هل ينهي “الاتفاق النهائي” أزمة السودان؟ (تقرير)
ـ الأطراف العسكرية والمدنية أعلنت عن جدول زمني للاتفاق النهائي وتشكيل حكومة مدنية مطلع أبريل المقبل
الخرطوم – صقر الجديان
في خطوة نحو الوصول لاتفاق نهائي للأطراف السودانية العسكرية والمدنية، تم الإعلان عن جدول زمني للاتفاق النهائي، وتشكيل حكومة مدنية، تقود المرحلة الانتقالية، مطلع أبريل/ نيسان المقبل.
ففي 19 مارس/آذار الجاري، أعلن المتحدث باسم العملية السياسية النهائية خالد عمر يوسف، أن الاتفاق النهائي بين الفرقاء سيُوقع مطلع أبريل، فيما يبدأ تشكيل الحكومة الجديدة في 11 من ذات الشهر.
جاء هذا الإعلان عقب لقاء الأطراف الموقعة على الاتفاق الإطاري من العسكريين والمدنيين بالقصر الرئاسي في الخرطوم، بحضور الآلية الثلاثية؛ للأمم المتحدة، والاتحاد الإفريقي، والهيئة الحكومية للتنمية (إيغاد).
وفي 8 يناير/ كانون الثاني الماضي، انطلقت المرحلة النهائية للعملية السياسية للموقّعين على “الاتفاق الإطاري”، المبرم في 5 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، مجلس السيادة العسكري الحاكم وقوى مدنية، للوصول إلى اتفاق يحل الأزمة في البلاد.
والقوى الموقّعة مع مجلس السيادة على “الإطاري”، هي: إعلان الحرية والتغيير (المجلس المركزي)، وقوى سياسية أخرى (الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل، المؤتمر الشعبي) ومنظمات مجتمع مدني، وحركات مسلحة تنضوي تحت لواء “الجبهة الثورية”.
وغاب عن الاجتماع: قوى الحرية والتغيير (الكتلة الديمقراطية) التي تضم حركات مسلحة بقيادة جبريل إبراهيم، وأركو مناوي، وقوى سياسية مدنية أخرى، رغم تلقيها دعوة لحضور الاجتماع.
بالإضافة إلى القوى الرافضة للاتفاق، وعلى رأسها الحزب الشيوعي، وحزب البعث العربي، ولجان المقاومة (نشطاء) وتجمع المهنيين السودانيين.
وتهدف العملية السياسية الجارية إلى حل أزمة ممتدة منذ 25 أكتوبر/ تشرين الأول 2021، حين فرض قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، إجراءات استثنائية منها حل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين، وإعلان حالة الطوارئ.
وقبل إجراءات “البرهان” الاستثنائية، بدأت في 21 أغسطس/ آب 2019، مرحلة انتقالية كان مقررا أن تنتهي بإجراء انتخابات مطلع 2024، يتقاسم خلالها السلطة كلٌّ من الجيش وقوى مدنية وحركات مسلحة وقَّعت مع الحكومة اتفاق سلام جوبا عام 2020.
** الغائبون غير الموقعين
تيار غير الموقعين على الاتفاق الإطاري تمثله حركات مسلحة وكيانات سياسية بعضها يتواجد في الحكم، من خلال توقيعها اتفاق سلام في جوبا، أكتوبر 2020، وكذلك قوى سياسية بعضها ارتبط بالنظام السابق، وأحزاب صغيرة أخرى.
ويقود الكتلة الديمقراطية مني أركو مناوي، حاكم إقليم دارفور، رئيس حركة تحرير السودان، وجبريل إبراهيم، وزير المالية، رئيس حركة العدل والمساواة، وتحالف العدالة والديمقراطية برئاسة مبارك أردول، مدير شركة الموارد المعدنية (الحكومية)، والحزب الاتحادي الديمقراطي- فصيل جعفر الميرغني، مساعد الرئيس السابق عمر البشير، حتى سقوط النظام في أبريل 2019.
وترفض هذه القوى السياسية التوقيع بشكل منفرد، وتريد التوقيع ككتلة واحدة، وهو الشرط الذي ترفضه القوى الموقعة على الاتفاق الإطاري، وعلى رأسها قوى الحرية والتغيير ( الائتلاف الحاكم سابقا) التي تطالب بالتوقيع لكل حزب أو حركة بشكل منفرد.
وفي 20 مارس الجاري، قال الأمين السياسي للكتلة الديمقراطية أركو مناوي، “موقفنا واضح ومرهون بالمشاركة بالكتلة الديمقراطية بكل القوى السياسية المنضوية تحتها”.
وأضاف “نرفض أيّ إقصاء وتشكيل أي حكومة بهذه الطريقة”.
** “قوى الرفض” على موقفها
ظلت القوى الرافضة للاتفاق السياسي بين العسكر والمدنيين على موقفها السابق.. “لا تفاوض.. لا شراكة.. ولا شرعية”، حيث ترفض أي تفاوض مع الجيش.
واستمر هذا الرفض ليشمل الاتفاق الإطاري، وتقود هذه القوى الاحتجاجات في العاصمة الخرطوم، ومدن البلاد، منذ 25 أكتوبر/ تشرين أول 2021.
وتضم هذه القوى الحزب الشيوعي السوداني، وحزب البعث العربي، وتجمع المهنيين السودانيين، و لجان المقاومة.
وفي 20 مارس، قال الحزب الشيوعي، “نرفض الاتفاق الإطاري وأي تسوية سياسية هادفة لتصفية الثورة والإفلات من العقاب، وتكريس وجود العسكر في السلطة، تحت مسمى المجلس الأعلى للقوات المسلحة”.
** قطار العملية السياسية يمضي
اعتبر القيادي بـ”الحرية والتغيير” محمد عبد الحكم، أن “وصول السودانيين إلى المحطات الأخيرة في العملية السياسية يمثل حلقة جديدة من سلسلة نجاحات القوى السياسية المدنية في مسعاها الرئيسي لإنهاء الانقلاب واستعادة التحول المدني الكامل”.
وفي حديثه مع الأناضول، قال عبد الحكم، “مع تشكيل لجنة لصياغة الاتفاق السياسي النهائي، وتحديد مواقيت التوقيع، وتشكيل السلطة المدنية، نكون بلغنا مرحلة جديدة في مسار إنهاء الانقلاب عبر آليات سياسية حققت الهدف المصبو إليه”.
وذكر أن “التوصل لتفاهمات للقوى المدنية مع المجتمع الدولي، ووعود منظمات التمويل الدولية بإعادة انسياب المنح المخصصة لدعم الموازنة العامة، ومنح تطوير البنى التحتية ستحدث انفراجة تدريجية على المستوى الاقتصادي”.
وأضاف “سيشكل هذا الدعم إسنادا كبيرا للسلطة المدنية، و يحفز للالتفاف الشعبي حول خيار الدولة المدنية و خروج العسكر عن المشهد السياسي والاقتصادي، و سيضيف رصيد جديد لصف داعمي التحول المدني الكامل” .
وقال إن موقف القوى الموقعة على الاتفاق الإطاري، لا يزال في مسعاه للتواصل المستمر مع حركتي جبريل ومناوي، باعتبارهما من الأطراف المحددة مسبقا كأطراف في العملية السياسية”.
وأردف “نعتقد أن على هذه القوى أن تنخرط في العملية السياسية لمصلحة الوطن، وأن تمسكوا بمواقف الرفض فهذا سيكون أمرا مؤسفا، لكن المؤكد أن قطار العملية السياسية سيمضي لنهاياته دون أن يتوقف كثيرا في محطة الانتظار”.
** فرص متساوية
يرى المحلل السياسي عثمان فضل الله، أن “فرص نجاح الاتفاق النهائي، رغم الإعلان عن الجداول الزمنية للتنفيذ، تظل متساوية مع فشل تحقيق ذلك”.
ويقول “فضل الله”، في حديثه للأناضول، “فرص نجاح الاتفاق النهائي في الوصول لغاياته تبقى 50 بالمئة، ومتساوية مع نسب الفشل في ذلك، رغم صدور الجداول الزمنية للاتفاق، (بما فيها) تشكيل الحكومة في 11 أبريل المقبل”.
ويستطرد “الجيش، ورغم قبوله بالجدول الزمني للاتفاق النهائي، إلا أن تصريحات قادته تدل على عكس ذلك، وهذا يفتح الباب أمام توتر جديد في المشهد قد ينسف الاتفاق مع المدنيين في أي لحظة”.
ويشير “فضل الله”، إلى أن القوى غير الموقعة على الاتفاق في “الحرية والتغيير – الكتلة الديمقراطية”، إذا مضى الاتفاق إلى نهاياته ستوقع مجبرة لأنها لا تملك خيار آخر غير التوقيع..
** الأمل موجود
يرى المحلل السياسي خالد الفكي، أن “هناك أمل أن يفضي الاتفاق إلى نهايته رغم وجود عقبات، تتمثل في رفض القوى الثورية، وقوى الحرية والتغيير- الكتلة الديمقراطية، وكذلك التيارات الإسلامية”.
واستدرك الفكي، في حديثه للأناضول، بضرورة عدم الإسراف في الأمل بأن الاتفاق سيذهب نحو التنفيذ الكامل، واعتبر أن “العثرات ستظل حاضرة أمام الاتفاق”.
وأشار إلى أن “الإرادة السودانية، بالإضافة إلى الدعم الإقليمي والدولي للاتفاق، يمكن أن يحقق تراضي كامل، يذهب بالاتفاق إلى نهايته، وصولا للانتخابات في نهاية الفترة الانتقالية”.