إبراهيم البدوي يقول إن رئيس الوزراء لم يمنحه صلاحيات كافية
الخرطوم – صقر الجديان
كشف وزير المالية السوداني المستقيل إبراهيم البدوي، عن رفض رئيس الوزراء عبد الله حمدوك منحه صلاحيات تنسيقية كافية لإنفاذ برنامج مراقبة لخبراء صندوق النقد الدولي.
واستقال إبراهيم البدوي من منصبه في 9 يوليو الجاري، برفقة 5 وزراء آخرين، بعد أن طلب حمدوك من كل وزرائه الاستقالة ومن ثم وافق على مغادرة ستة منهم كما أقال وزير الصحة الذي رفض الاستقالة.
واجتهد البدوي في تنفيذ توصيات صندوق النقد الدولي، واجراء معالجات قاسية للوضع الاقتصادي ما أدى لتفاقم الأزمة التي ورثتها الحكومة الانتقالية من نظام الرئيس المعزول عمر البشير، حيث وصل معدل التضخم في البلاد لشهر يونيو 136%.
وقال الوزير المستقيل، في بيان، تلقته “شبكة صقر الجديان”، الأحد: “معالجة أزمة الاقتصاد السوداني لابد أن تبدأ بإصلاح تشوهات الاقتصاد الكلي المترتبة على الدعم السلعي وتعدد أسعار الصرف وتسيد الأنشطة الطفيلية المرتبطة بالسوق الموازي للنقد الأجنبي”.
وأشار إلى أن ذلك يمكن أن يتم عبر تطوير رؤية للاقتصاد، تستند على ترشيد دعم المحروقات وذلك بالانتقال إلى الدعم المباشر سواء بزيادة الرواتب أو الدعم النقد المباشر، إضافة إلى إصلاح نظام سعر الصرف وصولا لتوحيده.
وقال إن إدارة الاقتصاد لا تتحقق بالحوكمة الرشيدة والإصلاح المؤسسي فقط، بل لابد أن تستند إلى تفويض كامل للصلاحيات من طرف مستويات السلطة الدستورية والتنفيذية.
وأفاد البدوي بأنه أثار مسألة التفويض في اجتماع برئيس الوزراء في 2 يوليو، “لأن الأمر أصبح مُلحاً بعد الاتفاق مع برنامج مراقبة خبراء صندوق النقد الدولي (SMP).
وأضاف: ” طلبت من رئيس الوزراء تحديد مساحة وطبيعة الملفات الاقتصادية التي يرى أن تكون تحت اشرافه المباشر، وعن طبيعة المهام التي سيطَلِع بها مستشاروه الاقتصاديون، بغرض تعزيز التكامل وتفادى تضارب الصلاحيات”.
وتابع: “حاولت أيضًا إقناعه بضرورة منحى، كوزير مالية، صلاحيات تنسيقية كافية لكي أقود عملية انفاذ برنامج مراقبة خبراء صندوق النقد الدولي المتفق عليها خلال الستة أشهر القادمة”.
وأشار إلى أن طلباته أتت في ظل تباينات حدثت بينهما في بعض القضايا الهامة، وذلك بعد أن رأى “أن الرأي الفني المتخصص لم يُحظى بالاحترام الذي يستحق”.
وأوضح البدوي إنه طلب ذلك بغرض تعزيز الانسجام ولتفادي خلافات كبيرة في وجهات النظر في المستقبل، خاصة وأن الفترة القادمة يفُترض أن تشهد قرارات صعبة يتوقع أن تفُضى إلى تحولات اقتصادية عميقة.
وقال إن رئيس الوزراء تعهد بالرد على طلباته، وانهما اتفقا على عرض مسودة برامج مراقبة لخبراء الصندوق على اجتماع مجلس الوزراء والموازنة المعدلة الناجمة عنه، إضافة إلى ورقة تسعير المحروقات لإجازتها خلال الأسبوع التالي.
وأشار الوزير المستقبل إلى رئيس الوزراء لم يوفي بتعهداته، مما دفعه للتحادث معه مرة أخرى يوم الثلاثاء 7 يوليو، وأن حمدوك وعد بدعوة مجلس الوزراء للاجتماع يوم الأربعاء 8 يوليو، لكن ذلك لم يحدث.
وتابع: “الذي وردني صباح الأربعاء شيء آخر يتعلق بخبر موثوق، بأن هناك ترتيبات كانت تجرى وراء الكواليس وبتكتم شديد، للتفاهم مع شخص من داخل الوزارة، على دراية بمفاوضات برامج مراقبة لخبراء الصندوق، ليصبح وزيراً مكلفاً بديلاً عني”.
وتابع: “بالطبع لم يزعجني هذا الأمر لأنني كنت قر أت ماذا يريد رئيس الوزراء من حيثيات (عدم الفعل) الذي اتسم به موقفه”.
وتوصل السودان، إلى اتفاق مع خبراء صندوق النقد الدولي يُنفذ في فترة تتراوح بين 8 أشهر وعام، يتوقع خلالها الانضمام إلى مبادرة الدول قليلة الدخل المثقلة بالديون لإعفاء ديون السودان البالغة 56 مليار إلى أقل من 15 مليار دولار، وتسديد متأخرات الديون لمنظمات التمويل الدولية وإعادة الانضمام للجمعية الدولية للتنمية مع تقديم منحة سنوية بحوالي مليار دولار كدعم مباشر للموازنة، إضافة إلى تدفق الاستثمارات المؤسسية.
وقال البدوي إن الحظ لم يحالف وزارة المالية في تحقيق الأهداف المرجوة منها في وقت قصير، لكنه أكد على إنها حققت إنجازات كبيرة بفضل وضوح الرؤيا وقوة المنهج.
وأفاد بأن السنوات الطويلة لسوء إدارة الاقتصاد تتطلب منح تفويض كامل لوزارة المالية لتتمكن من تنسيق وقيادة عملية الإصلاح الاقتصادي.
وقال البدوي إن القطاع الاقتصادي في الحكومة الانتقالية يعمل في جزر معزولة من الشركات والهيئات والصناديق في بعض الوزارات محمية بتشريعات تمكنها من الاستمرار في تجنيب الإيرادات وصرفها دون إشراف وزارة المالية، الأمر الذي أدى عدم تمكن الوزارة من إدارة السيولة وتوظيفها حسب أولويات وحاجات الاقتصاد السوداني.
واجتهد وزير المالية المستقيل طوال فترة عمله، في السعي لإحكام قبضة وزارة المالية على المال العام، حيث كان يحاول إتباع الشركات المملوكة للأجهزة العسكرية والأمنية إلى الوزارة لكن مقربين منه أفادوا بأن رئيس الوزراء لم يكن متحمسا لمؤازرة البدوي في الولاية الكاملة على المال العام.