقان على العملية من حيث المبدأ ويختلفان بشأن طريقة المعالجة.
ويرى العسكريون أن تكون عملية هيكلة القوات الأمنية شأن عسكري بحت يتم داخل المؤسسة العسكرية دون تدخل من الجهات المدنية، في حين يتمسك المدنيون بضرورة أن يتم الإصلاح تحت القيادة المدنية للدولة.
وتشير هيكلة وإصلاح المنظومة الأمنية، إلى إخضاع القوات المسلحة والشرطة والأمن، لإصلاحات شاملة من عمليات اختراق حزبي تعرضت له خلال حكم الرئيس السابق عمر البشير، وجعلها قوات ذات ولاء قومي ومؤسسات عسكرية مهنية تخدم الدولة وتقف على مسافة واحدة من الجميع.
وتكمن أهمية إعادة هيكلة المنظومة الأمنية كونها تمثل واحدة من مطالب الشارع السوداني الذي ظل ينادي بجيش مهني موحد يدافع عن وحدة البلاد وحماية ترابها.
تفكيك النظام السابق
من نقاط الخلاف أيضاً، مسألة تفكيك بنية النظام السابق، فهذه القضية كانت واحدة من أسباب فض الشراكة بين العسكريين وقوى الحرية والتغيير، حيث يرى المكون العسكري، أن تتم عمليات استرداد الأموال وفق عملية تقاضي متكاملة وليس بواسطة لجنة التفكيك التي تم تجميدها لاحقاً.
و”إزالة التمكين واسترداد الأموال”، يقصد بها إبعاد منسوبي نظام عمر البشير السابق من أجهزة الدولة الذين تغلغلوا فيها على مدار 3 عقود، وتم تمكينهم فيها على أساس الولاء الحزبي للحركة الإسلامية عوضاً عن الكفاءة. بجانب استعادة الأموال التي نهبوها خلال فترة حكمهم إلى خزينة الدولة.
وتمثل “إزالة التمكين واسترداد الأموال” من عناصر نظام البشير، مطالب أساسية للشارع وقوى الثورة في السودان.
قضية شرق السودان
ويحمل شرق السودان، الإقليم المطل على ساحل البحر الأحمر، خصوصية عالية في المشهد السوداني نظراً لما يحتويه من تعقيدات اجتماعية وسياسية، إذ يدور صراع كبير بين المكونات القبلية هناك (الهدندوة والبني عامر) بشأن من الذي يحق له التحدث باسم الإقليم وتولي قيادته.
وعلى إثر ذلك دار صراع عنيف بشأن مسار شرق السودان في اتفاق جوبا، والذي وقعته مجموعة تتبع إثنيا إلى البني عامر، فيما عارضه الهدندوة وناظرهم الأمين ترك بقوة مما قاد إلى تجميد المسار وعدم تطبيقه حتى اللحظة.
ولحساسية القضية، تم تأجيل النقاش حولها لمشاورات الاتفاق النهائي التي تجري حالياً في الخرطوم.
إقرأ المزيد