ورشة لـ(صيحة) ترسم صورة قاتمة لحقوق المرأة في السودان
الخرطوم – صقر الجديان
رسمت ورشة عن زواج الطفلات، صورة قاتمة لأوضاع المرأة في السودان، لتغول المفاهيم الاجتماعية والقوانين على حقوقها، وكشفت عن ممارسة واسعة لزواج الطفلات في أطراف الخرطوم.
ونظمت المبادرة الاستراتيجية للمرأة في القرن الأفريقي (شبكة صيحة)، الخميس، مائدة مستديرة، طرحت فيها عدد من الأوراق، من بينها: الولاية من منظور حقوق الإنسان، كيف يميز قانون الأحوال الشخصية ضد النساء والفتيات، قضايا زواج الأطفال أمام المحاكم وكيف تعزز الولاية للنظام الأبوي.
وقالت المديرة الإقليمية للمبادرة، هالة الكارب، خلال حديثها في المائدة المستديرة، إن زواج الطفلات إشكالية ارتبطت بقوانين جائرة، أسهمت في زيادة وانتشار الانتهاكات ضدهن، إضافة إلى المسببات الاقتصادية والسياسية لعدم اهتمام الدولة بالاستثمار في مواطنيها خاصة الفتيات والنساء.
وطالبت بإلغاء قانون الأحوال الشخصية لعام 1991 تعديل 2020، لتكريسه الظلم ضد النساء، وهو مطلب أيده فيها مجموعة واسعة من محامين مهتمين بحقوق النساء وناشطين. كما دعت الحكومة لإجراء مشاورات واسعة وسط المعلمين والأطباء والمجتمع المحلي والمدني قبل سن القانون الجديد.
وأفادت بأن أي تعديل على القانون أو استبداله بقانون آخر دون إجراء المشاورات، يؤكد وجود أزمة في الدولة “حيث أن المسؤولين في السُلطة يعتقدون أن لهم الحق في فعل ما يريدون في حياتنا، لمجرد إنهم فيها، مما يؤدي لإفشال الدولة كلها”.
وأضافت: “الدولة السودانية استثمرت كثير جدًا، ولا تزال تستثمر جهد وموارد في مسألة تجريم واقصاء النساء عن الحياة العامة وإدارة قواعد تواجدهن في المساحات العامة -وبالتالي انتهاك حقوقهن المدنية والسياسية الأساسية كمواطنات”.
وأشارت الكارب إلى أن شبكة (صيحة) تعتمد في تناولها لحقوق المرأة والتعامل التمييزي ضدها على (المنهج التداخلي)، أي عدم انفصال القضايا السياسية عن الفقهية عن القانونية.
وتابعت: ” إتاحة زواج الطفلات والزواج القسري في قانون الأحوال الشخصية السودانية، أتت على فرضية الولاية في الفقه الإسلامي، لكن تطبيقها وتعامل منظومة الحكم معها هو تعامل سياسي، يهدف إلى السيطرة على المواطنين في المقام الأول”.
وذكرت أن تراجع بينة الدولة نحو الإرهاب والتخلف مسألة مريعة لدرجة أن “العديد من السودانيين حتى الموجودين في مجالات القانون والسياسة ليس لديهم أي تصور او ذاكرة لإسلام السودانيين المستنير والمستمد من التقاليد والفقه الاسلامي وأرث السودان العقائدي الثر”، كما أن مشاركة المرأة في الحياة العامة محاطة بتمييز كبير وترهيب ومصاعب.
وقالت: ” وضح ذلك التوجه جليا في مراوغة الحكومة الانتقالية، التي تجاهلت حقوق النساء والفتيات واستحقاقاتهن بشكل مستمر بداية من التنصل من نسب التمثيل السياسي الي التقاعس عن معالجة القضايا الاساسية مثل زواج الطفلات العنف الجنسي والالتزام بقوانين ضد التحرش وقوانين العنف المنزلي”.
وكشفت الكارب عن تزويج 34% من الفتيات في السودان قبل سن الـ 18، كما أن 12% منهن يتم تزويجهن قبل سن الـ 15. وأكدت على أن بلادها تُصنف ضمن 16 دولة على مستوى العالم تتمثل فيها أعلى نسب لزواج الطفلات، الذي قالت إنه يتنشر في جنوب وشرق ووسط دارفور ومناطق النيل الأزرق.
من جانبه، أيد الخبير في قانون الأحوال الشخصية المحامي عثمان مبارك، خطوة تغيير القانون، باعتبار أن الساري جوز زواج الطفلات عند سن العاشرة، شريطة أن يجري الأمر بأذن القاضي ووجود مصلحة راجحة للطفلة. وأكد على أن أذن القاضي متروك لتقديره حسب خلفيته الاجتماعية كما أن المصلحة الراجحة أمر فضاض، حيث وصف الأمر بأنه اغتصاب وليس زواج.
وأشار مبارك إلى أن تحويل ولاية الفتاة من أسرتها إلى القاضي، حال طلبت ذلك، جعل مفهوم الولاية عن المرأة قائم، موضحًا أن القضايا من هذه النوع تظل في المحاكم سنوات طويلة حتى يُفصل فيها.
وقال إن قانون الأحوال الشخصية يميز في زواج المسلم من غير المسلمة في مسألة رعاية أطفالهم، حيث تُحرم المرأة غير المسلمة في أطفالها عندما يصل عمرهم إلى الخامسة حال انفصالها عن الزوج أو وفاته.
ودعت المحامية سامية الشيخ لإلغاء مفهوم الولاية لأنها تعتمد على آراء فقهية مختلف عليها، مشيرة إلى أن أمر الولاية جعل زواج الطفلات ممكنا. وكشفت عن زيادة كبيرة في زواج الطفلات في المناطق الطرفية للخرطوم مثل أم ضوبان والشقيلاب وغرب أم درمان.
وقالت الباحثة النسوية يسرا عكاشة، إن مفهوم الولاية تجسيد للنظام الأبوي الذي يسبب عدم المساواة داخل الأسرة، لينعكس الأمر على مؤسسات الدولة ليترجم أخيرًا في شكل قوانين.
ووصفت عكاشة الولاية بأنها “مبرر شرعي وقانوني للعنف ضد النساء، تتضمن حرمانهن أو التهديد بحرمانهن من الحريات والموارد”.