أخبار السياسة العالمية

تحليل لمحتويات وأبعاد المجلس الوزاري الأخير الذي ترأسه ملك المغرب، وكدا التصديق على تعيينات سفراء فيعدد من العواصم الإستراتيجية

الرباط – صقر الجديان

خلال ترؤس ملك المغرب محمد السادس، الخميس 19 أكتوبر 2023، للمجلس الوزاري الذي خصص، من بين أمور أخرى، لدراسة التوجهات العامة لمشروع قانون المالية لسنة 2024 وتعيينات بعض السفراء في العواصم الإستراتيجية، تم التركيز على المشروع المجتمعي الكبير من خلال مجموعة من التدابير المتميزة؛ وبالخصوص، قيمة المساعدة الاجتماعية المباشرة لفائدة الأسر الفقيرة، وتفعيل مواصلة جديدة لإصلاح نظام التعليم والتكوين) ومدونة الاسرة.

وافق ملك المغرب خلال هذا المجلس على تعيين سفراء جدد في العديد من العواصم الإستراتيجية، ثلاث منها في دول رئيسية أعضاء داخل جامعة الدول العربية.

ونورد في ما يلي قراءة من عدة زوايا متعلقة بالظرفية الخاصة التي يجتازها التاريخ البشري والمتجلية في تقلبات لحقت عدة مفاهيم تكتسي أبعادا كونية وحضارية تستدعي بدورها الكثير من الاهتمام .

يتضمن التعيين ستة سفراء في الدول التالية: الإمارات العربية المتحدة، الأردن، مصر، فرنسا، الصين والولايات المتحدة الأمريكية. ويتعلق الأمر بحراك دبلوماسي “نوعي”: يخص ـ 6 دول إستراتيجية بالنسبة للمملكة المغربية، تقيم معها روابط تاريخية قوية، وشراكات متعددة الأبعاد، وأهمية بالنسبة لقضية الصحراء المغربية، وكدا تنسيقا دبلوماسيا مميزا في عدة قضايا إقليمية. وتتعلق تعيينات السفراء بهذه الدول التي حضيت العلاقات معها دائما بتتبع واهتمام مباشر من قبل الملك. وثلاث من هذه الدول أعضاء دائمون في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة (الولايات المتحدة وفرنسا والصين).

وفيما يتعلق بالسياق الذي تمت فيه المصادقة على هذه الترشيحات؛ فقد أتت في سياق الأحداث المتسمة بالاضطرابات في الشرق الأوسط (مصر والأردن والإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة). وفي سياق دولي جديد في طور التكوين (الصين/الولايات المتحدة).وكذلك في سياق ثنائي تدعمه علاقات متينة تواكبها الرغبة في تعزيزها وتعديل نماذجها وإثراء محتوياتها.

أما السياق الوطني الذي تمت فيه تلك التعيينات فقد تمت المواكبة مع العديد من الإجراءات التي يشرف عليها جلالة الملك بصيغة مباشرة في ظروف يدعمها الاعتراف بالمملكة المغربية كقوة إقليمية في منطقة شمال وغرب إفريقيا والتي تتمتع بالمصداقية والريادة والقدرة على التأثير، وهي ميزات تكريس الجدارة والمهنية الدبلوماسية للمملكة المغربية.

تجدر الإشارة إلى أن خمسة من السفراء الستة المعينين هم مسؤولون تنفيذيون من وزارة الخارجية.

– وهوأمر يؤكد الثقة الملكية في الكفاءات المهنية لإطارات الدبلوماسية المغربية. للتذكير في هذا الصدد، فقد تم تكليف جل هؤلاء المديرين التنفيذيين بمناصب قيادية في دواليب الوزارة (الوزير المنتدب، الأمين العام، المديرون المركزيون). وتعزز هذه التعيينات بشكل واضح الخبرة والحنكة الدبلوماسية لدى أربعة من السفراء الستة الذين سبق لهم أن شغلوا مناصب كسفراء جلالة الملك (أكثر من عشرة مناصب بينهم)، يعرفون مجالات عملهم جيداً (مدير آسيا في الصين، مدير الدول العربية في الأردن، ممثل لدى جامعة الدول العربية في دولة الإمارات العربية المتحدة، عضو سابق في السفارة في القاهرة والذي أصبح سفيراً في نفس البلد ).

وتثبت تلك التعيينات درجة من الانفتاح على مضامين الجودة والمردود ية: وكمثال لهذه الخاصية ، تعد السفيرة المعينة في باريس أول امرأة يتم تعيينها لشغل هذا المنصب في فرنسا منذ الاستقلال. ولديها خبرة إعلامية وطنية ودولية واسعة. وتتمتع بإتقان كبير للمجال السياسي والقضايا الاقتصادية والاجتماعية الرئيسية للمملكة. ولديها معرفة جيدة جداً بالمشهد السياسي والإعلامي الفرنسي. وهي عضو في “الأسرة الدبلوماسية” المغربية (زوجها دبلوماسي محترف). وقد شاركت في العديد من البعثات والفعاليات في الخارج.

