سياسي سوداني: التيار الإسلامي ولد ميتاً وعودة الإخوان كارثية
الخرطوم – صقر الجديان
ملفات متشابكة تمثل نقطة توقف في المشهد السوداني، تطرق إليها القيادي في حزب الأمة القومي، عروة الصادق، طارحاً رؤيته لحل الأزمة بالبلاد.
وفي حوار مع “العين الإخبارية”، رأى عروة الصادق أن ما يسمى بالتيار الإسلامي العريض الذي أطلقته تيارات إخوانية مؤخراً، “ولد ميتاً، بعد أن تنصلت منه حتى بعض القوى المحسوبة على الجماعة الإرهابية، في حين اٌعتبرت الخطوة مستفزة لقوى الثورة إذ شاركت العناصر المنضوية في التكتل الجديد في قتل المحتجين والتنكيل بهم”.
وقال الصادق، وهو عضو في لجنة تفكيك الإخوان السابقة أيضاً، إن عودة العناصر الإخوانية لمؤسسات الدولة تنطوي على مخاطر كبيرة على السودان، وربما تعيده إلى مربع العزلة الدولية ودائرة العقوبات مجدداً، وستكون نتائجها كارثية.
كما تحدث السياسي السوداني خلال المقابلة، عن الأزمة السياسية الحالية، مشدداً على أن تحالف الحرية والتغيير الذي ينتمي إليه، لا يرفض الحوار، لكنه “لا يريد تفاوضا يفضي إلى تسوية هشة ومحاصصات سلطوية لا تحقق أهداف الثورة”.
ويعيش السودان أزمة سياسية حادة وما يرتبط بها من احتجاجات شعبية، إثر قرارات اتخذها قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، في 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وقضت بحل الحكومة، وفرض حالة الطوارئ بالبلاد، وتجميد بعض بنود الوثيقة الدستورية.
وإلى جانب المبادرات الوطنية لحل الأزمة، تقود بعثة الأمم المتحدة بالخرطوم “يونيتامس” والاتحاد الأفريقي جهودا، لقيادة عملية تشاورية لحل الأزمة بالبلاد.
وإلى نص الحوار :
مؤشرات عديدة تشير لاحتمالية حدوث تسوية سياسية بالبلاد، حدثنا عن حقيقة ما يجري؟
لا يوجد صراع في العالم سياسي كان أو ديني أو ثقافي أو اقتصادي أو أمني أو حرب، إلا وينتهي بتسوية ما، والجميع الآن يجتهد لوضع تسوية ساسية للأزمة في البلاد. وفي عوالمنا هذه يقع مسمى التسوية السياسية في خانة التخوين والترهيب لارتباطه بتجار الأزمات وجنرالات الحروب، وذلك لأن تلك التسويات دوما ما تنهي الصراع بمحاصصة قاصرة لا بتسوية جذرية ومخاطبة لمظالم تاريخية.
بالطبع، هناك خطوات حثيثة تخطوها البعثة الأممية والاتحاد الأفريقي لبدء الحديث عن تسوية سياسية لإنهاء الصراع السياسي في السودان، وتم الإعداد لانطلاق حوار في العاشر من مايو (أيار) الجاري أو الثاني عشر منه، والذي يرجى في نهايته الوصول لتسوية نهائية.
وهذا في رأيي لن يحدث في ظل تراخي الدول الراعية للحوار والضامنة للحلول والداعمة للانتقال، فالمملكة المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يتركون حبل التسوية على قارب الاتحاد الأفريقي وبعض الدول الإقليمية، وأي حديث عن تسوية للصراع دون بذل ضمانات قوية لن يكون له قيمة ولن يحقق تسوية بل سيثمر شراكة هشة مشوهة تقود لتفاقم الوضع القائم.
تلاحظ وجود تباين بالحرية والتغيير إزاء التعاطي مع الحوار، ماهو الاتجاه الأقوى لهذا التكتل؟
ليس هناك أي تباين من حيث الرغبة في إنهاء الصراع القائم في البلاد عبر إبطال الوضع الناجم عن خطوة 25 أكتوبر/ تشرين الأول 2021.
ولكن نقطة الخلاف الجوهرية هي أن هناك من يرى ضرورة أن يكون أي حوار شاملا لأصحاب المصلحة الحقيقيين والمعترف بهم والمتعارف عليهم، لا الجماعات (المحشودة) التي تناسلت من اعتصام القصر، وأن يكون أي حديث مع الأصلاء في الأزمة وليس مع الوكلاء.
بينما يرى آخرون أن الحوار يجب أن يشمل الجميع عدا المؤتمر الوطني “المنحل/ حزب عمر البشير”، ووجهة نظر هؤلاء نابعة من أن السبب في انتكاسة جميع الأنظمة الديمقراطية والتجارب الانتقالية هو إقصاء بعض المكونات الاجتماعية والسياسية، ويبدون رغبتهم في تجنب انتكاس الصراع من خلال التسويات السياسية الشاملة وبناء الدولة بعد الصراعات، وهي مدرسة سياسية لها تبريراتها.
ثمة من يأخذ عليكم وضع شروط مسبقة للتفاوض ويعتقد أن ذلك تعنتاً يعطل مساعي حل الأزمة، ما تعليقك؟
كل ما وٌضع من اشتراطات ليس تعنتا وإنما هو تهيئة للمناخ، وكل الاشتراطات التي تقدمت بها الآلية الثلاثية المشتركة؛ بعثة الأمم المتحدة “يونيتامس” والاتحاد الأفريقي ومنظمة التنمية في شرق أفريقيا (الإيجاد)، للحوار وأيدتها الحرية والتغيير، هي اختبار لمدى جدية المكون العسكري.
ظل المكون العسكري يدعو باستمرار للحوار كمبدأ لحل الأزمة، ما الذي تخشونه من الانخراط في الحوار؟
لا يوجد عاقل يرفض الحوار أو يتمنع عنه، ونحن لا نخشى الانخراط في الحوار وإنما نتجنب تكرار تجارب هشة.
في تقديري، أي حوار لم تسبقه إجراءات إبطال الوضع القائم، سينجم عنه تمزق للسبيكة الوطنية واللحمة الاجتماعية وتردد في القرار السياسي، وبالتالي تعميق الأزمة السياسية السودانية واستمرار التدهور الأمني والسياسي والاقتصادي.
ما هي الحلول التي تنشدونها وهل هي قابلة للتنفيذ من واقع تعقيدات الأزمة؟
الحلول تتدرج من الحديث بوضوح عن ضرورة الوصول إلى التسوية السياسية الشاملة، التي تبدأ بإنهاء الوضع الحالي والذي حتما سيحقق الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي وتنصب موازين العدالة، وتضع الاهتمام بالتنمية في أولوياتها، وتحقق التوافق والرضا الجماهيري، والحد من هيمنة النخبة العسكرية وكذلك السياسية على القرار الوطني وإِشراك أكبر قدر من قطاعات المجتمع وتكويناته المطلبية والمدنية والمقاومة على مستوى المركز والولايات.
وهذا سيكون المفتاح لاستعادة مكتسبات سياسية ودبلوماسية واقتصادية وتنموية.
يشير البعض الى أن عمل لجنة التفكيك كان هشاً ولم يستند إلى تشريعات وأحكام قوية مما جعل قراراتها تتبختر أمام القضاء، حيث أعادت المحكمة العليا عناصر لمؤسسات الدولة وأرجعت بعض الأملاك المصادرة لأصحابها، ماتعليقك؟
لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو ليست نبتا شيطانيا، وإنما هي تكوين لاستحقاق دستوري تم النص على مهامه “تفكيك دولة التمكين” في الوثيقة الدستورية وتم تشريع قانون صدر في 2019، وتم تطويره إلى أن تم تعديله في 2020، وصار بنسخته الأخيرة حاكماً لأعمال اللجنة التي تم تكوينها بموجب مرسوم دستوري وقّع عليه رئيس مجلس السيادة الانتقالي في ذلك الوقت.
ولم تصدر اللجنة قراراً واحداً بالتصويت أو بصورة فوقية وإنما بالتوافق بين كافة أعضاء اللجنة التي ضمت ممثلين عن كافة أجهزة ومؤسسات الدولة بكل مستوياتها السياسية والتنفيذية، وتخضع اللجنة أعمالها للتدقيق والتمحيص الذي أخرها كثيراً عن اتخاذ عدد كبير من القرارات.
عاد الإخوان إلى الواجه مجدداً وأسسوا ما يعرف بالتيار الإسلامي العريض، كيف تابعتم هذه التداعيات؟
جرى استدعاء كافة العناصر الإخوانية في كافة المؤسسات الأمنية والشرطية والعسكرية ومؤسسات الدولة وواجهات الحزب المحلول، ليشكلوا جماعات إسناد للسلطة الحالية أو كتائب ظناً أنهم سيكونون طوق نجاة، لكن هذا التيار المزعوم ولد ميتا.