أخبار السياسة المحلية

تطاول الزمن .. هل يعجل بنهاية المبادرة الأممية لحل أزمة السودان؟ (تقرير)

يمضي الوقت ولازالت الأزمة في السودان مستمرة، منذ إعلان البعثة الأممية شباط الماضي، ختام مشاورات أولية قادتها خلال الفترة الماضية، مع أطراف الأزمة بالبلاد.

الخرطوم – صقر الجديان

– البعثة الأممية أعلنت انتهاء المشاورات الأولية مع أطراف الأزمة السياسة، فبراير الماضي.
– لقيت مبادرة البعثة لحل الأزمة، معارضة من قبل بعض القوى السياسية، فيما لقيت ترحيبا من قوى أخرى.
– محلل سياسي: المبادرة لن تفضي إلى شيء، لأنها في الأصل تخلت عن دورها وهو دعم التحول الديمقراطي بالسودان.
يمضي الوقت ولازالت الأزمة في السودان مستمرة، منذ إعلان البعثة الأممية شباط الماضي، ختام مشاورات أولية قادتها خلال الفترة الماضية، مع أطراف الأزمة بالبلاد.

في 13 فبراير، أعلنت بعثة الأمم المتحدة بالسودان “يونتاميس”، بعد يوم واحد من ختام المشاورات، عزمها إعداد “وثيقة موحدة” تشمل نقاط التوافق و الاتفاق بين الأطراف السودانية.

وقالت البعثة في بيان آنذاك، إن “المرحلة الأولى للمشاورات اختتمت برؤى ملهمة لأصحاب المصلحة السودانيين على الطريق إلى الأمام”.

لتعلن بعدها بأيام في بيان آخر، عن تقرير ملخص للمشاورات، التي شملت 110 اجتماعات تشاورية مع أكثر من 800 مشارك.

ونشر التقرير موضوعات المشاورات التي تناولتها البعثة مع الأطراف السودانية، وضمت 14 موضوعا أبرزها الأولويات الملحة وإجراءات التهدئة، وحالة الوثيقة الدستورية 2019، والعلاقة بين المدنيين والعسكر.

ومنذ 25 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، يشهد السودان احتجاجات رفضا لإجراءات استثنائية اتخذها قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، أبرزها فرض حالة الطوارئ وحل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين.

ويقول الرافضون لإجراءات البرهان إنها تمثل انقلابا على مرحلة انتقالية بدأت في 21 أغسطس/ آب 2019، ومن المفترض أن تنتهي بإجراء انتخابات مطلع 2024، ويتقاسم خلالها السلطة كل من الجيش وقوى مدنية وحركات مسلحة وقعت مع الحكومة اتفاق سلام عام 2020، بينما ينفي البرهان حدوث انقلاب عسكري.

** رفض المبادرة
منذ انطلاقها تحددت أهداف المشاورات الأممية في وضع حد للجمود بالعملية السياسية، والعودة للمسار الديمقراطي والمدني، فضلا عن الوصول لاتفاق تشكيل حكومة بقيادة مدنية تدير ما تبقى من المرحلة الانتقالية.

ومضت البعثة في مبادرتها لحل الأزمة السياسية بالبلاد، واضعةً هدفا هو التوصل لاتفاق بين الأطراف السودانية، عسكرية ومدنية لإدارة ما تبقى من الفترة الانتقالية، وصولا لانتخابات حرة ونزيهة.

ورغم الرفض الذي لقته المبادرة، منذ انطلاقها في 8 يناير/كانون الثاني الماضي، من قبل قوى سياسية ومجتمعية، إلا أن البعثة واصلت المشاورات.

وأعلنت البعثة مرارا، أن عدم مشاركة القوى الرافضة للمبادرة في المشاورات لا يعني عدم مشاركتها مستقبلا.

وفي يونيو/حزيران 2020، أنشأت الأمم المتحدة بعثة “يونيتامس”، لمساعدة عملية الانتقال السياسي في السودان، ودعم عملية السلام، والمساهمة في حماية المدنيين خاصة في إقليم دارفور (غرب).

** تباين داخلي
انخرطت قوى سياسية ومنظمات مدنية وطرق صوفية في مشاورات الأمم المتحدة، بهدف إيجاد حل للأزمة السودانية.

فيما أبدت قوى أخرى معارضتها “للتدخل الأممي في الشأن السوداني”، وهي قوى اتهمت بالارتباط بحزب “المؤتمر الوطني” (حزب الرئيس المعزول عمر البشير).

لكن هذه القوى نفت صلتها بحزب البشير، وعلى رأسها “تحالف الحراك الوطني”، الذي تأسس في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، من أحزاب سياسية ومنظمات مجتمعية، بهدف “تحقيق الوفاق الوطني”.

كما نفت قيادة “تحالف الحراك الوطني”، اتهامات لها بالتنسيق مع المكون العسكري بالسلطة، عقب تصريحات رئيس مجلس السيادة البرهان، ونائبه محمد حمدان دقلو “حميدتي”، بأن المبادرة الأممية تسهل الحوار وليس وسيط بين الأطراف السودانية.

وقال القيادي في التحالف، جمعة بشارة أرو، في مقابلة سابقة مع الأناضول، بخصوص هذا الأمر: “نحن سبقنا مجلس السيادة وليس لدينا تنسيق أو ترتيب معهم، هذا عمل سياسي وعمل وطني معلن منذ فترة”.

وفي 13 فبراير الجاري، صرح البرهان، بأن مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة فولكر بيرتس، “وسيط يدعو الجميع للحوار، ولا يحق له تقديم مبادرة (..) ينبغي على فولكر العمل على تهيئة البيئة للانتخابات وهذه مهمته الأساسية”.

** مشاورات “فضفاضة”
تواجه المشاورات الأممية في السودان، انتقادات عديدة، بدءا عن ماهيتها، هل هي وساطة أم مبادرة، ومنهجية العمل التي تعمل بها فهي لم تحدد ما هي الأطراف المعنية بالمشاورات.

وأعلنت البعثة سابقا، أنها استمعت لكل الأطراف السودانية من قوى سياسية وحركات مسلحة، ومنظمات المجتمع المدني والإعلاميين والمنظمات النسوية وغيرها.

اعتبر البعض، أن المشاورات الأممية “فضاضة”، ولم تحدد القوى المدنية المنخرطة في أي مفاوضات مستقبلية حال تم التوصل لنقاط مشتركة.

يضاف إلى هذا طول أمد المشاورات، الذي تجاوز أكثر من 50 يوميا، مع يعني أنها تتجاهل عامل الزمن وأهميته في التوصل إلى حل لأزمة البلاد، التي أكملت شهرها الرابع.

وبحسب مراقبين، فإن المبادرة الأممية قد تصل لنهايتها قريبا لأنها لم تحدث اختراق حقيقي على الواقع السوداني، سواء كان على المستوى السياسي أو في حراك الشارع، بل لم تحقق حتى تهيئة أجواء ليكون هناك حوار جدي بين الأطراف السودانية.

هذا بالنظر إلى استمرار الاحتجاجات الشعبية المناهضة لقرارات البرهان “الاستثنائية” في 25 أكتوبر الماضي، وما يقابله من عنف أسفر عن سقوط نحو 82 قتيلا ومئات الجرحى، بحسب “لجنة أطباء السودان” (غير حكومية).

** غياب الفعالية

يرى المحلل السياسي، يوسف حمد، أن مبادرة البعثة الأممية، “لن تفضي إلى شيء، لأنها في الأصل تخلت عن دورها وهو دعم التحول الديمقراطي في السودان”.

وأضاف للأناضول: “فولكر بيرتس (رئيس البعثة) بدلا عن القيام بدوره في دعم التحول الديمقراطي المدني صمت عن انقلاب 25 أكتوبر (إجراءات البرهان)، الذي تم على حكومة مدنية يفترض به دعمها”.

وأضاف أنه “يحاول الآن العودة إلى حوار بين العسكر والمدنيين، ويبدو ذلك صعبا في ظل الأوضاع الحالية”.

وأردف: “فولكر يستند في محاولته لحل الأزمة، على الدعم الدولي خاصة من الأوروبيين والأمريكيين، الذين يريدون فقط القول بأنهم حاضرون بالمشهد السوداني، دون أن يكون لهم دور فاعل بحل الأزمة”.

بدوره، اعتبر المحلل السياسي الآخر، أمير بابكر، أن “البعثة الأممية لم تقدم مبادرة بالمعنى الكامل، بل طرحت عقد مشاورات حتى يتم الاتفاق على الأجندة من قبل السودانيين”.

وأفاد في حديث للأناضول قائلا: “فولكر هدف من مشاوراته، إلى جعل السودانيين يتواصلون من أجل أجندة هم يتحاورن حولها، أي يضعون أسسها وليس أبعد من ذلك”.

وذكر أن “فولكر سيستمر في مهمته التي جاء من أجلها في دعم مؤسسات الحكم المدني والدعم الفني لإجراء الانتخابات، بغض النظر عن نجاح المشاورات في تقريب وجهات النظر بين الأطراف السودانية أو فشلها”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى