مع تصاعد النزاعات المسلحة .. شبح الجوع يلوّح في دارفور
الخرطوم – صقر الجديان
في خضم أزمة سياسية، اقتصادية واجتماعية ونزاعات مسلحة، تعصف بالبلاد منذ انقلاب 25 أكتوبر، وتحذيرات أممية نوهت إلى أن ثلث سكان السودان قد يواجهون شبح المجاعة في سبتمبر المقبل، إلا أن المسؤولين في إقليم دارفور لا يلقون بالاً لذلك رغم تحذيرات الفاعلون بإحدى محليات ولاية شمال دارفور، من كارثة غذائية بالمنطقة.
و حذر مواطنين بمنطقة أم حوش بوحدة جابر محلية الطويشة بولاية شمال دارفور من مجاعة بسبب إنعدم الذرة باسوق المنطقة وطالبوا المنظمات المحلية والدولية بضرورة التدخل لإنقاذ الوضع الذي وصفوه بالكارثي.
ويمر إقليم دارفور بواحدة من أسوأ الفترات على الصعيدين الاقتصادي والأمني ، إذ توالى شح المواد الغذائية والانفلات عقب انقلاب البرهان في اكتوبر 2021م، ولم تفلح اتفاقية جوبا لسلام السودان 2020م في وضع حد للجوع و حوادث القتل والسلب والنهب في بعض مناطق الإقليم.
نزوح الآلاف
وتأثر إقليم دارفور في العامين الماضيين بالنزاعات القبلية التي أودت بحياة أعداد كبيرة من المواطنين ونزوح الآلاف يقيمون في مراكز للنازحين داخل مدن الإقليم المختلفة.
وتشهد دارفور بين الحين والآخر قتالا قبليا بسبب النزاع حول الموارد والمراعي وخلف هذا الصراع الدامي آلاف القتلى حيث تتهم الحكومة بالتقاعس عن اتخاذ تدابير وقائية لمنع تجدد أعمال العنف بين المكونات الاجتماعية.
ويقول عضو لجان مقاومة أم حوش فتحي محمد لـ «التغيير» إن المنطقة تعاني من شبه مجاعة لعدم توفر الذرة، وأضاف: “طلبنا الدعم من الجهات المختصة لكنها لم تستجيب لنداءات المتكررة”.
وتخوف فتحي من حدوث مجاعة في المنطقة في حال لم تحصل استجابة في الأيام القادمة بسبب الأمطار وقطعها لأغلب الطرق بإقليم دارفور.
وحمل محمد والي شمال دارفور والمسؤولين بالولاية ما يحدث بالولاية نتيجة ما يحدث، وقال “عادة ما تُوصد الأبواب في وجه لجان المقاومة التي تنادي بحقوق إنسان المنطقة المتمثلة في الحرية والسلام والعدالة والعيش الكريم”.
فشل الوالي
و بحسب مراقبون لم يستجيب والي الولاية نمر عبد الرحمن لدعوات الاستغاثة لمواطني أم حوش وظل يتجول بين احتفالات قوات الدعم السريع والأفراح والمناسبات الخاصة ما جعل مغردون عبر وسائل التواصل الإجتماعي يسخرون منه ويطالبونه بالاستقالة من المنصب بعد فشله في إدارة الولاية.
و بحسب مراقبون فإن الوالي لا يلقي بالاً لتلك الأصوات وظل يمكث بعيدًا في العاصمة الخرطوم، وآخر زيارة له للفاشر كانت أمس الأول بعد أن قضي أسبوعين بمقرن النيلين قال إنه ناقش خلالها مع المسؤولين بالمركز العديد من القضايا والموضوعات.
تحسين الصورة
فيما يرى مراقبون أن فشل الوالي نمر يعد جزء من فشل حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي الذي يتخذ من ذات الخرطوم سكنًا له رغم حديثه عن تكوين حكومة لإدارة شؤون الإقليم مع أنه لم يذهب إلى دارفور إلا للمناسبات الرياضية ودفع الأموال التي لم يستفيد منها المحتاجين في شئي، و أنه يعمل على التقاط الصور التذكارية وسرعان ما يعود إلى الخرطوم بذات الطائرة التي اقلته.
واستبشر البعض بأن تكون زيارة نائب رئيس مجلس السيادة الانقلابي محمد حمدان دقلو المعروف بـ”حميدتي خيرًا، إلا أنه لم يفلح في حل المشاكل الحقيقة ومضى في إنجاز مصالحات قبلية تنصلت منها عدد من القبائل.
و قال مراقبون إن حميدتي مضى في ذات النهج الذي كان يتعامل به النظام البائد في حل الأزمات من خلال إقامة المناشط الرياضية وتكريم نجوم المجتمع ودفع أموال طائلة لتحسين الصورة الذهنية نتهتي بانتهاء الفاعلية، آخرها مبارة القمة بين الهلال والمريخ و احتفال درس السلام بالجنينة بغرب دارفور، التي دفع فيها أموال طائلة حال وجهت لإنسان الإقليم لكفته شبه المجاعة والحروب.
طلب إغاثة
ويؤكد بدوي عبد القادر دردوق عمدة أم حوش حديث عضو لجان المقاومة بالمنطقة بقوله : “إن هنالك شكاوي من المواطنين بنفاذ الذرة بحوزتهم وإنعدام أي مخزون بالمنطقة بسبب ضعف الإنتاج في العام السابق”.
وأضاف: “ملوة الذرة تتراوح اسعاره ما بين 2700 -2800 جنيه في اسواق وحدة جابر الإدارية”.
وقال عبد القادر لـ «التغيير» إنهم تقدموا بطلب إغاثة للجهات المختصة لكن لم تأتي استجابة حتى الآن.
وقال إن والي ولاية شمال دارفور نمر عبد الرحمن وعد بزيارة المنطقة لكن لم يوفي بما وعد به.
كارثة غذائية
وبحسب آخر إحصائية للسكان يبلغ عدد سكان دارفور ما يقارب 7.5 مليون.
وحذر برنامج الأغذية العالمي في يونيو الماضي، حدوث كارثة غذائية في سبتمبر المقبل، وقال إن أكثر من ثلث سكان السودان يواجهون حاليًا انعدامًا حادًا في الأمن الغذائي، مع عدم كفاية الأموال لمواجهة هذا الخطر.
وأكدت الوكالة التابعة للأمم المتحدة أن عدد من يواجهون الخطر بلغ 15 مليون شخص بزيادة سبع نقاط مئوية عن العام الماضي. ومن المتوقع أن يرتفع العدد إلى 18 مليونًا أي 40 بالمئة من السكان بحلول سبتمبر في حالة استمرار المؤشرات الحالية.
وقالت المنسقية العامة لمعسكرات لنازحين واللاجئين إن الأوضاع الإنسانية في معسكر النازحين بولايات دارفور الخمسة، تحتاج إلى تدخل عاجل.
وقال الناطق باسم اللاجئين والنازحين آدم رجال إن النازحين لم يتلقوا لشهرين الحصص التي يتم صرف الحصص الغذائية التي تأتي عبر برنامج الغذاء العالمي«WFP» مما أدى إلى فجوة غذائية داخل المحيمات.
وأشار رجال إلى أن برنامج الغذاء العالمي لم يوضح أسباب تأخير صرف الحصص الغذائية.
مؤكدا أن تأخر الصرف زاد من معاناة النازحين.
وشبه آدم الظروف الحالية بالظروف التي عاشوها في بداية النزوح واللجوء في العام 2003، وهذا يحتاج إلى التدخل العاجل للمنظمات الإنسانية والحقوقية الدولية لتقديم الخدمات الطارئة لا سيما الغذاء والدواء والكساء والمأوي ومياه الشرب لإنقاذ حياة الملاييين من النازحين بالمعسكرات.
وطالب رجال بعودة المنظمات الإقليمية والدولية التي طردها نظام المخلوع عمر البشير، حتى تقدم خدماتها للمحتاجين في معسكرات النازحين واللاجئين الذين فتك بهم الجوع والأمراض وقسوة الظروف المناخية، وهم يواجهون الموت البطيء.
ويرى مهتمون بالشأن الدارفوري أنه رغم الخطر الذي يُحيق بالمواطنين السودانيين من جميع الاتجاهات إلا أن قادة الحركات المسلحة الموقعين على اتفاق سلام جوبا يتمتعون في نعيم القصر تاركين اهليهم الذين يقولون انهم رفعوا للسلاح من أجلهم يشتكون من شبة المجاعة، ولم يكلفون أنفسهم بزيارتهم و الوقوف على أوضاعهم دعك من تقديم يد العون لهم “بحسب مواطنين”.
تدخل سريع
فيما وصف ناظرك عموم قبائل شرق دارفور عثمان عباس ضو البيت الوضع بالصعب و أنه يحتاج إلى التدخل السريع من قبل الجهات المختصة ومنظمات المجتمع المدني حتى لا تحدث كارثة إنسانية بالمنطقة.
وقال ضو البيت لـ «التغيير» إن الذرة غير موجودة في الأسواق وأسعارها ليست في متناول الجميع، وأضاف: “الزكاة واقفة ومافي منظمة تعمل في المحلية”.
وتابع: “ديوان الزكاة أعطى بعض الأسر 10 ملاوي دخن في الأول من يوليو الماضي لكنها لم تكفي الغرض.
وعزاء عدم تدخل المنظمات الأجنبية إلى نهب مخازن برنامج الغذاء العالمي بالفاشر في ديسمبر الماضية، وقال إن ما حدث من سرقة ونهب أثر على عمل تلك المنظمات.
و كان قد نهبت مجموعة مسلحة مخازن تابعة لبرنامج الأغذية العالمي في مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور في غرب السودان، وفق ما أفاد به مسؤول في مكتب البرنامج في الخرطوم.
ويقدر ما نهب من المخازن التي كانت تحتوي على 1900 طن من المواد الغذائية”.
إتساع الفجوة
ولكن ثمة رأي مغاير ذهب إليه المدير التنفيذي لمحلية الطويشة أزهري التجاني مختار مجاعة بمحلية الطويشة، وقال لـ”التغيير” ليست هنالك مجاعة وإنما فجوة غذائية.
وأقر التجاني بإتساع الفجوة الغذائية بالمحلية التي شملت حتي المناطق الجنوبية منها وقد نفذ ما بحوزة المواطنين من ذرة لأسباب مختلفة.
وأشار إلى أن المسح الغذائي للموسم الماضي شمل الـ (18) محلية بالولاية ولم يحدد محلية الطويشة من ضمن الـ (6) محليات ذات الهشاشة والتي تحتاج لتدخلات إنسانية.
وعزاء المدير التنفيذي وجود الفجوة الغذائية لزراعة المواطنين للمحاصيل النقدية وتجاهلهم لزراعة الدخن والذرة.
وكشف عن إجراء الولاية إلى دراسة لكل محليات الولاية لمعرفة المناطق الأكثر تضررا وتحتاج إلى دعم عاجل منعا لحدوث فجوة غذائية في أي من المحليات.
وأكد أن إرتفاع الأسعار هذه الأيام طبيعي وفي كل ولايات السودان.
مبينا أن الأسعار ستبدأ في الانخفاض في موسم الحصاد (الدرت) في أكتوبر المقبل على حد قوله.
ووعد بالتدخل العاجل في حال لم يتم حل الفجوة حتى سبتمبر القادم.
واتهم مواطنين بمنطقة أم حوش بأنهم يعملون على تضخيم الأمور لأن الوضع لم يصل مرحلة المجاعة، وأن أسواق أم دورورة تتوفر بها الذرة.
ووعد بزيارة الأسواق في الأسبوع القادم لمعرفة الأسباب الحقيقة وراء هذه الندرة.
كرسي السلطة
حديث المسؤولون في إقليم دارفور تكذبه الأرقام و المعلومات التي تورد بين الحين والآخر ويؤكد قصور هؤلاء وتقول، ورغم إن بعض المناطق لا يوجد بها نزاع مسلح إلا أن مواطنيها يموتون بسبب الجوع والإهمال في ظل وجود قاعدة السلام في العاصمة الخرطوم ويتصارعون من أجل الظفر بكرسي السلطة التي لم يحققوا فيها أي نجاح يذكر حتى ظل الفشل حليف دائما لهم وظهرت أصوات تنادي بضرورة عزلهم عن المناصب والعمل على مراجعة اتفاق جوبا الذي يحقق سلام على أرض الواقع.
إقرأ المزيد