عيد السودان المأزوم.. أضحى بلا أضاح في بلد «الثروة الحيوانية»
الحرب تشعل أسعار المواشي
الخرطوم – صقر الجديان
تحت وطأة المعارك في السودان، والقتل والدماء، وتفاقم الخسائر البشرية والاقتصادية، فإن الفقراء الذين يعيشون في مخيمات النزوح في جميع ولايات السودان يستقبلون عيد الأضحى”بلا أضحية”، بسبب فقدان وظائفهم ونفاد مدخراتهم المالية، وارتفاع أسعار المواشي.
وارتفعت أسعار المواشي في أسواق ولايات الخرطوم، الجزيرة (وسط)، سنار والنيل الأزرق (جنوب شرق)، كسلا، القضارف، البحر الأحمر (شرق)، ونهر النيل والشمالية (شمال)، منذ اندلاع الحرب منتصف أبريل/نيسان 2023.
وتعتبر الثروة الحيوانية في السودان، إحدى مصادر النقد الأجنبي، بسبب الصادرات الكبيرة للمواشي إلى الخارج، بمتوسط عائدات سنوية مليار دولار، وفق إحصاءات حكومية.
ويمتلك السودان أكثر من 107 ملايين رأس من الماشية وفق تقديرات رسمية.
انعدام الأمن وإغلاق الطرق
ويقول تاجر المواشي الهادي بشرى إن أسعار الخراف المتوسطة تتراوح أسعارها بين 300 إلى 400 ألف جنيه، فيما تصل أسعار الخراف الكبيرة إلى أكثر من 500 ألف جنيه، ما يعادل (240 إلى 270 دولارا).
وأوضح بشرى، في حديثه لـ”العين الإخبارية”، أن ارتفاع أسعار الخراف سببه توقف حركة الوارد من مناطق الإنتاج في دارفور وكردفان، بسبب انعدام الأمن وشح الوقود وإغلاق الطرق.
من جهته أرجع تاجر المواشي أسامة الأمين ارتفاع أسعار المواشي إلى ارتفاع أسعار الأدوية البيطرية والأعلاف.
وقال الأمين، في حديثه لـ”العين الإخبارية”، إن تطاول أمد النزاع في السودان، فاقم الأوضاع الاقتصادية بصورة غير مسبوقة، ما أثر على أسعار المواشي في البلاد.
أوضاع بائسة
وتقول المواطنة فاطمة عبدالله إن الأغلبية العظمى من السودانيين فقدت وظائفها وأموالها منذ اندلاع الحرب في العام الماضي.
وأشارت عبدالله، في حديثها لـ”العين الإخبارية”، إلى أن الأوضاع والظروف الاقتصادية الحالية لا تسمح بشراء خروف الأضحية.
وأضافت “فقدنا وظائفنا وأموالنا بسبب الحرب، وأصبحنا ننتظر المساعدات الإنسانية لتغطية نفقات الاحتياجات اليومية”.
من جهته يقول المواطن أنس أحمد إن أسرته نزحت من العاصمة الخرطوم إلى ولاية سنار، هربا من الموت والدمار بسبب القصف العشوائي والرصاص الطائش.
وأضاف أحمد، في حديثه لـ”العين الإخبارية”، “أسكن مع أطفالي في مخيم للنزوح يفتقر إلى أبسط الأشياء، طلبا للأمن والسلام”.
وتابع “لا أستطيع شراء خروف الأضحية لأطفالي نسبة لظروفي المعقدة، وانعدام الأموال بسبب الحرب”.
من جهته يقول مصعب عبدالله “أصبحنا مشردين، ونعاني الفقر والجوع منذ أن وصلنا إلى مخيمات النزوح بولاية كسلا شرقي السودان”.
وأضاف عبدالله, في حديثه لـ”العين الإخبارية”، “شراء خروف الأضحية أصبح من المستحيلات في ظل الوضع المتردي الذي نعيشه منذ أن وصلنا إلى مخيم النزوح”.
وتابع “في انتظار العناية الإلهية لتتوقف الحرب ونعود إلى منزلنا بولاية الجزيرة”.
أسوأ موجة جوع
وتقول الأمم المتحدة إن السودان الذي كان، حتى قبل الحرب، أحد أفقر بلدان العالم يشهد “واحدة من أسوأ أزمات النزوح في العالم، وهو مرشح لأن يشهد قريبا أسوأ أزمة جوع في العالم”.
ويعاني 18 مليون سوداني من بين إجمالي السكان البالغ عددهم 48 مليونا، من نقص حاد في الغذاء، وبات مئات الآلاف من النساء والأطفال معرضين للموت جوعا، في أزمات يشعر العاملون في المجال الإغاثي بالعجز حيالها بسبب رفض منحهم تأشيرات دخول وفرض رسوم جمركية باهظة على المواد الغذائية، إضافة إلى نهب المخازن وصعوبة الوصول إلى العالقين قرب جبهات القتال.
وانهار النظام الصحي بشكل شبه كامل في السودان، وتقدّر الخرطوم الخسائر في هذا القطاع بقرابة 11 مليار دولار.
أما القطاع الزراعي الذي كان يعمل فيه العدد الأكبر من السودانيين في بلد كان يعد سلة غلال أفريقيا، فتحول لأراض محروقة، حتى المصانع القليلة تمّ قصفها.
وتؤكد الدولة أنها فقدت 80% من مواردها، وقد يؤدي استمرار المعارك إلى وقف تصدير نفط جنوب السودان الذي يعود على حكومة الخرطوم بعائدات تقدر بعشرات الملايين من الدولارات شهريا.
وسبق أن استضافت مدينة جدة محادثات برعاية سعودية أمريكية، في 11 مايو/أيار 2023، أسفرت عن أول اتفاق طرفي الحرب على الالتزام بحماية المدنيين.
وأفلح منبر جدة في إعلان أكثر من هدنة، تخللتها خروقات عديدة وتبادل للاتهامات، ما دفع الرياض وواشنطن إلى تعليق المفاوضات في ديسمبر/كانون الأول 2023.
ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023، يخوض الجيش السوداني و”الدعم السريع” حربا خلّفت نحو 15 ألف قتيل وأكثر من 8 ملايين نازح ولاجئ، وفقا للأمم المتحدة.