ذكريات وحكاوي : صحيفة قوون حددت وجهة محمد كمال .. والوالي أهداه سيارة قبل التسجيل
فرانكفورت: مصعب الفكي
في زمن الحرب التي عصفت بالبلاد وتسببت في توقف النشاط الرياضي والكروي على وجه التحديد، وفي وقت يحاول فيه السودانيون الحفاظ على أرواحهم والنزوح إلى مناطق آمنة بسبب القتال الذي ما زال مستمراً، وبات مصير البطولات الكروية آخر ما يمكن أن يفكر فيه السودانيون حالياً، وأصبحت كرة القدم في آخر سلم الاهتمامات بعدما تحولت الحرب حديث الناس الأول، نفتح ابتداء من اليوم باب الذكريات والحكاوي من الكرة السودانية على مستوى تسجيلات اللاعبين وقصص غرف الملابس وصراعات الإداريين وغيرها، كل ذلك وفق روايات تم سردها من قبل مسؤولين ومدربين ولاعبين ووكلاء لاعبين وصحافيين ومشجعين وأقطاب.
تألق محمد كمال حارس الهلال بورتسودان بشكل لافت في موسم 2005 وكان هدفاً للهلال والمريخ للظفر بخدماته، كواليس كثيرة دارت قبل انضمامه للمريخ في آخر أيام ديسمبر 2005، تلك الفترة شهدت تبادل الهجمات الإدارية بين الناديين الكبيرين فيما يسمى بعملية التفاوض مع اللاعبين قبل بدء فترة التنقلات، كان محمد كمال من ضمن هؤلاء اللاعبين إلى جانب نور الدين عنتر الذي أغراه صلاح إدريس رئيس الهلال بالانضمام إلى الأزرق لكن دون جدوى فيما ركز جمال الوالي رئيس المريخ جهوده في ضم النيجيري قودوين وكلفه بإقناع زميله الموزبيقي داريو كان للانضمام إلى المريخ.
قصة كمال بدأت عندما تلقى اتصال من جمال الوالي، قبلها كان تواصل معه جمال الكيماوي وعصام طلب وحسن إدريس، حسم الحارس أمره ووقع عقداً مبدئياً قبل نهاية عقده مع هلال الساحل في ديسمبر، لكن العقد لم يكن ملزماً بطبيعة الحال فقد كان هناك اتصالات جادة من الهلال أيضاً بواسطة صلاح إدريس الذي كان متواجداً في المملكة حينئذ، تواصلت الاتصالات وهذه المرة من الأمين البرير رئيس القطاع الرياضي، وحاول الكابتن أحمد آدم أيضا إقناع كمال بعرض الهلال مستغلاً العلاقة الجيدة التي تربطه باللاعب عندما دربه في هلال الساحل.
عاش كمال فترة صعبة في النصف الثاني من العام 2005 وذلك بسبب الاتصالات المتكررة من الناديين الكبيرين، كان يحاول التركيز في الملعب ولكن الضغوط كانت كبيرة عليه، تألق في مباراة فريقه أمام الهلال في بورتسودان في بطولة الدوري أكتوبر 2005 رغم الخسارة، كان الهلال يحتاج للفوز حتى يعمق الفارق بينه والمريخ ليدخل المباراة الأخيرة في البطولة مع الأخير في وضع مريح وكان له ما أراد وفاز بهدفي صالح بهجة رغم أن هلال الساحل كان أنهى الشوط الأول متقدماً بهدف أكرم ديسي.
لكن بعد نحو أقل من شهر تقابل الفريقان في نصف نهائي بطولة كأس السودان بملعب الهلال في أم درمان، حينها لم يتحمل كمال الضغط، كانت الجماهير تهتف ضده وهو يجري الإحماء قبل المباراة ونالت الهتافات من أسرته، في ذلك اليوم كانت صحيفة “قوون” خرجت بمانشيت أن محمد كمال سيحضر للمباراة من غرفة تسجيلات المريخ مع صورة له بشعار المريخ، بالإضافة لمقال للزميل المرحوم أحمد الحاج مكي في ذات المضمون.
فاز الهلال بأربعة أهداف مقابل هدف أنهار كمال بعد المباراة وخرج وهو يذرف الدموع حزناً على ما تلقاه من شتائم، وكانت تلك اللحظة حاسمة في تأكيد وجهته بالانضمام إلى المريخ رغم وجود اتفاق مع صلاح إدريس بأن يغادر اللاعب رفقة هيثم مصطفى لمقابلة الجنرال ميرغني إدريس الذي تكفل بإنهاء التفاوض معه، ودار صراع تقليدي بين إداريي الهلال المريخ لخطف اللاعب وحسمه المريخ، بينما لم يرمِ الهلال المنديل متوقعاً ضم اللاعب للمنتخب المغادر للمشاركة في بطولة سيكافا في رواندا.
غادر اللاعب برفقة زميله أكرم ديسي الذي تلقى وعداً بضمه للمريخ إلى رفاعة، كان قبلها أخبرني أنه سيمكث معي حوالي أسبوع في انتظار قرار إدارة المريخ، تربطني علاقة قديمة مع محمد كمال فهو الصديق وزميل الدراسة ورفيق الصبا، لعبنا معاً في فريق شباب النصر في فترة الناشئين برفاعة، حضر كمال رفقة زميله بسيارة هيونداي “فيرنا” جديدة أخبرني أنها هدية من جمال الوالي، مكثا أياماً ثم غادرا إلى الخرطوم ومنها إلى القاهرة بصحبة عدد من اللاعبين منهم موسى الزومة وصلاح الأمير ونور الدين عنتر وسامي عبد الله والصادق النور حارس التاكا كسلا، ومع انطلاق فترة التسجيلات عادت المجموعة وانضموا إلى غرفة تسجيلات المريخ في بحري التي كانت تضم يوسف الصيني العائد من الإصابة والذي أعير لاحقاً إلى فريق الأهلي عطبرة، الفريق الذي كان يرعاه المرحوم حسن عبد السلام، وأنضم كمال للمريخ رسمياً في يوم 27 ديسمبر وكان أول لاعب يوقع عللا إقرار التسجيل الذي فرضه رئيس الاتحاد كمال شداد تحاشياَ لصراعات الأندية وتمكين اللاعب من اختيار وجهته قبل انطلاق التسجيلات.