أخبار السياسة المحلية

سقوط Yiha في سماء السودان: فشل عسكري يُربك أنقرة ويفضح الأجندة التركية في دارفور

الخرطوم – صقر الجديان

في تحول لافت يكشف حدود القوة التكنولوجية عندما تُختبر في بيئات حقيقية، مُنيت الطائرات المسيرة الانتحارية التركية من طراز (Yiha) بهزيمة مدوية في السودان، بعد أن تم إسقاطها بالكامل من قِبل قوات الدعم السريع، قبل أن تُحقق أي إصابة تُذكر.

ويأتي هذا الفشل بعد شهور من الترويج الإعلامي والعسكري لطائرات Yiha باعتبارها سلاحًا “مغيرًا لقواعد اللعبة”، ما أثار موجة تشكيك عالمية في فعالية الأسلحة التركية، خصوصًا تلك المخصصة للتصدير إلى مناطق النزاعات. أما في السودان، فقد تحول الأمر إلى ما هو أبعد من مجرد فشل تقني: إنه كشف واضح لمدى التورط التركي في الصراع، وانكشاف الأجندة السياسية التي تقف خلف هذا التورط.

من بيرقدار إلى Yiha: إخفاق مزدوج في سماء دارفور

في محاولة لتعديل كفة المعارك التي يميل ميزانها ميدانيًا في بعض مناطق دارفور لصالح الدعم السريع، دفعت أنقرة بطائرات Yiha الانتحارية، بعدما فشلت طائرات “بيرقدار أكنجي” في اختراق المناطق الخاضعة لسيطرة الدعم السريع.

الطائرات الجديدة، المصممة للهجوم على أنظمة الدفاع الجوي والرادارات، لم تصمد طويلًا في الميدان، حيث رُصدت وأسقطت تباعًا، دون تسجيل أي نجاح يذكر. الفيديوهات المسربة ومصادر عسكرية من داخل دارفور أكدت أن هذه الطائرات سقطت على مشارف المناطق المستهدفة، مما يُشير إلى ضعف في قدراتها التسللية أو خلل في عملية التحكم والتوجيه.

وتعليقًا على ذلك، اعتبر خبراء عسكريون أن “الفشل يعكس ضعفًا في الذكاء الصناعي للطائرة، أو استخدامًا غير مدروس لتقنيات لم تُختبر في بيئات نزاع معقدة مثل السودان”.

ارتباك تركي دولي وتراجع في صادرات السلاح

لم يتوقف تأثير سقوط Yiha عند حدود السودان، بل امتد ليُربك قطاع الصناعات الدفاعية التركي، وخاصة شركات مثل “بايكار” التي تصنّع هذه الطائرات بالتعاون مع “NASTP”. فالسوق الدولي، الذي كان يشهد ارتفاعًا في الطلب على التكنولوجيا التركية بفعل حرب أوكرانيا، بدأ يطرح علامات استفهام حول واقعية هذه الأسلحة وكفاءتها الفعلية.

مصادر استخباراتية تحدثت عن تجميد عدد من الصفقات مع دول أفريقية كانت تدرس شراء طائرات Yiha، بل إن بعضها بدأ في طلب اختبارات ميدانية إضافية قبل توقيع العقود. وهو ما يمثل ضربة قوية لصورة تركيا كمصدر موثوق للأسلحة منخفضة التكلفة وعالية الفعالية.

ويخشى صانعو القرار في أنقرة من أن تتحول حادثة السودان إلى “سابقة محرجة” تُستخدم في حملات دعاية مضادة تقودها خصوم تركيا الإقليميين في السوق العسكرية.

النفوذ التركي وارتباطه بتصاعد التيار الإسلامي

ورغم الطابع العسكري للتدخل التركي، إلا أن الأبعاد السياسية لا يمكن تجاهلها. فدعم أنقرة للجيش السوداني لا ينفصل عن صعود التيار الإسلامي في مراكز القرار داخل بورتسودان، وهو تيار تربطه بتركيا علاقات أيديولوجية وتاريخية واضحة.

تُظهر التحركات التركية أن السودان، وتحديدًا دارفور، يتم التعامل معه كمنصة نفوذ إقليمي، تُستغل فيها الفوضى السياسية والانقسام العسكري لصالح أجندات توسعية مغلّفة بشعارات دعم الشرعية أو التحول الديمقراطي.

محللون يرون أن إرسال طائرات انتحارية إلى ساحة حرب أهلية من دون غطاء سياسي أو تفويض شرعي، يكشف عن استعداد أنقرة للمخاطرة بسُمعتها التقنية وحتى بمصالحها الدبلوماسية، مقابل تمكين حلفائها الإسلاميين من تثبيت نفوذهم على الأرض.

الدرس السوداني: لا سلاح يصنع النصر دون شرعية

في المحصلة، فشل Yiha في السودان هو أكثر من مجرد عثرة تقنية. إنه تذكير صارخ بأن الحروب لا تُربح بالطائرات وحدها، خاصة عندما تغيب الشرعية السياسية وتتورط القوى الخارجية في صراعات محلية معقدة.

لقد أثبتت دارفور –ببساطة– أن التكنولوجيا تُهزم عندما تُستخدم في السياق الخاطئ، وأن الشعوب لا تُركع بآلة صُنعت في الخارج.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى