دعوات لتوقيع ميثاق إنساني مدعوم بآلية مساءلة في السودان
الخرطوم – صقر الجديان
اقترح الأمين العام لمنظمة أطباء بلا حدود، كريستوفر لوكيير، الخميس، أمام مجلس الأمن الدولي توقيع ميثاق إنساني بدلًا من إعلان جدة، على أن يُراقب بشكل مستقل ويُدعم بآلية مساءلة قوية.
ولم يلتزم الجيش وقوات الدعم السريع بإعلان جدة، الموقع في 11 مايو 2023 بوساطة من واشنطن والرياض، ونص على حماية المدنيين وعدم عرقلة توصيل الإغاثة.
وقال لوكيير، الذي تحدث في جلسة عقدها مجلس الأمن الدولي عن الوضع في السودان، إن “ما نحتاجه اليوم هو ميثاق جديد قائم على التزام مشترك بحماية المدنيين، ويضمن لمنظمات الإغاثة المساحة التشغيلية، ويفرض وقفًا مؤقتًا على جميع القيود على المساعدات الإنسانية”.
وعقد مجلس الأمن جلسة إحاطة حول الوضع في السودان. بطلب من الدنمارك والمملكة المتحدة (الجهة المسؤولة عن الملف) لمناقشة حماية المدنيين والتداعيات الإنسانية للنزاع، بما في ذلك تأثيره على الرعاية الصحية والتقارير المتعلقة بالعنف الجنسي المرتبط بالنزاع (CRSV)، خاصة ضد النساء والأطفال.
ونادى لوكيير بضرورة استبدال نظام حراسة الحدود الحالي بآخر يصون بقاء الشعب السوداني وكرامته في الميثاق الجديد، الذي شدد على أنه يتطلب إرادة سياسية وقيادة قادرة على جعل الأطراف المتحاربة متوافقة مع الضرورات الإنسانية.
وطالب بضرورة مراقبة الميثاق الجديد بشكل مستقل، ودعمه بآلية مساءلة قوية تضمن وفاء جميع أطراف النزاع بالتزاماتهم.
وأشار إلى أن إعلان جدة، الذي يستشهد به مجلس الأمن، كان يفترض أن يشكل التزامًا بحماية المدنيين، لكن “دون رقابة ومساءلة وقيادة، لم يعد سوى ذريعة خطابية مقنعة – يُستخدم للإشارة إلى القلق – بينما يُعفي أصحاب المسؤولية والنفوذ من اتخاذ إجراءات فعلية”.
وطالب كريستوفر لوكيير بضرورة تعزيز الاستجابة الإنسانية في السودان بزيادة التمويل واستدامته، داعيًا الأمين العام للأمم المتحدة إلى إصدار تفويض بإعادة انتشار الوكالات الإنسانية الأممية في دارفور وفي جميع أنحاء البلاد.
وتدير أطباء بلا حدود برامج طبية في 22 مستشفى و42 مرفقًا للرعاية الصحية الأولية في 11 من أصل 18 ولاية سودانية.
اتهامات متجددة
وقال كريستوفر لوكيير إن الجيش وقوات الدعم السريع وأطرافًا أخرى في الصراع تعمل بنشاط على تفاقم معاناة المدنيين.
وأفاد بأن الجيش يقصف مناطق مكتظة بالسكان بشكل متكرر وعشوائي، فيما شنت قوات الدعم السريع والمليشيات المتحالفة معها حملة وحشية اتسمت بالعنف الجنسي الممنهج، والاختطاف، والقتل الجماعي، ونهب الإغاثة، واحتلال المرافق الطبية.
وكشف لوكيير عن تقديم فرق أطباء بلا حدود الرعاية إلى 385 ضحية للعنف الجنسي، أغلبهن – بما فيهن طفلات دون سن الخامسة – تعرضن للاغتصاب، مشددًا على أن نصف حالات الاعتداء وقعت أثناء ممارسة الفتيات والنساء عملهن في الحقول.
وتابع: “العنف ضد المدنيين يفاقم الاحتياجات الإنسانية، وهذا ليس مجرد نتيجة ثانوية للصراع، بل هو جوهر الحرب التي يغذيها الخارج”.
وأوضح أن آثار النزاع المدمرة تتفاقم بسبب القيود المفروضة على وصول الإغاثة، سواء كانت مفروضة عمدًا أو نتيجة للشلل البيروقراطي وانعدام الأمن وانهيار الحكم والتنسيق.
وذكر أن الدعم السريع والجماعات التابعة لها تؤخر قوافل المساعدات بشكل تعسفي، وتفرض رسومًا وضرائب غير مبررة، وعقبات بيروقراطية خانقة.
وشدد على أن منظمات الإغاثة التي تحاول إيصال المساعدات في المناطق الخاضعة لسيطرة الدعم السريع تواجه خيارًا مستحيلًا يتمثل في الامتثال لمطالب الوكالة الإنسانية التابعة لها، أو إضفاء الطابع الرسمي على وجودها ومخاطرة طردها من قبل الحكومة السودانية في بورتسودان.
وأضاف: “لا يجوز الاستمرار في استغلال تأكيدات السيادة لتقييد تدفق الإغاثة، كما لا يجوز الاستمرار في استغلال المساعدات ووكالات الإغاثة للحصول على الشرعية”.
بؤر المجاعة
وقالت المديرة التنفيذية لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسيف”، كاثرين راسل، إن أطفال السودان يكابدون معاناة لا تصدق وعنفًا مروعًا، بما في ذلك الاغتصاب والعنف الجنسي والمجاعة وسوء التغذية.
ويحتاج 30.4 مليون سوداني إلى مساعدات إنسانية هذا العام، منهم 16 مليون طفل.
وذكرت راسل، خلال حديثها أمام مجلس الأمن الدولي، أن حوالي 1.3 مليون طفل دون سن الخامسة يعيشون في بؤر المجاعة، فيما يوجد ثلاثة ملايين طفل في نفس الفئة العمرية معرضون لخطر تفشي الأمراض المميتة.
وأوضحت أن العنف الجنسي يُستخدم لإذلال الشعب السوداني والسيطرة عليه، وتفريقه، وإعادة توطينه قسريًا، وإرهابه، حيث يواجه 12.1 مليون امرأة وفتاة وعدد متزايد من الرجال والفتيان خطر التعرض للعنف الجنسي.
وشددت راسل على أن حجم وخطورة الأزمة في السودان يتطلبان تهدئة عاجلة للنزاع، واستئناف حوار سياسي يُنهي الحرب، إضافة إلى وصول إنساني غير مقيد عبر الحدود وخطوط النزاع لمكافحة المجاعة والتخفيف من حدتها.
أعلن نظام التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، وهو أداة عالمية لقياس أزمات الجوع، في 24 ديسمبر المنصرم، حدوث مجاعة في خمس مناطق في شمال دارفور وجنوب كردفان، فيما تأكد خطرها في 17 منطقة إضافية.