خبراء يرجحون مشاركة مليشيات نظام البشير في قمع المتظاهرين
الخرطوم ــ صقر الجديان
تداول ناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي على نطاق واسع صورا لأشخاص بزي مدني يحملون أسلحة ويتجولون قرب أفراد من الشرطة أثناء احتجاجات نظمتها لجان المقاومة بضاحية الكلاكلة جنوب الخرطوم يوم السبت.
ولقي شخصان مصرعهما خلال هذه المظاهرات التي تخرج بنحو منتظم للمطالبة بعودة الحكم المدني ورحيل العسكر عن السلطة احدهما أصيب برصاص في الصدر والأخر مات اختناقا بالغاز المسيل للدموع.
وأظهرت صور غاية في الوضوح عناصر مدنية تحمل بنادق وتصوبها تجاه المحتجين،كما بث على نطاق واسع مقطع فيديو لأحد هذه الكوادر وهو يعتدي بالضرب على فتاة بعد مجادلتها لبعض الوقت.
و رجح خبراء عسكريون وقانونيون تحدثوا لـ “سودان تربيون” استعانة قادة الجيش الحاكمين بالأمن الشعبي لقمع الاحتجاجات المتصاعدة منذ 7 أشهر.
والأمن الشعبي جهاز أمني وقائي يعمل ضمن مجموعة من أجهزة العمل الخاص في الحركة الإسلامية ويعني بجمع المعلومات وتحليلها وتوثيق العضوية وحماية قيادات الحركة، و اتسعت مهامه وتسليحه خلال حكم البشير بما يوازي مهام جهاز أمن الدولة وكان تحت إدارة التنظيم وله جناح طلابي تشتهر عناصره بالعنف.
وقال الضابط المتقاعد موسى باب الله إن “كل الدلائل تؤكد تبعية العناصر المسلحة للمليشيات التي صنعها نظام الرئيس المعزول عمر البشير، وهي مجموعات تلقت تدريبات عالية واستخدمت سابقا في مناطق العمليات بدارفور وجنوب السودان ــ قبل الانفصال”.
واستعان البشير بعناصر الأمن الشعبي والأمن الطلابي الذي يفتعل العنف في الجامعات، لقمع الاحتجاجات الشعبية التي نجحت في الإطاحة بنظامه في 11 أبريل 2019 بدعم من قادة عسكريين.
وكتبت الصحفية المعروفة شمائل النور علي فيس بوك تعليقا يقول “ظهور الملكية حملة السلاح برفقة الشرطة بالتزامن مع ظهور علي كرتي”.
وكرتي الذي شغل عدة مناصب تنفيذية في حكومة البشير بينها وزير الخارجية ظهر الأسبوع الماضي في مقابلة تلفزيونية سجلت في مكان غير معروف بالخرطوم اشتهر بأنه احد قادة الأمن الشعبي.
وفي 28 يونيو 2021، قضت محكمة في الخرطوم بإعدام أشرف الطيب الشهير بـ “آب جيقة” لإطلاقه النار على المتظاهر حسن محمد عمر في خواتيم العام 2018 وقتله خلال احد المواكب التي سبقت الإطاحة بنظام البشير. وقالت النيابة في الإدعاء إن المدان كان متعاقدا مع جهاز المخابرات العامة براتب شهري.
ومُنذ إسقاط النظام السابق، لم يظهر أفراد مدنيون مسلحون قرب قوات الأمن والشرطة إلا مؤخرا.
وفي وقت سابق من هذا الشهر وثقت قناة “الحدث” لعنصر بزي مدني كان يترصد المتظاهرين بمحيط منطقة “شروني” حاملا مسدس ويحاول التصويب تجاه التجمع الغاضب.
وبعد انتشار المقطع المصور أصدرت رئاسة قوات الشرطة بيانا قالت فيه إنها تعرفت على حامل سلاح شخصي “طبنجة”، وهو رجل يرتدي زى مدني كان بجوار القوات النظامية التي فرقت الاحتجاجات وإنها تحاول التحقق من الجهة التي خلفه.
وقال الضابط المتقاعد موسى باب الله لـ “سودان تربيون”، إن مليشيات النظام السابق تلعب دورا رئيسيا في العنف ضد المتظاهرين وقتلهم، متوقعا استمرارها في ارتكاب المزيد من الانتهاكات لأن “ما تقوم به هو أشبه بالثأر من المحتجين الذين أسقطوا حكم البشير”.
بدوره، قال المحامي والمدافع عن الحقوق أحمد السبكي؛ إن العناصر المدنية المسلحة تتبع لجهاز المخابرات العامة وهي مُدربة على تنفيذ مهام محددة من بينها قمع الاحتجاجات.
وأضاف، خلال حديثه لـ “سودان تربيون”، إن “ما تقوم القوات المدنية يتم بعلم الأجهزة الأمنية والدليل وجودهم داخل القوات النظامية وقيامهم بالاعتداء على المتظاهرين واعتقالهم”.
وأشار إلى أن كتائب الظل والأمن الشعبي والأمن الطلابي كلها قوات خاصة تحت تصرف جهاز المخابرات العامة.
وفي مطلع العام الجاري، أعاد الجنرال عبد الفتاح البرهان الذي نفذ انقلابا عسكريا في 25 أكتوبر 2021، صلاحيات إلى جهاز المخابرات العامة تتعلق بالاعتقال وتنظيم وحظر حركة الأشخاص، بعد أن حُصرت مهامه في جمع المعلومات طوال فترة الانتقال وفقا لوثيقة الدستورية.
ومنذ الانقلاب قُتل 98 متظاهرا، بعضهم قضي بطرق بشعة مثل إطلاق النار المباشر أو الاستهداف بسلاح الخرطوش ذو المقذوف المتناثر والدهس بناقلات الجند.
وقال البرهان في تصريحات سابقه انه مستعد لتحمل المسؤولية حيال عمليات القتل حال ثبوت انها تمت بأوامر مباشرة ملمحا لتورط طرف ثالث في استهداف المتظاهرين.