أخبار السياسة المحلية

حمى الضنك تفتك بسكان الخرطوم وكارثة صحية تهدد الأرواح

الخرطوم – صقر الجديان

في مشهد مؤلم، يقضي مرضى حمى الضنك في الخرطوم ساعات طويلة في انتظار العلاج، بعد أن استنفدت الأجساد الضعيفة طاقتها أمام انتشار البعوض والحشائش في مناطق دمرها النزاع بين الجيش وقوات الدعم السريع، مما أجبر السكان على الهجرة لأكثر من عامين.

وتنتشر حمى الضنك والملاريا  بين سكان الخرطوم في ظل انهيار الوضع الصحي، نتيجة الحرب التي اندلعت في منتصف أبريل 2023، والتي أدت إلى خروج نحو 80% من المستشفيات والمراكز الصحية عن الخدمة.

وبحسب آخر إحصائية لوزارة الصحة الاتحادية في السودان فإن عدد الإصابات بحمى الضنك بلغ  أكثر من 6 آلاف إصابة و9 وفيات منذ بداية العام  2025.

تشهد العاصمة السودانية الخرطوم تفشيًا خطيرًا لحمى الضنك، حيث يستقبل الأطباء في المستشفيات عشرات الحالات يوميًا. ويرجع السكان هذا الانتشار إلى تكاثر البعوض وكثافة الأشجار والحشائش، بالإضافة إلى تجمع مياه الأمطار.

ورصدت صحيفة “التغيير” ارتفاعًا واضحًا في حالات الإصابة بحمى الضنك في الخرطوم، حيث أصبح من النادر أن تخلو أسرة من مصاب، بل إن بعض الأسر بأكملها تصاب بالمرض.

وتشهد المستشفيات زحامًا شديدًا وسط شكاوى من تكاليف العلاج الباهظة، خاصة مع تكرار الإصابات داخل المنازل.

تهديد حياة المواطنين

وقال عضو بغرفة طوارئ البراري شرق الخرطوم، لـ”التغيير”،  إن المنطقة سجلت أكثر من 1000 حالة إصابة بحمى الضنك والملاريا في الأيام الماضية، وأكد أن حياة آلاف المواطنين باتت مهددة بسبب انعدام المستشفيات والعلاج الكافي.

وأوضح  أن الوضع الصحي في منطقة البراري  في غاية الخطورة”، حيث تشهد ارتفاعًا كبيرًا في الإصابات بالمرض الذي قال  إنه “يفتك بالمواطنين”.

ولفت إلى أن السلطات الصحية في ولاية الخرطوم لم تتحرك لإنقاذ آلاف الأرواح في البراري، خاصة بين الشرائح الضعيفة مثل الأطفال، والنساء الحوامل، وكبار السن.

عضو بغرفة طوارئ البراري: المنطقة سجلت أكثر من 1000 حالة إصابة بحمى الضنك والملاريا في الأيام الماضية

وقال إن غرفة الطوارئ قررت التحرك لتشغيل المستوصفات بالعون الذاتي، فضلًا عن تنظيم حملات لإصحاح البيئة، تشمل رش المبيدات وتنظيف الأحياء للحد من انتشار الملاريا والأمراض الأخرى المرتبطة بفصل الخريف.

إصابة جميع أفراد الأسرة

منطقة البراري ليست المنطقة الوحيدة التي تنشر فيها حمى الضنك في ولاية الخرطوم حيث تشكو مناطق الكلاكلات جنوب الخرطوم من انتشار المرض وسط ارتفاع الحالات التي تجاوزت الـ”500″ حالة في اليوم بحسب مصدر طبي يعمل في المستشفى التركي بالكلاكلة.

يقول المواطن مهند محمد أحمد، الذي يسكن منطقة الشقيلاب بمحلية جبل أولياء جنوب الخرطوم، في تصريح لـ”التغيير”، إن حالات الإصابة بحمى الضنك والملاريا تتزايد بشكل مستمر بين السكان.

ويضيف أن جميع أفراد أسرته أصيبوا بالمرض بعد عودتهم إلى المنطقة من النزوح، بسبب انتشار البعوض وعدم قيام الجهات المختصة في المحلية برش المبيدات اللازمة.

