كارثة إنسانية تلوح في الأفق بدارفور مع تفاقم الأوضاع الأمنية والصحية
الفاشر – صقر الجديان
حذرت المنسقية العامة لمعسكرات النازحين واللاجئين في السودان من كارثة إنسانية وشيكة في إقليم دارفور، الذي وصفته بأنه “ممزق بشكل شبه كامل ويكاد يخرج عن السيطرة”، وذلك في تقرير صدر اليوم الثلاثاء يغطي الفترة من أبريل حتى منتصف يونيو الجاري.
وأفاد التقرير، الذي أعدته المنسقية التي تواصل رصد الوضع في دارفور، بتدهور حاد في الأوضاع الإنسانية والصحية والأمنية، مع استمرار النزوح وتصاعد أعمال العنف وانتشار الأمراض.
تفاقم الأزمة الإنسانية ونقص المأوى
يواجه الأطفال والنساء الحوامل والمرضعات تهديداً مستمراً من الجوع والمجاعة وسوء التغذية والعطش، بالإضافة إلى ندرة مواد الإيواء. ومع حلول فصل الخريف، أشار التقرير إلى أن هذا الوضع ينذر بكارثة إنسانية محتملة للأسر بلا مأوى في جميع مناطق النزوح في السودان ودارفور، خاصة في منطقتي جبل مرة والطويلة اللتين تشهدان أمطاراً غزيرة.
ودعت المنسقية الأمم المتحدة ووكالاتها والمنظمات الدولية إلى تكثيف جهودها لمعالجة هذه الأوضاع الإنسانية المزرية، مشيرة إلى استمرار النزوح اليومي من الفاشر إلى الطويلة وجبل مرة، اللتين أصبحتا أكبر مركزين للنزوح في الصراع الدائر. وأكد التقرير أن الأزمة تفوق طاقة الوكالات الإنسانية والسلطات المحلية والمجتمعات المضيفة.
تردي الأوضاع الصحية وانتشار الأوبئة
يشهد السودان، ووفقاً للتقرير، أوضاعاً صحية متردية في مناطق مختلفة، مع انتشار أمراض مثل الكوليرا في عدد من الولايات، والملاريا وسوء التغذية لدى الأطفال والنساء الحوامل والمرضعات. كما لفت التقرير إلى وجود التهابات وأمراض أخرى لم تُشخص بسبب نقص الكوادر الطبية.
وفي المناطق التي يتركز فيها النازحون، أبرزت المنسقية مشاكل الصرف الصحي التي تعد مصدراً للأمراض والأوبئة، مما يثير قلقاً بالغاً لسكان هذه المجتمعات وينذر بكوارث صحية.
تصاعد العنف وانتهاكات حقوق الإنسان
تستمر الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بسبب “تمزق النسيج الاجتماعي بفعل الحرب”، الذي أدى إلى تقسيم المجتمع وترسيخ خطاب الكراهية، حسب التقرير. واتهمت المنسقية أطراف الصراع بالاستمرار في ارتكاب “الفظائع والمجازر”.
وذكر التقرير أن قوات الدعم السريع تقصف معسكر أبو شوك يومياً، مما يسفر عن سقوط عشرات القتلى والجرحى، بينما تشن قوات الجيش السوداني غارات جوية على مناطق مأهولة بالسكان في أنحاء دارفور، “مستخدمة أسلحة ثقيلة محرمة دولياً”.
وسجلت المنسقية انتهاكات على الطريق بين الفاشر والطويلة، شملت 95 حالة عنف قائم على النوع الاجتماعي، و15 حالة وفاة بسبب الجوع والعطش، و24 حالة صدمات نفسية، و17 حالة إطلاق نار مباشر. كما سجلت ثلاث حالات قتل فردي في كاس وأربع حالات في بنديس. واختتم التقرير هذا الجزء بالقول إن “البلاد غرقت في الفوضى، وأصبح قانون الغاب هو القوة المهيمنة”.
مطالبات بتدخل دولي
وأعربت المنسقية عن قلقها البالغ إزاء جميع الحالات المذكورة، خاصة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان واستخدام الأسلحة الفتاكة داخل التجمعات السكانية المدنية الكبيرة.
وطالبت بتشكيل لجنة دولية مستقلة للتحقيق في مزاعم استخدام الأسلحة الكيميائية في المناطق المكتظة بالسكان في إقليم دارفور، ولجنة أخرى للتحقيق في قصف قافلة مساعدات إنسانية في منطقة الكومة بشمال دارفور، كانت متجهة إلى الفاشر.
كما التمست من المؤسسات القضائية الدولية “دوراً في إنهاء الإفلات من العقاب وتحقيق العدالة للناجين من الجرائم والانتهاكات المرتكبة ضد المدنيين العزل”.