مجلس الأمن يُجدد حظر تدفق الأسلحة إلى «دارفور» ويمدد ولاية الخبراء

نيويورك – صقر الجديان
قرر مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، ليل الجمعة، تمديد نظام العقوبات الخاص بحظر توريد الأسلحة إلى دارفور لعام إضافي، كما جدد ولاية فريق الخبراء.
وفرض مجلس الأمن نظام العقوبات في السودان عام 2005 بموجب القرار رقم 1591، والذي يحظر بيع وتوريد الأسلحة إلى جميع الأطراف المتحاربة في دارفور، مع فرض عقوبات تشمل حظر السفر وتجميد الأصول لمنتهكي القرار.
وقال مجلس الأمن، في بيان، إنه “مدد نظام العقوبات المفروضة على السودان، بما في ذلك العقوبات المستهدفة وحظر الأسلحة لمدة عام إضافي”.
وأوضح أن المجلس قرر تمديد ولاية فريق الخبراء إلى 12 أكتوبر، بهدف مواءمة الجداول الزمنية لتجديد نظام العقوبات وولاية الفريق.
وأنهت هذه المواءمة جدلًا يُثار داخل مجلس الأمن عند تجديد ولاية الفريق، كان آخره في فبراير السابق، عندما اقترح بعض أعضاء المجلس ربط تمديد ولاية فريق الخبراء بنظام العقوبات.
وطالب مجلس الأمن فريق الخبراء بتقديم تقرير مرحلي إلى لجنة مجلس الأمن الخاصة بالعقوبات بحلول 12 مارس المقبل، إضافة إلى تقديم تحديثات عن أنشطته كل ثلاثة أشهر، على أن يُقدم تقريره النهائي إلى المجلس في 31 يوليو 2026.
وأعلن المجلس عن نيته في مراجعة ولاية الفريق واتخاذ إجراءات بشأن تمديدها في 12 سبتمبر 2026.
ويساعد فريق الخبراء لجنة العقوبات المؤلفة من جميع أعضاء مجلس الأمن على رصد تدابير حظر الأسلحة والسفر وتجميد الأصول، وتقديم توصيات للحد من انتهاكات حظر توريد الأسلحة إلى دارفور.
وتشمل ولاية فريق الخبراء التحقيق في تمويل الجماعات المسلحة والعسكرية.
ووضع مجلس الأمن في 25 أبريل 2006 أربعة أشخاص في قائمة العقوبات، منهم زعيم قبيلة المحاميد في شمال دارفور، موسى هلال، وضابط رفيع في الجيش، وقائدان في حركات دارفور المسلحة.
مطالب السودان
ودعا مندوب السودان الدائم في الأمم المتحدة، الحارث إدريس، إلى مراجعة العقوبات والتدابير المرتبطة بها، بما يتماشى مع حق البلاد في الدفاع عن سيادتها ووحدة أراضيها.
وطالب مجلس الأمن بضرورة اتخاذ إجراءات بنّاءة حيال القضاء على المرتزقة في دارفور، نظرًا إلى أنهم يشكلون تهديدًا مباشرًا للسلام.
واستعانت قوات الدعم السريع، عبر الإمارات، بمرتزقة كولومبيين ينشطون في تدريب الأطفال والقُصّر على أساليب حرب العصابات، كما يقاتلون في صفوفها، خاصة في مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور.
وقال الحارث إدريس إن المرتزقة جُلبوا عبر شركات أمنية خاصة يقع مقرها في الإمارات، عبر طائرات استأجرتها أبوظبي لنقلهم إلى داخل السودان عبر 248 رحلة.
وأوضح أن مشاركة المرتزقة في الأعمال القتالية ضد الجيش أدت إلى انتهاكات جسيمة، بما في ذلك المجازر وعمليات القتل خارج نطاق القضاء، كما استخدم بعضهم الفسفور الأبيض في العام السابق، رغم حظر استخدامه بموجب القانون الإنساني الدولي.
وفي 8 نوفمبر 2024، وافقت لجنة العقوبات على إدراج قائد عمليات قوات الدعم السريع، عثمان محمد حامد، الشهير بـ”عثمان عمليات”، وقائد القوات في غرب دارفور، عبد الرحمن جمعة بارك الله، في قائمة العقوبات.
وفي سبتمبر 2024 فرضت لجنة تابعة لمجلس الامن الدولي عقوبات على اثنين من قادة الدعم السريع، هما عثمان “عمليات” وعبد الرحمن جمعة بارك الله، بدعوى “زعزعة استقرار البلاد من خلال العنف وانتهاكات حقوق الإنسان”.
وشملت العقوبات حظر السفر وتجميد الأصول، في خطوة وصفت بأنها أول عقوبات أممية مرتبطة بالحرب الحالية في السودان، التي اندلعت في أبريل 2023 بين الجيش بقيادة رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة حميدتي.
مداولات قادة العالم
وانقسم أعضاء مجلس الأمن الدولي في المناقشات التي تلت تمديد نظام العقوبات وولاية الفريق، حيث طالب البعض بإدراج إشارات إلى تدهور الوضع في السودان، والعنف الجنسي المرتبط بالنزاع، ومشاركة المرتزقة، فيما أصر البعض الآخر على أن يكون التمديد تقنيًا بحتًا دون أي إضافات.
وقال ممثل الولايات المتحدة إن اعتماد قرار تمديد العقوبات وولاية الفريق يؤكد أن المجتمع الدولي يُركز على وقف تدفق الأسلحة وتعزيز المساءلة بحق من يواصلون زعزعة الاستقرار في دارفور.
وشدد على أن الوضع في دارفور لا يزال خطيرًا في ظل انتشار العنف والنزوح والتحديات الإنسانية.
بدوره، دعا ممثل المملكة المتحدة لجنة العقوبات إلى فرض عقوبات على الجُناة حول العنف الجنسي المرتبط بالنزاع.
وطالب بضرورة أن يكون نظام العقوبات فعالًا، بحيث يتصدى للاستخدام المتزايد للمرتزقة والطائرات المسيّرة.
وسعت المملكة المتحدة إلى إدراج العنف الجنسي في قرار تمديد نظام العقوبات وولاية فريق الخبراء.
وقال ممثل سلوفينيا إن الفظائع المرتكبة في السودان، وخصوصًا في دارفور، بما في ذلك القتل الجماعي، والتعذيب، والاختفاء القسري، والعنف الجنسي، والحرمان من الغذاء والمياه والرعاية الصحية، “لا يمكن تلخيصها إلا في كلمة: الرعب”.
وطالب بضرورة وصل سلسلة هذه الفظائع بمحاسبة من يغذيها ويرتكبها ويستفيد منها، مشيرًا إلى أن فريق الخبراء قدم مجموعة من الأدلة على انتهاكات حظر الأسلحة إلى دارفور، وانتهاكات القانون الدولي الإنساني.
من جانبه، شدد ممثل الصين على أن العقوبات “وسيلة وليست غاية، ويجب ألا يُساء استخدامها كأداة سياسية للتدخل والضغط”، موضحًا أن الأولوية هي لتحقيق وقف إطلاق النار، والتخفيف من المعاناة الإنسانية، ودفع العملية السياسية إلى الأمام.
ويأتي تمديد نظام العقوبات بعد أيام من انفتاح الجيش في مناطق جديدة بكردفان، في سياق سعيه المتواصل لاستعادة إقليم دارفور، الذي يخضع معظمه لسيطرة قوات الدعم السريع.