ويشير إلى أنه يفكر جديًا في مغادرة المنطقة بسبب تدهور الوضع الصحي وارتفاع تكاليف العلاج، خاصة بعد أن فقد وظيفته ومدخراته بسبب الحرب، لكنه لا يملك المال الكافي لمغادرة المنزل مجددًا.

ويؤكد أن العديد من جيرانه يرغبون في العودة إلى منازلهم، لكن تفشي الأمراض حال دون ذلك.

وضع متدهور

من جهتها، قالت الطبيبة رنا برعي، المهتمة بعلم الوبائيات والصحة العامة، في تصريح لـ”التغيير”، إن الوضع الصحي في محلية جبل أولياء والكلاكلات متدهور جدًا، وفي حاجة إلى تدخل عاجل للحد من انتشار الوباء.

وأشارت إلى أن البعوض منتشر بكثافة في محلية جبل أولياء، مع توفر  الناموسيات وأدوات الوقاية اللازمة. وأوضحت أن البعوض تسبب في مئات الإصابات بحمى الضنك والملاريا.

وطالبت رنا السلطات في ولاية الخرطوم بضرورة  التدخل العاجل  لإنقاذ آلاف الأرواح من الموت بسبب المرض. ودعت المنظمات المحلية والدولية بمساعدة السكان بنظافة البيئية والرش البعوض  وإزالة النفايات ومكافحة النواقل.

طبيبة: البعوض تسبب في مئات الإصابات بحمى الضنك والملاريا

انتشار البعوض

وينتشر البعوض الناقل لحمى الضنك في العاصمة الخرطوم وفق متطوعون يعملون في المجال الصحي  تحدثوا لـ”التغيير”، مؤكدين تواجد  الوباء  أيضًا في الجزيرة ونهر النيل والنيل الأبيض.

وتقول فاطمة محمد من منطقة الصحافة إن المنطقة ينتشر فيها المرض بشكل كبير، وأنها اصيبت بحمى الضنك والملاريا أكثر من مرة لكنها لم تذهب إلى العلاج في المستشفى لعدم توفر المال الكافي.

وأشارت إلى أنها تعتمد على العلاج المنزلي بتناول  البندول وبعض المسكنات التي  قد تعرض حياتهم للخطر مثل الإسبرين.

تخصيص مركز للعلاج

وبالمقابل، قال مدير الطوارئ الصحية بولاية الخرطوم دكتور محمد التجاني في تصريحات صحفية إن  وزارة الصحة خصصت مستشفى الأطفال أم درمان كمركز عزل لمصابي حمى الضنك.

وأكد أن وزارة الصحة بالخرطوم أكملت تهيئة مركز للعزل خاص بالمصابين بحمى الضنك داخل مستشفى الأطفال أم درمان وبدأ استقبال المصابين من مختلف ولاية الخرطوم.

ولفت إلى أن المركز يعمل خلال الـ”24″ ساعة لاستقبال المرضى من كافة أنحاء ولاية الخرطوم.

القضاء على الأمراض

وفي السياق، أكد مصدر بوزارة الصحة الاتحادية في تصريح لـ”التغيير” أن جهود مكافحة الوبائيات تسير بشكل جيد، خاصة في ولاية الخرطوم، بهدف القضاء على الأوبئة والأمراض.

وأوضح أن الوضع الصحي تعرض لانهيار شبه كامل نتيجة لسيطرة قوات الدعم السريع على العاصمة الخرطوم. وأشار إلى أن وزارة الصحة قد وضعت خطة للقضاء على الوبائيات ومكافحة النواقل في ولاية الخرطوم، بالتعاون مع عدد من الجهات، تشمل رش جميع المحليات في الولاية والولايات المجاورة.

مصدر بوزارة الصحة: الوضع الصحي تعرض لانهيار شبه كامل نتيجة لسيطرة قوات الدعم السريع على العاصمة الخرطوم

وأعلنت وزارة الصحة الاتحادية الأحد 31 أغسطس 2025 عن استقبال اثنين من طائرات الرش من منظومة الصناعات الدفاعية بمطار الخرطوم الدولي صباح اليوم، للمشاركة في عمليات الرش الجوي في إطار الحملة الكبرى المتكاملة لمكافحة نواقل الأمراض بولاية الخرطوم وتستمر لثلاثة أشهر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى