أخبار السياسة المحلية

عضو شركاء الحكم بالسودان: السلام مع إسرائيل ضرورة وسد النهضة حياة أو موت

الخرطوم – صقر الجديان

اقتحم عضو مجلس شركاء الحكم بالسودان جعفر حسن في حوار نشرته “العين الإخبارية” أكثر ملفات بلاده حساسية في المرحلة الانتقالية، متحدثا عن السلام مع إسرائيل ومستقبل أزمة سد النهضة.

وقال حسن إن قضية سد النهضة “مسألة حياة أو موت” بالنسبة للسودان، محذرا من أن الملء الثاني للسد الذي تعتزم إثيوبيا تنفيذه في يوليو/تموز المقبل يعرض نحو 20 مليون سوداني للخطر.

وأشار إلى أن بلاده تفضل الحلول التفاوضية لأزمة السد الذي تبنيه أديس أبابا على النيل الأزرق من دون أن يستبعد أن تلجأ بلاده لخياراتها كافة لصون أمنها القومي.

وأوضح أن “هذه قضية حياة أو موت لا يجدي فيها الحديث العاطفي، نحن نقدر الإثيوبيين كأخوة وتربطنا بهم علاقات تاريخية ولكن لا تصلح العاطفة مع الخطر”.

وترفض إثيوبيا هذه الاتهامات، وتتهم في المقابل السودان ومصر بالتعنت ومحاولة إفشال الوساطة الأفريقية، مؤكدة أنه لا ضرر على دولتي المصب من خطواتها في بناء المشروع الذي تعده أحد ركائز النهوض باقتصاد البلاد وحمايتها من أخطار الجفاف.

واتهم المسؤول السوداني نظام الرئيس المعزول بالتساهل مع الجانب الإثيوبي لحد التنازل عن الأرض لضمان استمراره في السلطة، وهو اتهام آخر تنفيه أديس أبابا بشدة.

وعن ملف السلام مع إسرائيل، أشار حسن إلى أن بلاده لا تعتزم في مرحلة البناء الدقيقة التي تمر بها تبني قضايا الآخرين.

وأضاف قائلا: ” لذلك لا نريد فتح جبهات وصراعات الغرض منها الصراخ وإعلاء الصوت من دون أن يكون لها قيمة في بناء الدولة ولا توفر الحليب لأبناء الشعب السوداني”.

كما تحدث عضو مجلس شركاء الحكم بالسودان عن الاتهامات الموجهة لقوى الحرية والتغيير بشأن تأخير تأسيس المجلس التشريعي، وملف تسليم الرئيس المعزول للمحكمة الجنائية الدولية وأهداف تركيا من احتضان عناصر الإخوان الهاربة من بلاده.. وإلى أهم ما جاء في الحوار:

ملف سد النهضة

كيف ينظر مجلس شركاء الحكم بالسودان لتطورات ملف سد النهضة الإثيوبي؟

ملف سد النهضة محل اهتمام السودان حكومة وشعبا، فهو مسألة حياة أو موت بالنسبة لنا، فالنظام المعزول كان يتساهل مع إثيوبيا في هذه القضية الحساسة مقابل تأمين بقائه في السلطة بسد الجبهة الشرقية وضمان عدم نشوء تحركات معارضة له عبرها.

إثيوبيا استغلت نقطة ضعف النظام السابق، واستولت على منطقة الفشقة السودانية وبدأت في بناء سد النهضة الذي تعمد الترويج للمشروع على أنه ذو فائدة للشعب السوداني، لكن بخلاف ما روجت له أثيوبيا، لدينا 20 مليون مواطن على النيل الأزرق، أي نصف سكان السودان يتواجدون في مناطق يتحرك فيها النيل الأزرق من أوله إلى آخره، هذا الأمر خطر في حال ظلت أثيوبيا تتعامل بهذه الطريقة.

قبل خمسة أشهر حينما قامت إثيوبيا بملء السد (لأول مرة) ونتيجة عدم إخطارنا خرجت كل محطات المياه في الخرطوم عن الخدمة.

ما هي خيارات السودان حال مضت إثيوبيا في الملء الثاني لسد النهضة دون اتفاق؟

مياه النيل لنا جميعا، وأي محاولة من إثيوبيا للسير في إجراءات أحادية منفردة فإن كافة الخيارات مفتوحة أمامنا ومن حقنا أن نلجأ إليها، لكننا دوما نميل إلى التفاوض فهو أفضل الطرق للحل وفق تقديرنا.

معلوم أن سد النهضة به مخاطر عديدة على السودان فإذا تم حجز 70 مليار متر مكعب خلفه سيضرب العطش أرجاء بلادنا، فهذه قضية حياة أو موت لا يجدي فيها الحديث العاطفي، نحن نقدر الإثيوبيين كأخوة وتربطنا بهم علاقات تاريخية ولكن لا تصلح العاطفة مع الخطر.

ما هي توقعاتك لتطورات الأوضاع حال استمرت إثيوبيا في الملء الثاني لسد النهضة؟

لا أتوقع أن تذهب إثيوبيا في هذا الاتجاه فهي تحاول كسب الوقت وتحقيق نقاط في طريق التفاوض وستتراجع في نهاية الأمر، فإثيوبيا لا ترغب في فتح جبهات جديدة في ظل تعقيدات مشهدها الداخلي بخاصة أزمة إقليم تجراي، ومنطقة بني شنقول.

تركيا والإخوان

أين وصلت مساعي استرداد العناصر الإخوانية من الخارج عبر الإنتربول؟

الجهود تمضي بشكل جيد، فقد أرسلت وزارة العدل السودانية بإيعاز من لجنة تفكيك الإخوان (حكومية)، طلبات للشرطة الدولية الإنتربول لاسترداد عدد من رموز النظام المعزول المطلوبين من الخارج، بينهم مدير جهاز المخابرات في السابق، الفريق صلاح قوش، فهم متهمون بارتكاب جرائم كبرى وما زالوا هاربين ويجب أن يواجهوا العدالة داخل السودان.

هل من تحركات ضد تركيا بسبب إيوائها قادة نظام الإخوان المعزول؟

تركيا بإيوائها لقادة لنظام الإخوان المعزول تمارس عملا ضد السودان وشعبه، فهذه العناصر تقوم حاليا بمهاجمة السودان بسبب طرح العلمانية في اتفاق اعلان المبادئ، في حين أنهم موجودون في تركيا أردوغان العلمانية.

تركيا أردوغان أكبر مكان لغسل الأموال في العالم، فهي تتعامل مع إخوان السودان حتى تنهب أموالهم لصالح اقتصادها.

معلوم أن تركيا هي أسهل دولة ممكن أن تؤسس فيها شركة، ولعل ذلك هو السبب الأساسي ليس لقضية دين أو أخلاق، هم يعلمون أن قادة النظام السابق نهبوا أموال الشعب السوداني ويجب أن يتم صرف هذه المبالغ في الاقتصاد التركي لتحريك عجلة اقتصادهم. ومتى ما استحوذت على هذه الأموال ستتخلى عنهم.

المجلس التشريعي

المجلس التشريعي أهم ضلع للحكم الانتقالي لم ير النور حتى الآن، ما السبب؟

معلوم أن الوثيقة الدستورية نصت على تشكيل المجلس التشريعي في غضون 90 يوما من توقيعها ولكن تم تأجيل ذلك لدواعي تحقيق السلام الذي استغرقت مفاوضاته أكثر من عام، وعقب توقيع اتفاق جوبا لسلام السودان مع الجبهة الثورية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وبعده برزت تعقيدات أخرى تتعلق باختيار الأعضاء من قبل المكونات والتوزيع الجغرافي العادل بين الولايات.

من خلال طوافنا على الولايات وجدنا أن بعضها منح 4 مقاعد في المجلس التشريعي لكنها ترغب في المزيد بما يوازي ثقلها السكاني، مع بروز مطالبات بتخصيص مقاعد للجان المقاومة الثورية بواقع عضو عن كل ولاية خصما عن كوتة (قوى) الحرية والتغيير (المكون المدني في السلطة المدنية)، لكن في الخرطوم وحدها تم تخصيص 14 مقعد للجان المقاومة.

هناك لجنة فنية تعمل حاليا بشأن تشكيل المجلس التشريعي وقد قطعت شوطا كبيرا الآن، وهي في حالة انعقاد دائم كما ترفع تقاريرها بشكل يومي حول ما توصلت إليه، لكن الفكرة الأساسية أن تنتهي قبل رمضان لذلك لم نعلن عنه، خوفا من عدم الوصول لاتفاق حوله.

أيضا هناك مشاكل في بعض الولايات بالتحديد النيل الأبيض، كسلا، بجانب ولايات رشحت جميع النواب بالولاية ذكور رغم الاتفاق على (تخصيص) 40% من مقاعد المجلس التشريعي للنساء حسب الوثيقة الدستورية. أما شركاؤنا في الجبهة الثورية مفترض أن يكونوا قد جهزوا أسماء مرشحيهم، وكل الكتل بقوى الحرية والتغيير جهزت اسماءها، ماعدا الولايات، لذلك هذه الإشكاليات تواجهنا.

هناك اتهام لبعض مكونات قوى الحرية والتغيير بالمماطلة في قيام المجلس التشريعي، ما تعليقك؟

عند أي أزمة كل طرف يحاول إلقاء اللوم على الآخر وهذا الأمر يذكرنا بعهد النظام المعزول، يجب أن نتحلى بالشجاعة، جميعنا شركاء في تأخر قيام المجلس التشريعي، والسبب في ذلك رغبتنا أن يشترك الجميع في إدارة شأن بلادهم بالتوزيع العادل للمقاعد. نحن مطالبون الآن أمام العالم بتكوين المجلس التشريعي فأي حكومة لابد وأن يكون لديها جسم رقابي حتى يطمئن المانحون على أموالهم التي دفعوها.

هل تم تحديد سقف زمني لقيام المجلس التشريعي واستبدال حكام الولايات؟

لم يتم تحديد سقف زمني لتشكيل المجلس التشريعي ولا لتعيين ولاة جدد حتى الآن، فلا بد من إخضاع الولاة الذين تم تعيينهم بشكل مؤقت للتقييم بالتنسيق مع رئيس الوزراء الدكتور عبدالله حمدوك ومن ثم استبدالهم على هذا الأساس، ولكن إقالة كل الولاة سيحدث فراغا دستوريا، فمن المحتمل أن تتأخر هذه الخطوة قليلا.

هناك إحباط لدى أسر شهداء الثورة نتيجة تأخر محاكمة القتلة، هل من خطة لتسريع الملف؟

بالطبع جميعا نشعر بالإحباط جراء تأخر وصول العدالة إلى قتلة الشهداء، وفي واقع الأمر هناك مماطلة في رفع الحصانات عن الجناة. ومع ذلك هناك أمور جيدة، لقد سمعنا في الأيام الماضية عن رفع الحصانات عن المتهمين بقتل شهداء عطبرة بعد زيارة النائب العام إالى هناك وتليه الاتهام الأساسي، وهذا عمل جيد على الأقل يجب أن نكون أوفياء لهؤلاء الشهداء الذين يحتاجون إلى إنصاف وحتى يحدث استقرار لا بد من رفع الظلم عن الجميع وهو أحد الشروط الأساسية لاستمرار الدولة.

كما يجب أيضا فتح ملفات الشهداء منذ الثلاثين من يونيو خاصة أن هناك قتلة ما زالوا خارج السجون، فيجب الإسراع في هذا الأمر ونطلب من الأجهزة التعاون في ذلك، كما يقتضي الأمر معاملة المجرم في إطار القانون بعيدا عن التشفي أو الانتقام.

البشير والجنائية الدولية

كيف تمضي خطوات محاكمة الرئيس المعزول عمر البشير وبقية المطلوبين أمام محكمة الجنايات الدولية؟

حسب وثيقة اتفاق السلام الموقعة في جوبا، فإنه يجب تسليم البشير وبقية المطلوبين إلى محكمة الجنايات الدولية، ففي تقديرنا أن تسليمهم مهم للغاية لأن أسر الضحايا والشهداء في السودان يعتقدون أن دول العالم الثالث، كفاءتها أقل في التحقيق.

وطالما أن المظلوم يرى الجنائية ستحقق له رضا فيجب يتم التسليم على الفور، ونحن في الحرية والتغيير مع التسليم، بل العكس يجب أن ألا نستمع للحديث عن السيادة الوطنية والجنائية ليس ضد السيادة، هل السيادة أن تنتهك وتقتل أبناء السودان كما فعل المعزول البشير وعصابته، فيجب أن يتحملوا نتيجة أفعالهم.

السلام مع إسرائيل

أجاز مجلس الوزراء مشروع قرار ألغي بموجبه قانون مقاطعة إسرائيل، ماذا تعني هذه الخطوة بالنسبة لكم؟

نحن ليس لدينا صراع مع إسرائيل وهي من الفزاعات الغريبة جدا، السودان ليس دولة حدودية مع إسرائيل أو له أراض متنازع عليها، لا يجب أن نتبنى قضايا الآخرين، لكننا أيضا مع الحق التاريخي والأصيل لشعب الفلسطيني في قيام دولته.

وهذا الحق لا يمكن أن نحدده نحن في السودان يجب تحديده من قبل الفلسطينيين، حسب اتفاق أوسلو الموقع بين ياسر عرفات رئيس منظمة تحرير الفلسطينية وإسرائيل الذي ينص على قيام دولة لفلسطين على نظام الدولتين على حدود 67، كما أقرته الجامعة العربية في اجتماعاتها.

نحن مع هذا الاتجاه؛ قيام دولة على حدود 67 متجاورة مع دولة إسرائيل، الآن نبحث عن مصالح الدولة السودانية من خلال بناءها واستقرارها ولن نتبنى أي شعارات تدخلنا في متاهات مع العالم الخارجي، ونقولها بوضوح ليس لدينا القدرة نفسها على خصام الآخرين، ونعترف نحن في مرحلة التخلق والتكون لذلك لا نريد فتح جبهات وصراعات الغرض منها الصراخ وإعلاء الصوت من دون أن يكون لها قيمة في بناء الدولة ولا توفر الحليب لأبناء الشعب السوداني.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى