إريتريا يا جارة البحر ويا منارة الجنوب
لم نك نعرف عن إريتريا غير هذا الوصف البديع ولم نك نصدق أنها فاتنة بكل هذا السحر الذي يخلب الألباب ويستفز دواخل الشعراء ليفجر فيهم براكين الإبداع فالشعراء هم أهل المبالغة والخيال الذي يجعلك تطوف بين طيات السحاب وتلامس الثريا وقليل منهم هم الصادقون..
لم نك نصدق حب الشعب الاريتري للسودان والسودانيبن واحتفائه الكبير بهم والحق أننا كنا نحسب أن ما يقال لا يخرج عن كونه مبالغة في زمان الكذب والنفاق والزيف فاحترام أسمرا ممثلة في قيادتها للسودانيين وتعاملهم مثل تعامل أهل البلد بل وتفضيلهم في الكثير من الجوانب أمر كنا نحسبه ضرب من ضروب الحكي الخيالي الذي لا يخرج عن الكذب ولا يمت للحقيقة ولا الواقع باية صلة.
كانت أسمرا في مخيلتنا مثلها مثل الكثير من العواصم الأفريقية والعربية التي كانت تتلذذ بمعاناة السودانيين وتغلق الباب في وجههم وتتعامل معهم مثل ما تعامل أشرار الداخل -لعنة السماء التي حلت بالبلاد_ إذلال وإهانة وإحتقار هكذا كنا نظن والآن نعترف أمام الله الواحد وأمام الجميع أن ظننا لم يك في محله بل كان ٱثم وغاشم وظالم فما رواه الناس عن أسمرا ماهو إلا غيض من فيض وقليل من كثير ..
الآن أقف عاجزٱ عن الإفصاح الآن أعرف مأزق الحروف أعرف ورطة اللغة المحالة وليت قاموس مفرداتي يعينني على الوصف لرسم صورة تقريبية أوضح من خلالها بعض من جمائل هذا الشعب المعلم في حق السودان وأهل السودان.
شعرت ومذ وطأت قدماي أرض هذه البلاد العظيمة الفخيمة بشعور ما راودني في كل ترحالي وانا الذي زرت الكثير من العواصم الأفريقية والعربية فما أعظم أن تشعر بالراحة والإطمئنان والأمان ما أبهى أن تشعر بأنك ملك ومكان حفاوة وترحاب وتقدير من قبل الجميع الكل هنا يفتح اذرعه ليحتضنك بحرارة الكل هنا يتسابق للإحتفاء بك وتكريمك الكل هنا يريد مواستك والطبطبة على اكتافك بانها شٍدة وتزول يا للروعة يا للجمال ويا لصدق المشاعر وعظم الإنسانية..
انت سوداني فأسمرا هي دارك وبيتك وأرضك ووطنك تمامٱ كما نادى القائد العظيم رجل هذه الأمة اسياس افورقي جموع الاريتريين مطالبٱ إياهم بإحتضان أهل السودان الذين جار عليهم الزمان فقد قال وبالحرف الواحد إن كان نصيب الفرد قطعة خبز واحدة فليقتسمها مع شقيقه السوداني رافضٱ أن يتم التعامل معهم كلاجئيين وقد شاهدت بأم عيني السكن الذي وفرته القيادة الاريترية للسودانيين الفارين من جحيم الحرب فمثلٱ ساحة ال” إكسبو” التي تعد من أبرز وأجمل معالم البلاد تم فتح قاعاتها الكبيرة لتكون نزلٱ للسودانيين فاي حفاوة واي كرم وتقدير واحترام يضاهي ما فعله افورقي!.
افورقي رجل إريتريا العظيم الذي اخلص لوطنه واحبه شعبه طالب المؤسسات الصحية بمجانية العلاج للسودانيين فعندما تذهب الى أي مشفى بالبلاد تجد من الإهتمام والرعاية مالم يتوفر حتى للمواطن الاريتري والجميع يمارسون ذلك بمنتهى الرضاء والاريحية والحب ..
لقد احتضنتنا إريتريا يوم أن لفظنا الأفارقة والعرب وتلك وقفة لن ينساها الشعب السوداني لهذا البلد الشقيق فالله يُنعٍم بالبلوى وإن عظمت مثلما يبتلي بعض القوم بالنٍعمْ.
سنكتب كثيرٱ عن أسمرا الجميلة عروس العواصم الأفريقية سنحدث الأجيال عن افورقي الذي يستحق أن نبني له تمثالٱ في قلب عاصمتنا الخرطوم بعد أن تتعافى وتغتسل من درن الاوغاد..
يا لعظمة افورقي وشعبه ويا لجمال أسمرا المدينة الساحرة التي لا تشبه بقية العواصم في نظافتها ونظامها وصخبها الجميل فوالله ما وجدت شعبٱ أطيب وأنقى وأصدق وأجمل من شعب اريتريا وما وجدت امة تقدس الحياة مثل هذه الأمة فشكراً للظروف التي جعلتنا نكتشف اريتريا وعظمة شعبها وشكرٱ لشعب إريتريا العظيم الذي حملنا على الرؤوس وفي حدق العيون وشكراً لافورقي الزعيم القوي والقائد المحترم الذي حول بلاده إلى جنة فإن كان مانديلا ايقونة النضال في نظر الافارقة فسٍفر التاريخ سيحفظ لافورقي أنه زعيم إستثنائي قل أن يجود الزمان بمثله هامة وقامة وكاريزما فما أسعد الاريتريين وما اسعد حظهم والسماء تهب لهم مثل هذا القائد .
.افورقي الذي لا يتلاعب في سيادة دولته والذي حكم فملأ أرض بلاده عدلٱ والذي نتمنى أن يستلهم منه جنرالاتنا وساساتنا الدروس فما أحوجنا لقائد مثله يعلي من قيمة الوطن يبني ولا يدمر يوحد ولا يفرق ينشر العدل والسلام والتسامح والمحبة ويحارب الفساد ويهب الناس الحياة لا الموت.