شهادات مروعة … تصفية 133 معتقلاً في سجن سوبا على يد الدعم السريع
الخرطوم – صقر الجديان
كشف مصدر عسكري عن وفاة ما لا يقل عن 133 معتقلاً في سجن سوبا بالخرطوم، احتجزتهم قوات الدعم السريع منذ بدء الحرب وحتى سيطرة الجيش على الخرطوم قبل أسبوعين.
واستخدمت الدعم السريع السجن كمركز احتجاز منذ سيطرتها على الخرطوم منتصف أبريل 2023، حيث كانت تعتقل مجموعات من المدنيين والعسكريين والأطفال والنساء، تُقدّر أعدادهم بنحو 6 آلاف معتقل، بحسب تقارير حقوقية.
وتركزت عمليات الاعتقال التي نفذتها الدعم السريع خلال الفترة الماضية على ولايات الخرطوم، والجزيرة، وسنار، والفاشر، والنيل الأبيض، وولايات دارفور.
وأفاد المصدر أن أغلب الضحايا دُفنوا بالقرب من السجن أو في أماكن مجهولة، ورجّح ارتفاع العدد مع عمليات البحث الحالية عن المفقودين.
وأكد أن الأجهزة الأمنية والشرطية تقوم بالبحث في قوائم المحتجزين والتواصل مع المعتقلين السابقين لمعرفة مصير المفقودين والسجناء السابقين.
وقال أحد المعتقلين، طالباً عدم الكشف عن هويته إن المعتقلين تعرضوا لظروف قاسية خلال فترات الاعتقال والاحتجاز.
وشملت الانتهاكات التي تعرضوا لها القتل، والتعذيب، والحرمان من الطعام والماء، وإطلاق النار فوق الرؤوس، وإجبارهم على القيام بمهام مختلفة، بما في ذلك تحميل الأسلحة وتنظيفها.
معتقلون بلا إحصائية
ولم تكشف السلطات حتى الآن عن عدد القتلى الدقيق داخل السجن الذي استخدمته الدعم السريع لاعتقال ضحاياها، إلى جانب مراكز احتجاز واعتقال وتعذيب أخرى.
وقال المتحدث باسم الشرطة العميد فتح الرحمن محمد التوم إن أسرى الحرب مسؤولية القوات المسلحة، ولم نتمكن من الاتصال بالمتحدث باسم الجيش.
تعليقًا على عمليات الاعتقال والاحتجاز المختلفة لأطراف النزاع، قالت عضو مجموعة محامو الطوارئ رحاب مبارك إنه لا توجد أرقام أو إحصاءات دقيقة عن الاعتقالات، لكن عدد النشطاء داخل السجون، بمن فيهم المهنيون وعمال الطوارئ، يُقدّر بالمئات، لا سيما في سجون مدني، وبورتسودان، وكسلا، والقضارف، والدمازين.
وأكدت وجود أعداد هائلة من المعتقلين داخل معسكرات العمل الخاصة في نهر النيل والمحافظات الشمالية، لم يتم إحصاؤها بسبب منع الصليب الأحمر من زيارتهم.
ونوّهت إلى أن جميع هؤلاء المعتقلين يعانون من ظروف احتجاز سيئة للغاية بسبب انتشار الكوليرا في سجن مدني، ونقص العلاج والرعاية في الدمازين، والجوع ونقص العلاج في سجن “سركاب” التابع لجهاز الأمن بأم درمان – وفق حديثها.
استجواب وأهوال
وفي نهاية يونيو 2024، أفادت تقارير بأن قوات الدعم السريع تحتجز أكثر من 6000 من المدنيين وأفرادًا عسكريين عاملين ومتقاعدين.
وخلص المعتقل السابق الذي أُطلق سراحه بعد سيطرة الجيش على السجن إلى القول إن ضباط استخبارات الدعم السريع كانوا يجرون تحقيقات مع المعتقلين، بحثاً عن معلومات.
وتضمنت المعلومات المطلوبة خلال هذه التحقيقات بحسب المعتقل، عناوين سياسيين وقادة مدنيين من مختلف التوجهات في جميع أحياء العاصمة الخرطوم، بالإضافة إلى عناوين عسكريين، ولجان المقاومة، وأنصار النظام السابق، والعاملين في المجال الإنساني، والمحامين، والصحفيين.
وأكد المعتقل أن المسؤولين في السجن آنذاك نفذوا إعدامات رميًا بالرصاص مباشرة داخل غرف التحقيق بحق العديد من الذين رفضوا التجاوب مع الأسئلة أو المعترضين على طريقة وأسباب الاعتقال او الاتهامات المصوبة اليهم.
وقالت سناء (م) وهي شقيقة معتقل تمت تصفيته في سجن سوبا، المقر الرئيسي السابق للاعتقال في الخرطوم، إن شقيقها قُتل داخل السجن في الفترة بين يونيو ويوليو من العام الماضي.
وتلقت أسرته، وفق إفادتها في حديث صحفي، النبأ الحزين من أحد المعتقلين الذين أُفرج عنهم لاحقًا في سبتمبر الفائت.
وذكرت أن المعتقل الذي رافقه خلال اعتقاله نقل إليهم تصفية شقيقها، الذي كان يعمل في تجارة السيارات، حيث رفض الحديث والإدلاء بمعلومات خلال الاستجواب.
وقالت إن شقيقها اعتُقل في مايو المنصرم بعد عودته إلى الخرطوم ومحاولة معرفة مصير تجارته ومعرض سياراته، حيث اعتقله جنود الدعم السريع في منطقة سوبا.
مصير مجهول
وفي تقرير صادر عن المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، وُجّهت اتهامات لكل من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع بممارسة الاعتقال التعسفي وسوء معاملة المعتقلين في الخرطوم، خلال الفترة الممتدة من أبريل 2023 وحتى يونيو 2024.
وأشار التقرير إلى أن عشرات الآلاف من الأشخاص، بمن فيهم النساء والأطفال، احتُجزوا دون توجيه تهم لهم، مع انعدام أي اتصال بذويهم.
وعبّر خبير الأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان، رضوان نويصر، في مقابلة بموقع أخبار الأمم المتحدة أمس الأربعاء، عن قلقه حول مصير آلاف السودانيين المفقودين بعد عامين من الحرب، مؤكدًا على ضرورة حماية المدنيين.
وأوضح نويصر أن الإحصائيات الدقيقة حول أعداد المفقودين لا تزال غير متوفرة، مشيرًا إلى تباين الأرقام بين المصادر المختلفة. فبينما تُقدّر المجموعة السودانية للدفاع عن الحقوق والحريات العدد بنحو خمسين ألف مفقود، وثقت منظمات حقوقية سودانية محلية ما لا يقل عن 3,177 حالة، من بينهم أكثر من خمسمائة امرأة وثلاثمائة طفل.
وأكد الخبير الأممي أن الاختفاء القسري وفقدان الأشخاص عملية موجودة في السودان، مضيفًا أن هذه ليست الانتهاكات الوحيدة التي خلفتها الحرب “غير المفهومة وغير الضرورية” منذ أبريل 2023.
وشملت الانتهاكات الأخرى تدمير مناطق سكنية، وانتهاك الحقوق، وطرد المدنيين من منازلهم، والاغتصاب الجنسي، والتجنيد القسري للشباب من كلا طرفي النزاع.