كما خصص للتداول في التوجهات العامة لمشروع قانون المالية برسم سنة 2024، والمصادقة على مشروع قانون ومشروع مرسوم يهمان المجال العسكري، إضافة إلى ثلاث اتفاقيات دولية، ومجموعة من التعيينات في المناصب العليا.

تجدر الإشارة إلى أن المجلس الوزاري قد انعقد ا في سياق مطبوع بتراجع النشاط الاقتصادي العالمي، واستمرار التوترات الجيو- سياسية وارتفاع الضغوط التضخمية وأسعار المواد الطاقية، إضافة إلى تداعيات الزلزال المؤلم الذي ضرب المغرب في شهر شتنبر الماضي.

رغم كل هذه الزوابع المتتالية، فقد أبان المغرب تحت القيادة الملكية، عن ردة فعل إيجابية ونجاعة كبيرة في تدبير هذه الكارثة الطبيعية، بإعداد برنامج مندمج ومتعدد الأبعاد، يشمل كل القطاعات، ويهدف إلى إعادة الإعمار وتأهيل المناطق المنكوبة، ويهم حوالي 4.2 مليون من ساكنة المناطق المتضررة، بغلاف مالي يقدر بـ 120 مليار درهم، على خمس سنوات. يتم خلالها تنزيل برنامج إعادة البناء والتأهيل العام للمناطق المتضررة من زلزال الحوز، وتعزيز التدابير الرامية للحد من التأثيرات الظرفية، وفق مقاربة مندمجة، وباعتماد حكامة متناسقة، من خلال وكالة تنمية الأطلس الكبير، في إطار تعاقدي يشمل كل المتدخلين؛ وذلك بمساهمة كل من الميزانية العامة للدولة والجماعات الترابية، وصندوق التضامن الخاص بتدبير آثار الزلزال، وصندوق الحسن الثاني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، إضافة إلى الدعم والتعاون الدولي. ويحظى تدبير الموارد المائية أيضا بالأولوية، من خلال تسريع تفعيل البرنامج الوطني للتزويد بالماء الصالح للشرب ومياه السقي، إضافة إلى دعم المواد الفلاحية الأولية، للتخفيف من التضخم ودعم القدرة الشرائية للمواطنين.

في ما يخص تنزيل الورش الملكي للحماية الاجتماعية، يتم تنفيذ الورش عبر مواصلة تعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض، لفائدة الفئات المعوزة، وذلك بموازاة مع التنزيل التدريجي للدعم الاجتماعي المباشر بداية من نهاية السنة الجارية، على أساس نظام الاستهداف الخاص بالسجل الاجتماعي الموحد. ويتعلق مشروع الإطار القانوني المتعلق بالشق الاجتماعي، بقانون منح صفة مكفولي الأمة للأطفال ضحايا “زلزال الحوز” الذي ضرب هذا الإقليم بتاريخ 08 شتنبر 2023، وامتدت آثاره إلى كل من عمالة مراكش وأقاليم شيشاوة وتارودانت وورزازات وأزيلال. أما مشروع المرسوم فيهم تغيير المرسوم المتعلق بمكفولي الأمة، تنفيذا للتعليمات االملكية، الرامية إلى تحسين وضعيتهم المادية والمعيشية، من خلال تمكين كل فرد يتمتع بصفة مكفول الأمة من الاستفادة، بصفة فردية، من الإعانة الإجمالية الممنوحة لمكفولي الأمة، مهما كان عدد أفراد الأسرة المتكفل بهم، عوض تخصيص إعانة واحدة وتقسيمها إلى أقساط متساوية بين الإخوة المكفولين لنفس الأسرة.
كما ستتم مواكبة هذا الورش المجتمعي الضخم، باستكمال الإطار القانوني لتأهيل المنظومة الصحية الوطنية، ومواصلة إصلاح منظومة التربية والتكوين، باعتبارها إحدى ركائز الدولة الاجتماعية، بالإضافة إلى تنزيل البرنامج الجديد المتعلق بالمساعدة على الولوج إلى السكن.

أما المشروع المتعلق بالإصلاحات الهيكلية، فسيتم استكمال إصلاح منظومة العدالة، لتعزيز دولة الحق والقانون وضمان الأمن القانوني والقضائي اللازم لتحقيق التنمية الشاملة، وكذا تفعيل التعليمات الملكية القاضية بمراجعة مدونة الأسرة.

في ما يتعلق بالاستثمار المنتج كرافعة أساسية لإنعاش الاقتصاد الوطني، ترمي الخطة المندمجة في إطارها العام إلى ترسيخ مكانة المغرب في القطاعات الإنتاجية الواعدة، بمواصلة تسريع عملية تفعيل صندوق محمد السادس للاستثمار، وتنزيل الميثاق الجديد للاستثمار، بما يعزز ديناميته، ويساهم في تطبيق مختلف الإصلاحات الهيكلية، في مجالات الفلاحة والسياحة وإصلاح الإدارة ومسلسل اللا تمركز الإداري والجهوية المتقدمة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى