حوارات وتقارير

زيارة الولاء.. التيار الإسلامي في السودان يبايع طهران من بوابة بورتسودان

السفارة الإيرانية: منصة للتأثير الناعم في السودان؟

صقر الجديان | تحليل سياسي

في مشهد يعيد إلى الأذهان التحالفات القديمة، قام وفد رفيع من قيادات التيار الإسلامي العريض في السودان بزيارة رسمية إلى سفارة الجمهورية الإسلامية الإيرانية بمدينة بورتسودان، يوم الثلاثاء 15 يوليو 2025، مهنئًا بما وصفه بـ”الانتصار الكبير” الذي حققته طهران في المواجهة الأخيرة مع إسرائيل.

الزيارة، التي تمّت وسط أجواء دبلوماسية مغلّفة بالرمزية الأيديولوجية، أطلقت جملة من التساؤلات حول مستقبل العلاقة بين الإسلاميين في السودان والمحور الإيراني، في ظل المتغيرات الإقليمية وتصاعد النفوذ الإيراني في مناطق البحر الأحمر.

الرسالة الأوضح: إيران وجدت حلفاءها مجددًا في السودان، وإن تغيّر العنوان

تحالف قديم بوجه جديد: الإسلاميون يعودون إلى حضن طهران

البيان الصادر عن “منظومة الإعلام والاتصال” التابعة للتيار الإسلامي العريض، تحدث بلغة تمجيدية، مشيدًا بـ”قوة الرد الإيراني” الذي اعتبره الوفد بمثابة “رسالة واضحة للعالم على هشاشة الكيان الصهيوني”، كما اتهم الوفد الولايات المتحدة بالوقوف خلف العدوان الإسرائيلي.

الوفد ضم شخصيات معروفة بانتمائها للخط الإسلامي المتشدد، أبرزهم:

• د. صلاح محمد الحسن (دولة القانون والتنمية)

• محمد أبوزيد كروم (منبر السلام العادل)

• صلاح علي آدم (الحركة الإسلامية السودانية)

• مرتضى رضوان (الإصلاح الآن)

• إدريس سوار (العدالة القومي)

• مجذوب أبو علي (منسق ولايات الشرق)

هؤلاء يمثلون أطيافاً مختلفة من التيار الإسلامي، لكنهم اجتمعوا تحت مظلة الولاء الأيديولوجي لإيران، ما يعيد للواجهة التساؤلات القديمة حول دور طهران في تمويل ودعم بعض القوى الإسلامية السودانية.

السفارة الإيرانية: منصة للتأثير الناعم في السودان؟

السفير الإيراني في بورتسودان، حسن شاه حسيني، لم يُخفِ ترحيبه بالزيارة، معتبراً أنها تجسد “وحدة الأمة الإسلامية في مواجهة العدو الصهيوني”، في إشارة إلى إسرائيل. وقد بدا واضحاً أن السفارة باتت تلعب أدواراً تتجاوز الوظيفة الدبلوماسية التقليدية، لتصبح منصة تعبئة أيديولوجية في شرق السودان.

وتأتي هذه الزيارة في وقت تزداد فيه التقارير عن نشاط إيراني متصاعد في بورتسودان، يشمل شحنات لوجستية، وفوداً أمنية، ومؤشرات على دعم لبعض الفصائل في الصراع السوداني، وهو ما يثير القلق حول اختراقات محتملة للأمن القومي.

دلالات الزيارة: بين تهنئة الحرب وتصفية الحسابات الإقليمية

زيارة وفد التيار الإسلامي للسفارة الإيرانية تحمل أبعادًا تتجاوز المجاملة، فهي بمثابة اصطفاف أيديولوجي صريح في محور طهران، ورسالة ضمنية للقوى الإقليمية المناوئة لإيران (مثل السعودية والإمارات ومصر) بأن التيار الإسلامي العريض يملك أوراق تواصل قوية مع “محور المقاومة”.

كما أنها تمثّل، داخلياً، رسالة إلى خصوم الإسلاميين من قوى الحرية والتغيير والتيارات المدنية، بأن التيار ما زال فاعلاً وقادراً على التحرك دبلوماسيًا وإقليميًا رغم تراجعه المؤقت في المعادلة السياسية السودانية.

زيارة بورتسودان لم تكن مجرد تهنئة دبلوماسية، بل إعلان صريح بعودة “تحالف الخرطوم – طهران” عبر بوابة الإسلاميين، في توقيت بالغ الحساسية داخليًا وإقليميًا. والرسالة الأوضح: إيران وجدت حلفاءها مجددًا في السودان، وإن تغيّر العنوان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى