السياحة في إثيوبيا.. رحلة داخل “بحر دار” الساحرة
بحر دار – صقر الجديان
تتعدد المناطق السياحية بإثيوبيا بفضل ما تزخر به البلاد من مناطق أثرية وتأريخية، ومناظر طبيعية خلابة، بجانب المحميات الوطنية بجميع أقاليم البلاد.
ومن بين هذه المناطق السياحية تأخذ مدينة “بحر دار” حاضرة إقليم أمهرة شمالي إثيوبيا أهمية خاصة ربما تجعلها في صدارة المدن السياحية ببلاد الحبشة إلى جانب العاصمة أديس أبابا ومدينة أواسا حاضرة إقليم شعوب إثيوبيا ، ومقلي درة الشمال الإثيوبي .
و”بحر دار” التي تعني بالأمهرية شاطئ البحر، حاضرة إقليم أمهرة، تبعد عن العاصمة الإثيوبية أديس أبابا 560 كلم، وتضم ضمن معالمها السياحية بحيرة تانا منبع النيل الأزرق وهو ما زاد من أهميتها السياحية خاصة عند السياح الأجانب الذين يضعونها ضمن أهم الأماكن في رحلتهم إلى بلاد الحبشة .
وتعد “بحر دار” المدينة الثانية في إثيوبيا بعد العاصمة أديس أبابا، ليس من حيث السياحة فحسب وإنما لأهميتها الجغرافية فهي تربط العاصمة بالمنطقة الشمالية للبلاد .
يعود التأسيس الحديث للمدينة إلى عهد الإمبراطور هيلي سيلاسي في العام 1950، وأطلق عليها الاسم نظرا لإحاطتها بمياه البحيرة .
ويرجع تأريخ المدينة إلى أنها كانت عاصمة لمقاطعة غرب قوجام قبل التقسيم الإداري الاخير والذي جعل منها حاضرة إقليم أمهرة في العام 1995 .
فالمدينة تعد واحدة من الوجهات السياحية الرائدة في إثيوبيا، لوجود مناطق جذب بينها بحيرة تانا بشلالاتها العظيمة المتدفقة دوما، تبهر زوارها بأصواتها وخرير مياها المتدفق من على إرتفاع نحو 6 أمتار ، ونهر النيل الأزرق الذي يصافح بشواطئه أطراف المدينة فيحيلها الى واحة خضراء ومصدر رزق لسكانها .
ونسبة لأهميتها السياحية جعلت منها الحكومة مركز للمؤتمرات والمنتديات والاجتماعات الدولية والإقليمية حيث تشهد سنويا منتدى تانا للسلم والأمن في أفريقيا، الذي يشارك فيه العديد من الرؤساء الافارقة وضيوف المنتدى .
كما يبدو إهتمام الحكومة بالمدينة من خلال الفنادق السياحية والمباني الحضرية المتعددة، والخطة الإسكانية المترامية الأطراف والمجمعات السكنية الحديثة والقصور الأثرية التي تعود لعهد الإمبراطور هيلي سلاسي ( 1930- 1974 ) .
بجانب ما تتميز به المدينة من طرقات واسعة تبهرك بها بحر دار ، مطرزة بأشجار النخيل ومزدانة بالزهور والورود، ما مكن المدينة من الفوز بجايزة اليونسكو لمدن السلام للتصدي لتحديات التوسع الحضري السريع للعام 2002 .
ومن أبرز المناطق والمشاهد والمعالم التي تتمتع بها مدينة بحر دار ، متحفها القومي وإستداها الكبير وقصر هيلي سلاسي الذي يطل على بحيرة تانا ، من جانب ويرصد الشلالات من جهة أخرى ، وهناك العديد من المطاعم الشعبية التي تحولت الى مسارح للثقافة والفنون .
فالمدينة لياليها ساخبة بالفنون والثقافة والتراث لقوميات إثيوبيا المتعددة ، تعرض عادات وتقاليد الشعوب الإثيوبية خاصة رقصات القوجام ورايا لقومية الأمهرة التي تعتبر ثاني أكبر قومية كثافة بعد الأورومو بالبلاد .
وتتميز المدينة أيضا بسوقها الشعبي الذي يمثل متحفا مفتوحا تباع فيه كل المقتنيات من الأدوات والمبلاس القومية لشعوب الإقليم بمناطقه المتعددة والمتنوعة لقومية الأمهرة .
وهناك بحيرة تانا التي تطوق المدينة وتمنحها الأهمية والجمال، فالبحيرة تعتبر ثالث أكبر بحيرة في أفريقيا، وأكبر بحيرات البلاد، تزخر هي الأخرى بأنواع من الأسماك، وفرس النهر وطيور البحر بألوانها وأشكالها الجذابة تحيل شاطئ البحيرة الى حيوية ونشاط .
والمئات من القوارب السياحية على البحيرة، زادت هي الأخرى من حيوية المدينة خاصة في أعياد الميلاد والمناسبات القومية بالبلاد .
وتبلغ مساحة البحيرة نحو 3700 كيلومتر مربع ، وعمق يصل إلى 15 كيلومترا، فيما يقدر ارتفاعها 1820 مترا .
وتناثرت داخل البحيرة نحو 37 جزيرة كشامات تزينها، جعلت منها مصدر جذب طبيعي ووجهة سياحية منذ قديم الزمان، بأديرة وكنائس ومتاحف لمقتنيات قديمة، تتراوح تواريخ إنشائها بين 400 و500 عام، وهو ما دفع اليونسكو أن صنفت بحيرة تانا كموارد بشرية لمنطقة التنوع البيولوجي في عام 2007.