أخبار السياسة المحلية

تقرير يكشف تفاصيل مثيرة عن تهريب الصمغ العربي والذهب والأسلحة في دارفور

نيويورك – صقر الجديان

كشف تقرير أعده فريق خبراء الأمم المتحدة المعني بالسودان عن مصادر تمويل الجماعات المسلحة في إقليم دارفور، والتي تشمل تهريب الذهب والصمغ العربي والأسلحة.

وهيأ النزاع المندلع منذ 15 أبريل 2023، بين الجيش والدعم السريع قبل أن تتعدد أطرافه، فرصة كبيرة لتوسيع نطاق التجارة غير القانونية في تمويل الجماعات المسلحة في دارفور وتأجيج الحرب.

وقال التقرير، الذي حصلت عليه “شبكة صقر الجديان”، الأربعاء؛ إن “قادة الدعم السريع في نيالا بجنوب دارفور اعترفوا بحدوث عمليات نهب واسعة النطاق قام بها القادة والجنود، حيث جرى التغاضي عن نهب الصمغ العربي وغيره لأنه يُنظر إليه على أنه تعويض لهم وللجنود لضمان استمرار قتالهم”.

وأشار إلى أن قائد الدعم السريع حميدان محمد أشرف تحت قيادة صالح الفوتي على العمليات في نيالا عند وقوع أعمال النهب، كما كان قائد ميليشيا متحالفة مع الدعم السريع، وهو بخيت إبراهيم، يسيطر على الطرق الرابطة بين نيالا وزالنجي والجنينة التي تُشكل بعض طرق نقل الصمغ.

وأفاد التقرير بأن الصمغ هُرب عبر معبر أدري الرابط بين ولاية غرب دارفور وتشاد، وعبر منطقة أم دخن بوسط دارفور إلى تشاد، وعبر أم دافوق بجنوب دارفور إلى أفريقيا الوسطى، وعبر الضعين إلى أويل بجنوب السودان.

ويستحوذ الصمغ العربي الذي يُنتج في السودان على 80% من السوق العالمية للصمغ، رغم انخفاضه من 150 ألف طن إلى 60 ألف طن بسبب النزاع.

وأدى انخفاض الإنتاج إلى ارتفاع سعر القنطار من 75 ألف جنيه إلى 400 ألف جنيه، أي من 124 دولارًا إلى 665 دولارًا تقريبًا في مناطق الإنتاج، فيما ارتفعت أسعاره عالميًا من 2200 دولار للقنطار الواحد إلى 4 آلاف دولار.

ويعني فقدان 90 طنًا من إنتاج السودان في الصمغ بسبب النزاع، خسارة في الإيرادات بنحو 198 مليون دولار، وذلك باستخدام سعر 2200 دولار للقنطار الواحد.

وأفاد تجار محليون في شرق وجنوب دارفور لفريق الأمم المتحدة بنهب كميات تُقدر بـ 3.700 طن من الصمغ العربي خلال الفترة من يناير إلى يونيو 2024.

وذكر الفريق أن تجار الصمغ في زالنجي بوسط دارفور والمجلد بغرب كردفان والجنينة بغرب دارفور تعرضوا للنهب على يد الدعم السريع وحركة تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي.

وقال إن الدعم السريع فرضت رسومًا قدرها مليون جنيه ــ 512 دولارًا ــ على كل شاحنة بحمولة 20 طنًا في منطقتي الرقيبات والنعام على الحدود مع جنوب السودان، كما طالبت بزكاة قدرها 100 ألف جنيه ــ 51 دولارًا تقريبًا ــ على كل شاحنة.

وأوضح أن 10 شاحنات بحمولة 20 طنًا و20 مركبة صغيرة تحمل كميات متفاوتة من الصمغ العربي، تمر عبر الرقيبات والنعام أسبوعيًا خلال فصل الصيف.

وتكسب قوات الدعم السريع ما يصل إلى 20.5 مليون دولار شهريًا، من الرسوم التي تفرضها على عبور شاحنات الصمغ العربي بمعدل 10 شاحنات أسبوعيًا.

وأوضح التقرير أن كميات الصمغ العربي التي تصل إلى الحدود التشادية في المناطق الخاضعة لسيطرة الدعم السريع تتراوح بين 50 ألف طن إلى 70 ألف طن سنويًا.

وبيّن أن الكميات المنقولة إلى ليبيا عبر بلدة الطينة باستخدام طرق تخضع لسيطرة الجيش وحركة تحرير السودان بقيادة مناوي، تُقدّر بين 30 ألف طن إلى 40 ألف طن خلال الفترة من أبريل إلى أكتوبر 2024.

عبد الواحد يبيع الذهب للدعم السريع

وكشف التقرير عن توسيع حركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد نور قاعدتها المالية من خلال التحالف مع قوات الدعم السريع لتسهيل بيع الذهب المستخرج من منجم كيدينير “كيدينغير” الواقع شرق جبل مرة.

وقال إن ذلك يجري عن طريق عبد القادر عبد الرحمن إبراهيم المعروف بـ “قدورة”، ومجيب الرحمن الزبير، وهو من أسرة عبد الواحد نور.

وذكر التقرير أن إنتاج منجم كيدينير يتراوح بين كيلوجرامين إلى ثلاثة كيلوجرامات يوميًا، حيث بلغت القيمة التقديرية للكيلو الواحد نحو 85 ألف دولار في الأسواق الرسمية، بينما سعره في المناجم يبلغ 72 ألف دولار.

وكشف فريق الخبراء أن الحركة كانت تبيع الذهب إلى قوات الدعم السريع وإلى تجار محسوبين على الدعم السريع في دارفور.

الأسلحة في دارفور

وقال التقرير إن قوات الدعم السريع في أكتوبر 2024 سهّلت شراء 200 مركبة من الدفع الرباعي من المدنيين في الضعين وأبو مطارق وعسلاية والفردوس بشرق دارفور، لمقاتليها في الفاشر بشمال دارفور.

وأوضح أن المركبات اشتريت نقدًا بشكل غير رسمي مع عدم وجود سجلات رسمية لتحويل الملكية، تحت إشراف الفاتح قرشي وذكريا محمد.

وكشف عن استحداث الدعم السريع نظامًا لا مركزيًا لتخزين الأسلحة للتخفيف من مخاطر التعرض لغارات جوية، وذلك بعد توسيع خطوط الإمداد اللوجستية البرية في تشاد وليبيا ومطار نيالا.

وأفاد بأن القوة المشتركة الموالية للجيش سعت في يونيو 2024 إلى تعطيل إمدادات الدعم السريع وعزل مراكزها اللوجستية، حيث استهدفت نقاط عبور الدعم السريع في الزرق ووادي الأنبار.

وأشار إلى أن حملة قطع الإمدادات دخلت مرحلة ثانية، بعد انضمام 100 مركبة مسلحة إضافية بقيادة عبد الله بندا، وهو قائد سابق في حركة العدل والمساواة عاد إلى دارفور من ليبيا، حيث ركزوا على تعطيل إمدادات الدعم السريع في الصياح وبئر مزة وكلبس.

وذكر أن القوة المشتركة وعبد الله بندا شاركا في نصب كمائن منتظمة والاستيلاء على الأصول، مما دعا الدعم السريع إلى تكثيف عملياتها اللوجستية وتبني نهجٍ لا مركزي في تخزين الأسلحة والذخائر.

وكشف عن إنشاء الدعم السريع مركز قيادة لوجستية جديدة في بئر مرقي بشمال دارفور، حيث أصبحت بفضل موقعها الاستراتيجي على مفترق طرق أم جرس والفاشر، محورًا مركزيًا لنقل الإمدادات من شرق تشاد وجنوب ليبيا إلى خطوط المواجهة النشطة.

وبيّن أن الدعم السريع اعتمد على شبكة من القادة المتنقلين ذوي الخبرة ويملكون علاقات راسخة عبر الحدود في الإمداد، مثل عبد الله التيجاني شغب الذي كان قائدًا في فصيل مناوي قبل انضمامه للدعم السريع في 2017.

وذكر التقرير أن لشغب دورًا محوريًا في تنسيق حركة الإمداد، مستفيدًا من انتمائه لقبيلة الزغاوة ومن شبكاته المحلية، حيث تمركز جنوب الزرق لإدارة معدات النقل من شرق تشاد وليبيا عبر دار زغاوة إلى الخرطوم والخطوط الأمامية للدعم السريع.

وأوضح أن فضيل الناجي ومحمد بخيت عجب الدور الملقب بـ “دويدوي”، وهما قائدان في الدعم السريع وكانا عضوين سابقين في مجلس الصحوة الثوري، قاما بتسهيل الخدمات اللوجستية بين تشاد وجنوب ليبيا ودارفور.

إمداد جوي

وقال إن التقرير إن الدعم السريع قيّدت وصول المدنيين إلى مطار نيالا الذي تهبط فيه الطائرات ليلًا باستخدام معدات هبوط بالأشعة تحت الحمراء.

ونقل عن شهود عيان قولهم إنهم لاحظوا قوافل تابعة للدعم السريع مكونة من ثلاث إلى أربع شاحنات يرافقها حراس، تغادر المطار بعد فترة وجيزة من هبوط الطائرة.

وحدد فريق الخبراء طريقين لنقل الإمدادات من نيالا، يشمل الأول من المدينة إلى منواشي مرورًا عبر تابت إلى الفاشر، فيما يتمثل الطريق الثاني في الدومة مرورًا بشنقل إلى خزان جديد ثم الفاشر، أو من خزان جديد إلى ودعة والكومة والخرطوم.

سوق سوداء 

وقال التقرير إن انتشار الأسلحة أدى إلى نمو الأسواق السوداء في مختلف أنحاء دارفور، بما في ذلك سوقي الملجة والقدرة في نيالا، حيث تشمل العتاد الذي استولت عليه الدعم السريع من الجيش في جنوب دارفور والمخزونات المنقولة من الخرطوم وخطوط المواجهة النشطة.

وأوضح أن مقاتلي الدعم السريع العائدين إلى جنوب دارفور باعوا أسلحة حصلوا عليها في ساحة المعركة، منها بنادق من طراز FN FAL عيار 7.62×51 ملم تُباع بمليون ونصف المليون جنيه ــ نحو 600 دولار.

وعمّم تقرير فريق الخبراء، الذي يدعم لجنة العقوبات الخاصة بمراقبة حظر توريد الأسلحة إلى جميع الأطراف في دارفور، على أعضاء مجلس الأمن الدولي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى