مجموعة داخل مجلس قبائل البجا تتهم «حميدتي» بدفع رشاوى لشباب شرق السودان
الخرطوم – صقر الجديان
اتهمت (مجموعة أوبشار) في المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة، (منقسم لفريقين) في السودان، أمس الأربعاء، نائب رئيس المجلس السيادي، محمد حمدان دقلو «حميدتي» بدفع رشاوى لشباب شرق السودان، والعمل من أجل تفتيت المجلس الأهلي، الناشط شرقي البلاد، فيما رفضت (مجموعة محمد الأمين ترك) الاتهامات، وطالبت بتقديم «أدلة وبراهين».
واعتبرت (مجموعة أوبشار) في بيان، أن «استمرار مستشاري حميدتي في توزيع الأموال والعطايا والرشاوى، عبر التطبيقات البنكية على الشباب في شرق السودان يزيد من الشقة في صف المجلس».
وأكد البيان أن «هذه الرشاوى الغرض منها انحياز متلقي الرشاوى لطرف دون الآخر» مشددا على أن ذلك «يضر كثيرا بمساعي وحدة الصف، ويعصف بالمبادرات الخاصة بتوحيد المجلس الأعلى لنظارات البجا».
وأضاف: «لقد عهدنا على مدار ثلاث سنوات من حميدتي، الذي يرأس لجنة الشرق، سعيه الدؤوب لتفتيت المجلس» مؤكدا رفضهم «الأطماع الاستعمارية ومساعي العمالة للأجنبي، وعملهم على حفظ أمن البلاد وسيادتها من ناحية الشرق».
وجدد رفضه للجنة الشرق التي يترأسها «حميدتي» متهما إياها بـ«الانحياز» مشددا على تمسك المجلس بنشاطه، الذي جاء بـ«تفويض شعب البجا له في مؤتمر سنكات».
مجلسان
وفي كانون الأول/ ديسمبر الماضي، أصدر القائد العام للجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، قرارا بتشكيل لجنة عليا لحل قضايا شرق السودان، برئاسة نائبه «حميدتي» الأمر الذي أثار خلافات واسعة شرقي البلاد.
ومؤخرا اتسعت الخلافات بين مكونات المجلس، الذي تأسس في عام 2019 عقب مؤتمر سنكات، الذي جمع مكونات قبيلة البجا، وقبائل أخرى من شرق السودان.
وفي 23 يونيو/ حزيران الماضي، وبعد اجتماع في مدينة أركويت، التي تبعد نحو 205 كيلومترات غربي بورتسودان، عاصمة ولاية البحر الأحمر، أعلن رئيس المجلس، محمد الأمين ترك، تجميد عمل المجلس، وتشكيل لجنة تحضيرية للمؤتمر العام.
وأصدر قرارا بتسليم كل متعلقات المجلس من أختام وأوراق رسمية لأمانة حكومة ولايتي كسلا والبحر الأحمر، شرق السودان.
وبعد ساعات قليلة من اجتماع أركويت، أعلنت مجموعة من مكونات المجلس في مدينة بورتسودان، بقيادة مقرر المجلس، عبد الله أوبشار، عدم الاعتراف بقرارات ترك، مشددة على أن الاجتماع الذي تم في أركويت مجرد «اجتماع أهلي لا علاقة له بالمجلس».
وقال أوبشار والمجموعة الرافضة للتجميد، إن المجلس يباشر أعماله كالمعتاد، مشددا على أنه كيان قومي مفوض كمؤسسة وليس أفرادا، ولديه مجلس يحدد الحاجة إلى عقد مؤتمر من عدمها، وأنه يقوم في الوقت الراهن بدوره كاملا.
وأكد رفض ما وصفها بـ«المحاولات المستميتة لتعطيل المجلس وتجميد أعماله» معتبرا ذلك محاولة لتمرير أجندة خاصة بمسار الشرق في اتفاق السلام الموقع في 3 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، والذي يرفضه المجلس.
وأضاف: ليس هنالك أي جهة بإمكانها إلغاء أو تجميد المجلس الأعلى لنظارات البجا إلا عبر مؤتمر عام.
وبناء على قرارات ترك، أعلنت مجموعة أوبشار وقتها، تكوين هيئة قيادة عليا، مبينة أن الهدف منها مواجهة ما طرأ من تباين آراء حول ثوابت القضايا الرئيسية، ومقابلة مستجدات المرحلة ومتابعة الأعمال والتقرير في الشأن التنظيمي والمؤتمرات والموقف من المطالب وسير القضايا موضوع اهتمام المجلس. ونددت في بيان بما وصفتها بـ«الأطماع الخارجية والمؤامرات الداخلية» التي ظلت تحاك ضد شرق السودان.
وقالت إن «المجلس الأعلى لنظارات البجا ظل يتصدى لكل المؤامرات القادمة من الحكومة المركزية، ويسعى لاستعادة حقوق ومطالب مواطني شرق السودان» مشيرا إلى إن «جهات نافذة في الدولة أصبحت تمارس سياسة فرق تسد عبر الإغراءات وشراء الذمم تمهيدًا لتمرير مسار الشرق في اتفاق السلام وبيع وخصخصة الموانئ وضرب النسيج الاجتماعي».
وأضافت: «ظلت تلك الجهات تعمل على حل المجلس أو تجميده وإقالة أو اعتقال قياداته، إلا أنه ظل يتصدى لها» مشددا على أن اجتماع رئيس المجلس في أركويت «لا يعني مؤسسات المجلس، ولم يتم من قبل الجهات المنوطة».
والأسبوع الماضي، قال ترك في مؤتمر صحافي في الخرطوم، إنه أصدر قرارا بإعفاء أوبشار، وعدد من قادة المجلس المناوئين له.
قالت إن سلوكه «يضرّ بمساعي وحدة الصف»… وفريق الترك طالب بتقديم براهين وأدلة
وبعد إطلاق عدد من مكونات البجا، مبادرة لحل الخلافات بين أطراف المجلس، عاد قادة المجلس الرافضون لقرارات تجميد المجلس، للتنديد بمساعي «حميدتي» لعرقلة هذه الجهود، حسب بيان أصدرته أمس مجموعة أوبشار، مؤكدة «إيمانها بالرأي والرأي الآخر ودعمها لجميع مبادرات جمع الصف الداخلي ووحدة الكلمة».
وشددت على «رفضها للقرارات الأحادية الساعية لتجميد المجلس» مؤكدة أن تلك القرارات «تدار من الحكومة المركزية في الخرطوم تنفيذاً لرغبة جهات عليا في الدولة».
وحول موقفها من المبادرة التي أطلقتها مجموعة من قيادات البجا لإعادة توحيد المجلس، قالت إنها «وافقت على المبادرة، بعد اللقاء مع أصحابها، وحديثهم عن معرفتهم الكاملة بموطن العلة فيما يتعلق بالقرار الأحادي بتجميد المجلس والمؤتمر العام» وما وصفتها بـ «القرارات الفوقية والفردية».
وأشارت إلى أن «أصحاب المبادرة أكدوا على العمل على إنهاء تلك القرارات وأن يقوم الصلح على الأساس الأول للمجلس بهيئته المكتملة».
وأضاف البيان: «لا نزال على موقفنا، وعلى التزامنا، ولكن نعتقد بأن الانحياز الواضح الذي ظهر من قادة المبادرة في الأقوال والأفعال لطرف دون الآخر طعن في حيادها» مشددا على أن أي مبادرة «لا يمكن أن تقوم بفرض قرارات طرف على آخر، وينبغي أن تلتزم بطرحها الذي وافقت عليه المجموعة الرافضة لقرار تجميد المجلس».
وشدد على أنهم «لن يكونوا جزءا من أي طرح لا يتبنى التراجع عن القرارات الفردية وعن فكرة التجميد الأُحادي والمؤتمر العام والعودة لمنصة اجتماع المجلس لإصدار القرارات».
وأضاف: «نحن لم نتخذ أي قرارات حيوية حتى الآن لإتاحة الفرصة الكافية للمبادرات، وحرصاً على وحدة المجلس، رغم يقيننا بأن الأزمة ليست شخصية إنما ترتبط في أصلها باختلاف في المرتكزات الأساسية لقضية المجلس وأهدافه الأساسية ومحاولة البعض الحياد عنها استجابة لضغوط وتأثيرات مركزية وتنفيذا لقرارات جهات سياسية تسعى لتفتيت المجلس».
في المقابل، رفضت مجموعة محمد الأمين ترك، اتهامات المجموعة الأخرى، مطالبة إياها بتقديم الأدلة والبراهين على تقديم «حميدتي» رشاوى لشباب الشرق، وتحديد هوية وأسماء من تسلموا هذه الرشاوى.
وجددت تمسكها بتجميد المجلس، إلى حين انعقاد المؤتمر العام، الذي لم تحدد موعده حتى الآن.
نقطة اللاعودة
الناشط في قضايا شرق السودان، خالد محمد نور، رأى أن «الخلافات بين قادة المجلس وصلت إلى نقطة اللاعودة، ومبادرات التوافق لن تصل لأي نتائج، ولن تنجح في توحيد المجلس».
وقال لـ«القدس العربي» إن «الصراعات بين مجموعة ترك ومجموعة أوبشار صراعات على السلطة، والمصالح الشخصية لكل مجموعة» مضيفا: «قضايا شرق السودان يتم تصديرها كواجهات للصراع فقط».
ولفت إلى أن «ترك بعد الانقلاب، أصبحت علاقته أقوى بالسلطات في الخرطوم، وبات يرى أن مرحلة التصعيد من قبل المجلس قد انتهت، وأن المرحلة الحالية هي مرحلة تنسيق مع عسكر الخرطوم، الأمر الذي لا يجد قبولا عند المجموعة المناوئة له، والتي قادت مجموعة من الاعتصامات في شرق السودان الشهر الماضي».
وتابع: «قضية الرشاوى وتوزيع سيارات للإدارات الأهلية من قبل مجموعات تابعة لحميدتي، كان عموم المواطنين في شرق السودان شهودا عليه، وذلك قبل الانقلاب» مشيرا إلى أنه «ليس أمرا جديدا».
وأكمل: «حميدتي يرى أن ترك، كزعيم أهلي، هو الطرف الأقوى والقادر على الحشد القبلي بشكل أكبر، لذلك سيواصل دعمه على حساب المجموعة الأخرى التي تتكون في غالبها من السياسيين».
وحسب نور، يسعى «حميدتي» والقادة العسكريون لـ«استبدال الأحزاب السياسية والمجتمع المدني والنقابات بالإدارات الأهلية، لتمرير أجندتهم عبرهم» مشددا على أن ذلك «قد يقود مستقبلا إلى تجييش تلك القبائل، واندلاع صراعات واسعة برزت نذرها مؤخرا، يرجح أنها قد تتحول إلى حرب أهلية طاحنة».
إقرأ المزيد