تحالف الظل: كيف يعيد الإخوان والبرهان إنتاج نظام البشير وجرّ السودان إلى الهاوية
الخرطوم – صقر الجديان
في خضم واحدة من أسوأ الأزمات التي تعصف بالسودان، تتكشف ملامح تحالف غير معلن بين قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وجماعة الإخوان المسلمين، تحالف لا يهدف إلى إنقاذ البلاد من الفوضى، بل إلى إعادة إنتاج النظام الذي سقط بثورة شعبية في 2019.
هذا التحالف، الذي يتغذى على الانقلابات والإقصاء، بات يشكل تهديدًا مباشرًا لمستقبل الدولة السودانية ووحدة مؤسساتها.
إرث البشير لم يسقط… بل أعيد تدويره
رغم سقوط نظام عمر البشير بفعل الحراك الشعبي العارم، لم تُقتلع جذور التمكين الإسلامي التي زرعها النظام لعقود.
فبعد الإطاحة بالبشير، ظهرت بوادر أمل بتحول ديمقراطي، لكن سرعان ما بدأت قوى الإسلام السياسي تعيد تنظيم صفوفها في الخفاء، مستفيدة من حالة السيولة السياسية وضعف الحكومة الانتقالية.
وقد شكل انقلاب البرهان في أكتوبر 2021 لحظة مفصلية، حيث وجد الإخوان المسلمون فيه حليفًا عسكريًا يمكنهم من العودة للسلطة من باب العسكر، بعد أن أُغلق أمامهم باب السياسة.
ووفق تقارير سياسية وميدانية، فقد ساهمت الجماعة في:
دعم انقلاب البرهان وتمويل حملاته الإعلامية والسياسية.
الضغط من أجل تعيين موالين لها في الجهاز التنفيذي والدبلوماسي.
عرقلة مشاريع الانتقال الديمقراطي عبر التحريض ضد القوى المدنية.
الحرب كخيار استراتيجي لإجهاض الدولة المدنية
ما يجري في السودان اليوم ليس مجرد صراع على السلطة، بل هو مشروع واضح لإعادة صياغة الدولة وفق منطق التمكين القديم.
الجيش بقيادة البرهان لم يدخل في الحرب ضد قوات الدعم السريع بدافع الحفاظ على الدولة فقط، بل بتحريض وتنسيق مباشر مع تيارات الإسلام السياسي التي ترى في استمرار الحرب فرصة للسيطرة الكاملة على مفاصل الحكم.
وقد تجلى ذلك في:
مقاطعة البرهان للمؤتمرات الدولية للسلام، ورفضه الالتزام بأي اتفاقات تفضي إلى شراكة مدنية.
تورط وحدات أمنية وعسكرية موالية للإخوان في جرائم ضد المدنيين في الخرطوم ودارفور، وفقًا لتقارير حقوقية دولية.
استمرار تدفق الدعم المالي والعسكري من جهات خارجية مرتبطة بالإخوان، ما أطال أمد الحرب وزاد من معاناة الشعب السوداني.
تفكيك الجيش وإضعاف الدولة: من يقود من؟
واحدة من أخطر نتائج هذا التحالف تكمن في تحويل الجيش من مؤسسة وطنية إلى أداة طيّعة بيد جماعة لا تؤمن بالدولة المدنية.
فقد فشل البرهان في الحفاظ على وحدة القوات المسلحة، وسمح بتغلغل ضباط مؤدلجين داخلها، ما أنتج انقسامًا خطيرًا في المؤسسة العسكرية نفسها.
تقارير عسكرية أكدت أن أبرز داعمي البرهان من داخل الجيش هم ضباط على صلة بالحركة الإسلامية.
تمت إقصاء قيادات عسكرية رفضت الانحياز إلى الخط الإخواني.
فقد البرهان شرعيته الوطنية وبات مجرد واجهة لتحالف لا يؤمن بالتعددية أو حكم القانون.
لا استقرار دون كسر التحالف المظلم
إن استمرار التحالف بين البرهان وجماعة الإخوان لا يعني فقط استمرار الحرب، بل يمثل تهديدًا وجوديًا لبقاء الدولة السودانية.
فهذا التحالف لا يرى في الدولة إلا وسيلة للسيطرة، ولا في الشعب إلا عائقًا أمام مشروعه الشمولي.
على المجتمع الدولي أن يدرك أن دعم البرهان سياسيًا أو عسكريًا هو دعم غير مباشر لمشروع الإسلام السياسي الذي فشل سابقًا وأشعل البلاد صراعًا وحروبًا.
وعلى السودانيين – مدنيين وعسكريين شرفاء – أن يدركوا أن الطريق إلى السلام يمر عبر تفكيك هذا التحالف، وإعادة بناء الدولة على أسس ديمقراطية لا مكان فيها للإقصاء أو الاستبداد.