قادة الجيش السوداني يسجلون ملاحظات على مسودة الدستور والمباحثات تتوسع
الآلية الثلاثية تحدد منتصف شهر نوفمبر موعدا لبدء محادثات رسمية بين الأطراف السودانية بهدف الوصول لتفاهمات تنهي الأزمة السياسية.
الخرطوم – صقر الجديان
قدم قادة الجيش في السودان ملاحظات على مسودة الدستور كأساس لمحادثات بوساطة دولية، في إشارة لتخفيف الجمود السياسي المستمر منذ عام، بحسب ما قالت ثلاثة مصادر لرويترز، فيما حددت الآلية الثلاثية منتصف الشهر الحالي موعدا لبدء محادثات رسمية بين الأطراف السياسية.
وسلم قائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان الآلية الثلاثية، المكونة من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وهيئة الايغاد، التي سترعى المحادثات عدة ملاحظات على مسودة الدستور المقترحة من المحامين بينها تكوين المجلس التشريعي من 150 عضواً فقط للحد من الخلافات، والاستغناء عن مجلس السيادة برأس للدولة، علاوة على اقتراحه عدم الغاء القرارات التي اتخذت بعد 25 أكتوبر 2021 والاكتفاء بمراجعتها.
وتتضمن مسودة الدستور، التي أعدتها نقابة المحامين السودانيين، تسليم البلاد إلى إدارة مدنية مؤقتة تحت إشراف القوات المسلحة التي من المقرر أن تخرج من المشهد السياسي بعد توقيع الاتفاق.
ورغم هذا التقدم، إلا أن مسودة الدستور تلقى معارضة من الإسلاميين الذين تولوا السلطة في عهد الرئيس الأسبق عمر البشير واحتجوا على المحادثات السبت الماضي، إضافة إلى حركة احتجاجية تنظم تظاهرات حاشدة منذ أكثر من عام.
ويشهد السودان أزمة سياسية منذ أكتوبر 2021، حينما قرر قائد الجيش عبدالفتاح البرهان، تعليق العمل ببعض بنود الوثيقة الدستورية، وإقالة الحكومة المدنية، مما عطل الانتقال صوب إجراء انتخابات ديمقراطية عقب إطاحة البشير في انتفاضة عام 2019.
ومن شأن التوصل إلى اتفاق جديد أن يقود إلى استئناف الإصلاحات ويجتذب تمويلاً أجنبياً تشتد الحاجة إليه.
وقالت المصادر إن المحادثات، التي بدأت بصورة غير رسمية الشهر الماضي بمشاركة الجيش وائتلاف قوى الحرية والتغيير الذي تقاسم السلطة مع الجيش قبل الانقلاب، بدأت الآن في التوسع برعاية بعثة الأمم المتحدة إلى السودان.
وتحظى المحادثات بتأييد المجموعة الرباعية المؤلفة من الولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية والإمارات.
وطلب الجيش رداً على مسودة الدستور أن يسمح له بتسمية قائده العام، وذلك وفقاً لشخص اطلع على الملاحظات، والتي تتضمن أيضاً وجهة نظر الجيش في شأن إعادة هيكلة أنشطته الاقتصادية والتخلي عن بعض منها.
وقال مصدران من “قوى الحرية والتغيير” إنه جرى التوصل إلى تفاهم مع الائتلاف لعدم ملاحقة كبار ضباط الجيش قضائياً، لكنهما أضافا أن المشاورات ستستمر على نطاق أوسع في شأن موضوعات الحصانة والعدالة الانتقالية.
ودعا محتجون إلى محاكمة الجنرالات على قتل المتظاهرين وانتهاكات أخرى منذ 2019، معبرين عن رفضهم فكرة الحصانة.
وقالت المصادر إن الاتفاق الجديد سيتضمن أيضاً مشاركة “حزب المؤتمر الشعبي” و”الحزب الوحدوي الديمقراطي”، اللذين يرفضهما المحتجون لمشاركتهما في نظام حكم البشير، لكنهما نأيا بنفسيهما منذ ذلك الحين عن الموالين للبشير.
وقال كمال عمر الأمين السياسي لـ”حزب المؤتمر الشعبي” “في ضوء موقفنا ضد الانقلاب، نحن جزء أساسي من الترتيبات الرامية إلى إيجاد حل سياسي ونتواصل مع الأحزاب السياسية و(بعثة الأمم المتحدة في السودان) يونيتامس”.
وقال المسؤول في “الحزب الوحدوي الديمقراطي” أسامة حسونة إن حزبه يؤيد مسودة الدستور والعملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة.
ولا يزال للحركة الإسلامية التي تزعمها البشير وجود متوغل في الجيش وجهاز الأمن، وتمكنت من العودة إلى الحياة العامة خلال السنة التي مرت على الانقلاب.
واتهمت مجموعات تطالب بالديمقراطية الثلاثاء الموالين للبشير باقتحام مقار نقابة المحامين السودانيين ومهاجمة المحامين بداخلها.
وفي الأثناء، كشف المتحدث باسم حزب المؤتمر السوداني عن تقدم الآلية الثلاثية بمقترح لبدء محادثات رسمية بين الأطراف السودانية منتصف الشهر الجاري.
ونقل موقع “سودان تربيون” نورالدين بابكر قوله، إن الآلية الثلاثية حددت 15 نوفمبر موعداً لإطلاق المحادثات الرسمية بين المجلس المركزي والمكون العسكري وأطراف العملية السلمية بغرض الوصول لتفاهمات تنهي الأزمة السياسية المستمرة لأكثر من عام.
وأوضح أن ائتلاف الحرية والتغيير يتحفظ على خطوة الآلية بتحديد موعد للمحادثات قبل التوافق على أجندة النقاش المطروحة.
وتوقع المتحدث عقد اجتماع بين الحرية والتغيير والآلية الثلاثية السبت أو الأحد لاستلام ملاحظات البرهان على الوثيقة التي ستحدد انطلاق المحادثات الرسمية.
وأكد بابكر الاتفاق على ضم قوى جديدة للمحادثات المرتقبة في مرحلتها الثانية، تشمل: المؤتمر الشعبي والحزب الاتحادي الاصل بقيادة الحسن الميرغني، وجماعة أنصار السنة؛ لتمكينهم من المشاركة في وضع الدستور وقانون الانتخابات والتشاور في تشكيل وزراء الحكومة.
وأضاف “المرحلة الأولى للمحادثات تضم المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير، المكون العسكري، وأطراف السلام، وقوى الثورة”.
ونفى بابكر موافقة الحرية والتغيير على عدم ملاحقة قادة الجيش، وأوضح أن المشاورات الجارية حول دور المؤسسة العسكرية في الفترة الانتقالية.
وأكد أن “وثيقة المحامين أقرت انجاز العدالة الانتقالية في مناطق الحروب ومحاسبة المتورطين في الجرائم لإنصاف الضحايا”.
إقرأ المزيد