بعثة دولية تدعو لتوسعة نطاق “الجنائية” بالسودان ونشر قوة حفظ سلام لحماية المدنيين
الخرطوم – صقر الجديان
أوصت بعثة دولية، الجمعة، بفرض حظر توريد الأسلحة وتوسيع نطاق ولاية المحكمة الجنائية الدولية لتشمل كامل أراضي السودان، ونشر قوة حفظ سلام لحماية المدنيين في ظل استمرار القتال العنيف بين الجيش وقوات الدعم السريع.
وفي أكتوبر من العام الماضي اعتمد مجلس حقوق الإنسان بجنيف قرارا بإنشاء بعثة دولية مستقلة لتقصي الحقائق في السودان حول الانتهاكات والجرائم التي رافقت القتال العنيف بين الجيش وقوات الدعم السريع.
وأصدرت البعثة الدولية، الجمعة، تقريرها الأول المؤلف من 19 صفحة بعد تحقيقات ومقابلات أجراها الفريق في الفترة ما بين يناير وأغسطس 2024 بعد زيارات لدول تشاد وكينيا وأوغندا وشمل ذلك شهادات مباشرة مع نحو 182 من الناجين وأفراد أسرهم وشهود عيان، ومشاورات مستفيضة مع الخبراء وأعضاء المجتمع المدني.
وقال رئيس بعثة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة، محمد شاندي عثمان، إنه “نظرا لفشل الأطراف المتحاربة في تجنيب المدنيين، من الضروري نشر قوة مستقلة ومحايدة لها ولاية لحماية المدنيين من دون تأخير”.
ورأى أن حماية السكان المدنيين أمر بالغ الأهمية، ويجب على جميع الأطراف الامتثال لالتزاماتها بموجب القانون الدولي ووقف جميع الهجمات على السكان المدنيين على الفور وبدون قيد أو شرط.
وأشاد عثمان بالجهود المختلفة المبذولة لجلب الأطراف إلى طاولة المفاوضات، وقال “إن شعب السودان يستحق مستقبلا يتميز بالسلام والازدهار واحترام حقوق الإنسان”.
وتابع “يجب على المجتمع الدولي دعم التطلع السوداني إلى حكومة مدنية شاملة وتمثيلية تحترم حقوق جميع المواطنين. هذا الدعم ضروري لتعزيز الطريق نحو المساواة والعدالة والسلام المستدام في السودان”.
وأوصى التقرير بتوسيع نطاق حظر الأسلحة القائم في دارفور عملا بقرار مجلس الأمن رقم 1556 (2004) والقرارات اللاحقة، ليشمل جميع أنحاء السودان لوقف توريد الأسلحة والذخائر وغير ذلك من أشكال الدعم اللوجستي أو المالي إلى الأطراف المتحاربة ومنع المزيد من التصعيد.
وحذر الجهات المتورطة في تقديم الأسلحة قائلا إنهم قد يكونون متواطئين في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والقانون الإنساني.
وأوضح أن الأطراف المتحاربة في السودان ارتكبت مجموعة مروعة من انتهاكات حقوق الإنسان والجرائم الدولية المروعة، بما في ذلك العديد منها الذي قد يرقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
ودعا التقرير السلطات السودانية إلى التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية، وتسليم جميع الأشخاص المتهمين، بما في ذلك الرئيس المعزول عمر البشير وتوسيع نطاق الولاية القضائية للمحكمة الجنائية الدولية الناشئة عن قرار مجلس الأمن 1593 (2005) بشأن الحالة في دارفور لتشمل كامل أراضي السودان.
وطالب أيضا بإنشاء آلية قضائية دولية منفصلة تعمل جنبا إلى جنب ومكملة للمحكمة الجنائية الدولية.
وأشار الى أن التقرير وجد أن كل من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، وكذلك حلفائها، مسؤولين عن أنماط الانتهاكات واسعة النطاق، بما في ذلك الهجمات العشوائية والمباشرة التي نفذت من خلال الغارات الجوية والقصف ضد المدنيين والمدارس والمستشفيات وشبكات الاتصالات وإمدادات المياه والكهرباء الحيوية.
واتهم أطراف الصراع باستهداف المدنيين والمتطوعين الذين يساعدون الناجين أو يوثقون الانتهاكات – من خلال الاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي، والاعتقال والاحتجاز التعسفيين فضلا عن التعذيب وسوء المعاملة.
وأفاد التقرير بأن هذه الانتهاكات قد ترقى إلى جرائم حرب تتعلق بالعنف على الحياة والشخص وارتكاب التجاوزات على الكرامة الشخصية.
جرائم الدعم السريع
وقال الخبراء إن التقرير وجد أسبابا معقولة للاعتقاد بأن قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها ارتكبت جرائم حرب إضافية تتمثل في الاغتصاب والاستعباد الجنسي والنهب، فضلا عن الأمر بتشريد السكان المدنيين وتجنيد الأطفال دون سن 15 عاما في الأعمال العدائية.
وأشار إلى الهجمات المروعة التي شنتها قوات الدعم السريع وحلفاؤها من القبائل العربية، على إثنية المساليت ذات الأصول الأفريقية في الجنينة وحولها بولاية غرب دارفور متهما إياها بارتكاب جرائم القتل والتعذيب والاغتصاب وغيرها من أشكال العنف الجنسي وتدمير الممتلكات والنهب.
ونوه إلى أن هناك أسبابا معقولة للاعتقاد بأن الأعمال التي ترتكبها قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها تصل إلى جرائم عديدة ضد الإنسانية، بما في ذلك القتل والتعذيب والاستعباد والاغتصاب والاستعباد الجنسي وغير ذلك من أشكال العنف الجنسي ذات الخطورة المماثلة والاضطهاد على أساس الاستهداف العرقي والجنساني والتشريد القسري.
وادى القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع الذي بدأ في العاصمة الخرطوم وانتشر في 14 ولاية من أصل 18 ولاية، إلى مقتل وإصابة عشرات الألاف من المدنيين، وتشريد ما يزيد عن عشرة ملايين داخليا وخارجيا.
وقال عضو فريق الخبراء جوي نغوزي إزيلو: “لقد عانى شعب السودان من مأساة لا يمكن تصورها.. يجب إعطاء الأولوية لوقف إطلاق النار المستدام لوقف القتال وتمكين التسليم الفعال للمساعدات الإنسانية التي تشتد الحاجة إليها لجميع المحتاجين، بغض النظر عن موقعهم”.
وقالت العضوة الخبيرة منى رشماوي: “يجب أن تكون هذه النتائج بمثابة دعوة لاستيقاظ المجتمع الدولي لاتخاذ إجراءات حاسمة لدعم الناجين وأسرهم والمجتمعات المتضررة ومحاسبة الجناة إن اتباع نهج شامل للعدالة الانتقالية أمر حيوي لمعالجة الأسباب الجذرية للصراع وضمان المساءلة”.