أخبار السياسة العالمية

مسار انتخابات الصومال 2020.. انفراجة الثوابت وانسداد التفاصيل

مقديشو – صقر الجديان

أجندة قطرية تتغلغل في تفاصيل المشهد الصومالي، مستهدفة مسار انتخابات يبني عليها الصوماليون آمال التغيير.

وصاية على القرار المحلي يؤمنها رئيسا الدولة عبدالله فرماجو، والاستخبارات فهد ياسين، في محاولات ترنو لإجراء اقتراع شكلي يمنح الأول تذكرة عودة ثمينة للحكم.

مسار مثقل بأطماع فرماجو وأجندة قطر، فجر أزمة حول تركيبة لجان انتخابية تقول المعارضة إن النظام لغمها بعناصر أمنية وموظفين موالين له، وسط مخاوف من تأثير محتمل على نزاهة الانتخابات.

اختطاف الانتخابات
على مدار الأشهر المنقضية من 2020، تبنى فرماجو سياسة اختطاف الانتخابات المقامة في ولايتي غلمدغ وهيرشبيلى، لتعبيد الطريق نحو ابتلاع الاقتراع الرئاسي لاحقا.

ففي 2 فبراير/ شباط الماضي، جرت الانتخابات بولاية غلمدغ، وبعد اختطافها عبر استخدام المال العام والجيش، وإسنادها لأحمد عبدي كاريه قور قور.

وفي ولاية هيرشبيلى المجاورة، كرر فرماجو ومعه فهد ياسين نفس التجربة، واختطفا الانتخابات التشريعية بحشد عناصر المخابرات في البرلمان والرئاسة لصالح مرشح موال لهم وهو علي عبدالله حسين غودلاوي.

واستثمر المعسكر انسحاب مرشحي المعارضة بالولاية احتجاجا على الاختطاف المكشوف للاقتراع من قبل الثنائي فهد وفرماجو.

ووسط الضبابية ومخاوف التزوير، من المنتظر أن تنتهي ولاية فرماجو في فبراير/ شباط الماضي.

وفشل فرماجو في إجراء الانتخابات عبر الاقتراع المباشر وفق ما ينص عليه الدستور، ودفع باتجاه الاقتراع غير المباشر، عبر تأجيل الاستحقاق عذة مرات، قبل أن يرضخ ويوقع قانون الانتخابات في 21 فبراير/ شباط الماضي.

ولاقى توقيع قانون الانتخابات دون اكتمال القوانين المكملة الأخرى له، مثل قانون الأحزاب، معارضة شديدة من قبل الولايات والأحزاب المعارضة التي وصفت الخطوة بـ”المسيسة” لتأجيل الاقتراع.

مسار طوسمريب
منتصف يونيو/ حزيران الماضي، أرسل فرماجو دعوة لرؤساء الولايات الإقليمية في مقديشو، لكنهم رفضوا اللقاء معه قبل التشاور في ما بينهم لتوحيد مواقفهم تجاه الانتخابات.

وبذلك، شق رؤساء الولايات مسار طوسمريب للحوار السياسي الذي انعقد في ثلاث جولات بعاصمة ولاية غلمدغ خلال شهري يوليو/ تموز وأغسطس/ أب، بمشاركة دولية ومحلية، للتوصل إلى تسوية شاملة بإجراء الاقتراع في موعدها، وفق نموذج توفقي بين جميع الأطراف .

ولمراوغة موقف الولايات الإقليمية الخمس وهي: هيرشبيلى، غلمدغ، جنوب غرب الصومال، بونتلاند وجوبلاند، عرضت رئيسة مفوضية الانتخابات المستقلة، حليمة يري، أمام البرلمان، نموذجين لإجراء الاقتراع يتطلبان تأجيله عن موعده، والتمديد لفرماجو على الأقل لعام واحد .

قنبلة فجرت غضب رئيس الوزراء السابق حسن علي خيري، وكذلك الولايات وأحزاب المعارضة، أي الأطراف الرافضة لفكرة التأجيل والتمديد.

موقف كلف خيري سحب الثقة من حكومته في 25 يوليو الماضي، بتواطؤ بين فرماجو ورئيس البرلمان محمد مرسل شيخ عبدالرحمن، أحد أبرز أنصار النظام.

وبالعودة إلى مسار طوسمريب للحوار السياسي، اتفق رؤساء الولايات على إجراء الإنتخابات في موعدها، والتوصل إلى صيغة توافقية بين جميع الأطراف، وتوحيد موقفهم وتوجيه الدعوة لفرماجو ورئيس وزرائه آنذاك حسن علي خيري، بهدف التوصل إلى رؤية مشتركة في الجولة الثانية.

وعقدت الجولة الثانية المنعقدة من 19 إلى 22 يوليو/ تموز الماضي، بحضور رؤساء الولايات وقادة الحكومة الفيدرالية، فيما عقدت الجولة الثالثة من 15 إلى 19 من الشهر اللاحق، وجمعت فرماجو وثلاثة ولايات (غلمدغ وجنوب غربالصومال وهيرشبيلي).

وسجل المؤتمر غياب ولايتي جوبلاند وبونتلاند احتجاجا على غياب حكومة رسمية تنفذ ما يتم الاتفاق به .

وعقد فرماجو ورؤساء الولايات في مقديشو لقاء تشاوريا على استكمال مسار طوسمريب للحوار السياسي حول الإنتخابات، واتفقوا على إجراء الإنتخابات بنظام الإقتراع غير المباشر وفق النظام العشائري المعروف بـ”4.5″، على أن تجرى في 11 مدينة ويشارك فيها نحو 28 ألف ناخب.

أزمة اللجان
بمصادقة البرلمان الصومالي، في 26 سبتمبر/ أيلول الماضي، على البيان الختامي الاتفاق، شهد ملف الانتخابات انفراجة سرعان ما قشعتها إشكالات التنفيذ.

وفور توقيع الاتفاق، عين فرماجو رئيس الوزراء الجديد محمد حسين روبلي الذي نال ثقة البرلمان في 23 سبتمبر.

ولاحقا، أعلن روبلي وثلاث ولايات موالية لفرماجو لجان الانتخابات التي لاقت رفضا واسعا من قبل تحالف لمرشحي المعارضة بولايتي جوبلاند وبونتلاند.

وترفض المعارضة في البلاد ضم عناصر أمنية وموظفين موالين لفرماجو للإشراف على لجان الاقتراع، وسط مخاوف من تأثير محتمل على نزاهة الانتخابات.

وعقد المرشحون مؤتمرا تشاوريا بالعاصمة مقديشو، بين 21 إلى 26 نوفمبر الماضي، وأصدورا بيان ختاميا يتضمن 18 بندا، طالبوا فيه بإقالة فهد ياسين وحل لجان الانتخابات، وتعيين لجان توافقية، والإنفتاح السياسي، ووقف نوايا تزوير الاقنتراع التشريعي المقرر نهاية العام الحالي، والرئاسي في فبراير المقبل.

وتشهد تفاصيل تنفيذ الاتفاق السياسي انسدادا في الأفق، حيث يتمسك كل طرف بمطالبه، فيما ترفع إدارة فرماجو منسوب التوتر بتعنتها ورفضها الحوار والجلوس مع المعارضة للحفاظ على الوفاق السياسي.

في غضون ذلك، يراهن مراقبون على لعب المجتمع الدولي دورا فعالا للحفاظ على التوازنات السياسية، والمضي قدما بالضغط على الأطراف بإجراء الانتخابات في موعدها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى