مبادرة تركيا وليبيا للحل بالسودان.. خبراء يستشرفون الفرص والعقبات
الخرطوم – صقر الجديان
وسط تباين في سبل إنهاء الصراع بين طرفي الأزمة بالسودان ومع تصاعد وتيرة المعارك تخرج المبادرات الراغبة بوضع نهاية للحرب المستعرة منذ أبريل/نيسان الماضي.
فقبل ساعات برزت إلى السطح مبادرة جديدة طرحتها تركيا بالاشتراك مع حكومة الوحدة الوطنية المنتهية الولاية برئاسة عبدالحميد الدبيبة في ليبيا (لا تحظى باعتراف مجلس النواب الليبي)، لإنهاء الحرب السودانية التي اندلعت قبل أشهر وفق مسار سلمي يضع حدا كذلك لواحدة من أعقد الكوارث الإنسانية.
ومنذ أبريل/نيسان الماضي، يشهد السودان مواجهة حامية من أجل السيطرة على البلاد بين الجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، في حرب أسفرت عن مقتل الآلاف وتشريد الملايين وسط مخاوف متصاعدة من حدوث مجاعة.
وقال وزير الخارجية السوداني المكلف، علي الصادق، في تصريحات إعلامية، إن تركيا وليبيا طرحتا مبادرة لإنهاء الحرب في السودان، لكنها غير واضحة المعالم.
وأوضح الصادق أن السودان من واقع حرصه على الحل السلمي سيدرس جميع المبادرات المطروحة، مضيفا أنه عند اكتمال ملامح فكرة ومبادرة أنقرة وطرابلس سيكون هناك رد سوداني بعد الدراسة.
وشهدت العاصمة الليبية طرابلس، الأسبوع الماضي، زيارة كل من رئيس مجلس السيادة الانتقالي وقائد قوات “الدعم السريع” بدعوة من حكومة الوحدة الليبية لبحث إمكانية التوصل لوقف الحرب الدائرة.
وأعلنت حكومة الدبيبة أنها طرحت على الطرفين مبادرة للحل بعد مناقشات مع طرفي الصراع، مؤكدة أنها وجدت ترحيبا منهما.
القفز من مبادرة لأخرى
“العين الإخبارية” تحدثت مع الكاتب والمحلل السياسي السوداني محمد الأسباط والذي يرى أن الإعلان عن المبادرة التركية الليبية يقع في إطار “تكتيك جديد” يضعه قائد الجيش السوداني، عبدالفتاح البرهان، وهو القفز من مبادرة إلى أخرى لتشتيت الجهد.
وأعرب الأسباط عن اعتقاده بأن تعدد المبادرات بكل تأكيد لا يسهم في حل أي قضية كما هو معلوم بالضرورة، مشيرا إلى أن هذا الأمر بدا واضحا عندما أعلن البرهان موافقته على مبادرة منظمة “الإيغاد” ثم عاد ونفض يده منها.
وذكر أن البرهان سبق تلك الخطوة بسحب وفده التفاوضي من مبادرة جدة، ثم عاد مرة أخرى واعترض على مبادرة “الإيغاد” وأعلن التمسك بمبادرة جدة، منوها إلى أنه لم يصحب ذلك أي عمل أو تحرك حقيقي لعودة وفدي التفاوض إلى جدة.
ولفت المحلل السياسي السوداني، في حديثه لـ”العين الإخبارية”، إلى أن الحديث عن مبادرة تركيا وليبيا ظهر في وقت يقوم نائبه، مالك عقار، بطرح رؤية كما أعلن عبر وسائل الإعلام، قائلا إنه ربما نسمع مبادرة جديدة من دولة جنوب أفريقيا التي زارها مؤخرا.
وحول ما إذا كانت تلك المبادرات من شأنها إنهاء الحرب، يرى الأسباط أن هناك حالة من “التخبط”، معربا عن اعتقاده بأن تلك الحالة “تكشف أن قائد الجيش السوداني، يطرح مزيدا من المبادرات حتى يؤدي ذلك في نهاية المطاف إلى “إطالة أمد الحرب”، على حد قوله.
مخاوف ليبية تركية أم مصالح؟
لكن بعيدا عن مسألة الحل للأزمة في السودان، فإنه ما من شك أن لدى أنقرة وطرابلس دوافع عدة لطرح مثل هذه المبادرة، والتي تراوحت بين الحرص على تجنب بعض المخاوف وكذلك تحقيق مصالح أخرى.
الكاتب والمحلل السياسي السوداني الهضيبي ياسين يرى بدوره أن المبادرة الليبية التركية تنطلق من تصاعد وتيرة المخاوف في طرابلس من انتقال الحرب السودانية إلى إقليم دارفور وسط البلاد بحلول منتصف العام الجاري.
وأضاف، في تصريحات لـ “العين الإخبارية”، أن وصول الصراع إلى هذه المنطقة سيكون له تأثير بالغ على الداخل الليبي أمنيا واقتصاديا، لا سيما وسط التوقعات التي ترجح تزايد مستويات النزوح نحو ليبيا من السودان.
وأشار ياسين إلى مضاعفة حجم عمليات الهجرة غير الشرعية مما يتطلب وقف نزيف الحرب بين طرفي النزاع المسلح.
وتحدث الكاتب السوداني كذلك عن الارتباط الوثيق بين تركيا وحكومة طرابلس، التي تحتم على الأولى التصدي ومجابهة أي أخطار قد تتعرض لها الأخيرة، باعتبار أن أنقرة خلال العام 2021 شرعت في تطبيق استراتيجية التوسع نحو شمال وشرق أفريقيا لتأمين مصالحها الاقتصادية التي تتطلب استقرارا في تلك المناطق.
يذكر أن الحرب في السودان خلَّفت أكثر من 9 آلاف قتيل، فضلا عما يزيد على 6 ملايين نازح ولاجئ داخل البلاد وخارجها، وفق إحصاءات رسمية صادرة من الأمم المتحدة.