فرماجو المعضلة الأكبر.. قلق دولي من جمود الحوار السياسي بالصومال
مقديشو – صقر الجديان
يتصاعد القلق الدولي إزاء الوضع السياسي في الصومال، إثر تعثر الجهود الأممية لحل الخلافات السياسية حول الانتخابات.
وفشلت الجهود الأممية لعقد مؤتمر تشاوري شامل بين الحكومة الفيدرالية وجميع الولايات الإقليمية الصومالية الخمس في البلاد، لحل الخلافات بشأن الانتخابات العامة.
وكان من المقرر أن تنطلق قمة قادة الصومال “الشاملة” في الـ22 من الشهر الجاري في معسكر حلني الدبلوماسي داخل مطار مقديشو الذي يضم أغلب البعثات الغربية في الصومال ويخضع لحراسة أمنية مشددة من قبل أميصوم والاتحاد الأوروبي.
ورفض رئيسا ولايتي جوبالاند وبونتلاند المعارضتين، للتوجهات السياسية للرئيس الصومالي محمد عبدالله فرماجو، المنتهية ولايته، لعقد الاجتماع مع الأخير خارج تلك المنطقة لظروف أمنية.
وحضر الاجتماع فقط فرماجو، ورئيس الوزراء الصومالي محمد حسين روبلى، و3 ولايات موالية لفرماجو وهي: غلمدغ، وجنوب غرب الصومال، وهيرشبيلى، إضافة إلى عمدة مقديشو، إذ كان من المزمع اختتام المؤتمر، الأربعاء، لكن مقاطعة الولايتين جعل المؤتمر بلا قيمة.
وتعود أسباب مقاطعة الولايتين إلى إصدار فرماجو الدعوة للمؤتمر، إذ لا تعترف الولايتان بأن له صلاحية دستورية في هذا الشأن عقب انقضاء ولايته الدستورية في الـ8 من فبراير/شباط الماضي.
إضافة إلى “عدم الاتفاق المسبق على أجندة المؤتمر، حيث يحاول فرماجو النقاش فقط حصرها على القضايا الخلافية قبل انتهاء ولايته”.
والقضايا الخلافية هي 3 تشمل قضية غدو التابعة دستوريا لولاية جوبالاند برئاسة أحمد مدوبي، حيث تسيطر عليها قوات فيدرالية بالقوة منذ نحو عام ونصف إثر خلاف سياسي بينه وفرماجو.
وقضية من يدير المقاعد النيابية من أرض الصومال، إضافة إلى الجدل الدائر حول عدم نزاهة لجان الانتخابات الفيدرالية التي عينتها الحكومة ورفضتها المعارضة .
لكن بعد انقضاء ولاية فرماجو، وهجومه على قيادات المعارضة والمظاهرات السلمية في مقديشو في الـ19 من فبراير/شباط الماضي، واستخدامه الجيش في السياسة أعاد إلى الواجهة ملف تم الاتفاق عليها مسبقا وهو تأمين الانتخابات.
وتسعى الولايتان إلى وضع الأمر في أجندة الاجتماع، لكن فرماجو وحلفاءه يرفضون ذلك إضافة إلى مطالبة الولايتين بإقالة القيادات العسكرية والأمنية التي تورطت في الهجوم على المعارضة.
كما تطالب الولايتان أيضا بتوقيع فرماجو على مرسوم يقضي بأن ينأى عن نفسه مسؤولية الشؤون السياسية والأمنية والمسار التنفيذي بالانتخابات وقيام رئيس الوزراء بهذا الدور.
كل هذا وأكثر من الشروط التي أدت إلى فشل المؤتمر ومقاطعته من قبل رئيسي جوبالاند وبونتلاند أحمد مدوبي وسعيد عبدالله دني على الترتيب.
ووسط هذه الفجوة القائمة بين الطرفين وسحاب الخلاف الذي غشي على مصير الانتخابات انهالت بيانات منفصلة شديدة اللهجة خلال الـ24 ساعة الماضية من كل من الأمم المتحدة، والاتحادين الأفريقي والأوروبي، وإيجاد، وأمريكا والنرويج.
وقال الممثل السامي الأوروبي جوزيف بوريل، في بيان: “يحتاج قادة الصومال إلى حل وسط يؤدي إلى عملية انتخابية فورية ونقل سلمي للسلطة”.
وتابع: “يجب تغليب المصلحة العامة على الخاصة، أولئك الذين يقوضون الحوار أو يلجأون للعنف سيتعرضون لإجراءات عقابية وسيواجهون عواقب أفعالهم”.
واستطرد: “يجب على قادة الصومال إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية والوفاء بمسؤولياتهم تجاه الشعب”، مضيفا: “لن ندعم عمليات أحادية أو متوازية”.
أما واشنطن فقد وجهت رسالتها عبر حساب “تويتر” لسفارتها في مقديشو للرئيس المنتهية ولايته فرماجو قائلة: “يجب على فرماجو ضمان المشاركة الكاملة من جميع الولايات في المؤتمر التشاوري حول الانتخابات والتوصل إلى اتفاق حول الانتخابات”.
وتابعت: “كما يجب على رؤساء الولايات المشاركة في الحوار والجلوس على طاولة المفاوضات دون شروط مسبقة”.
بدوره، عبر الاتحاد الأفريقي، في بيان، عبر رئيس المفوضية موسى فقي عن قلقه العميق إزاء المؤتمر التشاوري المنقوص في مقديشو.
وقال: “نراقب الخلافات لحل القضايا الانتخابية عن كثب، نحث كافة الأطراف الصومالية في هذا الوقت الحرج بالوحدة، ونؤكد من جديد التزام الاتحاد الأفريقي بمواصلة دعم شعب وحكومة الصومال في سعيهما لإجراء انتخابات فورية وشفافة”.
بدورها أعربت الهيئة الحكومية للتنمية بشرق أفريقيا (إيجاد)، أيضا عن قلقها من فشل المؤتمر التشاوري بين الحكومة والولايات لإجراء انتخابات الصومال العامة.
وقالت الهيئة في بيان: “نحث جميع القادة على الامتناع عم كل ما من شأنه أن يقوض جهود استئناف المحادثات ما يزيد الجمود السياسي الحالي”.
وكان بيان النرويج كان أكثر حدة وجاء عبر موقع سفارتها في مقديشو، قائلا: “نشعر بقلق عميق إزاء عدم توفر الإرادة السياسية لدى الجميع للبحث عن حلول فورية”.
وتابع البيان: “الحكومة الصومالية ملزمة بتأمين النقل السريع للسلطة، إن الطريق الناجح للمضي قدما يتطلب قادة شجعانا يسعون إلى إجماع وطني”.
يأتي هذا فيما كان بيان الأمم المتحدة عبر الممثل الخاص في الصومال جيمس سوان أكثر وضوحا إذ قال “جميع قادة الصومال في مقديشو، حان الوقت لإجراء مشاورات غير رسمية الاتفاق أولا على مواصلة المشاورات بين الحكومة والولايات للذهاب إلى الاقتراع العام”.
وفي رفض شديد ومسبق عن تقارير صحفية صومالية تحدثت بأن فرماجو بدأ يقرع من جديد طبول التمديد لفترة ما بين عام أو عامين عبر البرلمان لإجراء انتخابات مباشرة تحت ذريعة فشل القادة في التفاهم على انتخابات غير مباشرة، قالت الأمم المتحدة في بيانها ” نؤكد عدم دعمنا عملية انتخابية أحادية أو موازية أو أي تحرك من شأنه أن يؤدي إلى تمديد فترات السابقة للمؤسسات الدستورية” .
وكانت جميع البيانات الدولية تشجع الحوار وتحذر من تقويضها بينما البعض منها هدد معرقلين لم يسمونها بالعقوبات وتحمل المسؤولية في حال اتجه الوضع إلى العنف.
لكن الأمر الغائب الذي لم تدركه تلك الجهات الدولية وفق مراقبين هو أن الثقة بين المكونات السياسية الصومالية قد ماتت وأن الفرص في إيجاد انتخابات توافقية وشاملة مقنعة للسلطة والمعارضة قد تآكلت وأن فرماجو أضحى المعضلة الأبرز أمام حوار سياسي بأجواء موثوقة.