ورحل إلياس.. كورونا لبنان يكسر غصنا من شجرة الرحبانية
رحل آخر عضو بالجيل الأول من عائلة الرحباني، التي شكّلت جزءا أساسيا من تاريخ لبنان الفني، وصدحت أصداؤها في أرجاء العالم العربي.
توفي، الإثنين، الموسيقار إلياس الرحباني، الأخ الأصغر للفنانين منصور وعاصي الرحباني، والذي تتلمذ على أيديهما وأكمل رسالتهما، فكان صلة الوصل بين جيلي “الرحباني” ليكمل أولادهما المسيرة ولو عبر مدارس مختلفة من الموسيقى.
رحل إلياس الرحباني في صمت، عن عمر يناهز 83 عاما، بعد صراع مع المرض فاقمته مضاعفات إصابته بفيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، في مرحلة دقيقة يعيشها لبنان على الأصعدة كافة، ومنها الفنية، وهو الذي كان قد جمع بين التأليف الموسيقي والتلحين والتوزيع وكتابة الأغنيات، التي غنّتها أسماء لبنانية كبيرة من أجيال مختلفة، على رأسهم، فيروز والراحلون وديع الصافي مع أغنية “قتلوني عيونها السود”، وصباح (شفو بالقناطر)، وملحم بركات (لا تهزي كبوش التوتة)، ونصري شمس الدين، وسمير حنا، إضافة إلى ماجدة الرومي عبر أغنية “عم أحلمك يا حلم يا لبنان”، وجوليا بطرس وباسكال صقر وهيفاء وهبي بأغنية “بدي عيش” وغيرهم.
ومن أبرز الألحان التي قدمها لفيروز هي “دخلك يا طير الوروار”، و”قتلوني عيونها السود”، و”ياي ياي يا ناسيني”، و”كان الزمان”، و”كان عنا طاحون”.
وُلد إلياس في قرية أنطلياس، من قضاء المتن في محافظة جبل لبنان، شمال بيروت، عام 1938، وبدأ دراسة الموسيقى في سن مبكرة بين صفوف الأكاديمية اللبنانية والمعهد الوطني للموسيقى.
كما تلقى دروسا خصوصية على أيدي أساتذة أجانب، إضافة إلى تعلمّه ومعايشته الموسيقى بشكل يومي مع أخويه عاصي ومنصور.
بدأ إلياس الرحباني مسيرته الفنية المحترفة أيضا باكرا، ففي عمر العشرين بدأ تلحين أغنيات لبرامج في إذاعة “بي بي سي” العربية، لتفتح بعدها أمامه الطريق الفنية مع مغنيين كبار في ذلك الحين.
وكانت البداية عام 1962 مع أغنية “ما أحلاها” مع الفنان اللبناني نصري شمس الدين، في موازاة عمله كمخرج ومستشار موسيقي في إذاعة لبنان.
وفي رصيد إلياس الرحباني أكثر من 2500 لحن ومعزوفة، معظمها عربية، إضافة إلى تأليفه لموسيقى تصويرية لحوالي 25 فيلما، منها مصرية ومعزفات كلاسيكية، من أشهرها موسيقى أفلام “دمي ودموعي وابتسامتي” و”حبيبتي” و”أجمل أيام حياتي” والمسلسل اللبناني عازف الليل.
ولم تقتصر أعماله على الأغنيات العربية، فكان له تعاون مع فنانين أجانب، لا سيما من فرنسا حيث عاش هناك سنوات طويلة وتعرف على فنانين، ودرس الموسيقى أيضا، ففتحت أمامه أبواب العالمية حاصدا جوائز عدة في مهرجانات فنية من أثينا إلى البندقية ولندن والبرازيل وواشنطن وإسبانيا وغيرها.
ومع المواهب والفنانين الناشئين كان أيضا لإلياس الرحباني حضوره وبصمته لا سيما في البرامج، التي أطلقت في السنوات الأخيرة في القنوات العربية، فكان أحد أعضاء لجنة التحكيم في برنامجي “سوبر ستار” و”ستار أكاديمي”.
وفي السنوات الأخيرة مع إصابته بالمرض، غاب إلياس الرحباني، الذي كان يعرف بروحه المرحة عن محبيه وعن الشاشة الصغيرة والحفلات الموسيقية، ليعلن الاثنين عن وفاته ، تاركا لولديه “غسان” و”جاد” استكمال مسيرته الفنية ومسيرة العائلة مع أولاد أخويه، الذين يعمل معظمهم في مجال الفن والموسيقى أيضا.
وعند إعلان وفاة الرحباني رثت شخصيات لبنانية سياسية وفنية عدة الفنان اللبناني العالمي، فكتب رئيس حكومة تصريف الأعمال، سعد الحريري، على حسابه بموقع تويتر: “إلياس الرحباني غصن آخر من الشجرة الرحبانية يهوي بعد مسيرة حافلة في الإنتاج الموسيقي الراقي. أحر التعازي لزوجته وأولاده وعموم عائلته ومحبيه”.