الخطوط البحرية السودانية تبدأ رحلة البحث عن مجدها الضائع
الخرطوم – صقر الجديان
حتى نهاية العام 1989 كانت الخطوط البحرية السودانية من بين أكبر 3 شركات أساطيل نقل بحري في افريقيا والشرق الأوسط حيث كانت تمتلك 16 باخرة عابرة للمحيطات؛ لكنها تعرضت خلال العقود الثلاثة الماضية لتفكيك ممنهج حتى أصبحت مجرد مباني إدارية بعد أن بيعت كل قطعها البحرية.
وفي العام 2017 أعلن النظام السابق الذي أطاحت به ثورة شعبية في أبريل 2019؛ تصفية الخطوط البحرية السودانية في عملية وصفت بأنها واحدة من أكبر عمليات الفساد التي شهدها الاقتصاد السوداني والتي افقدته مليارات الدولار؛ لكن الحكومة المدنية التي تولت السلطة بعد الثورة قررت في العام 2020 استعادة الشركة وإلغاء قرار تصفيتها.
وطوال الأعوام الثلاثة الماضية سعى مسؤولون خبراء ومختصون في مجال النقل البحري إلى إحياء الخطوط البحرية السودانية من جديد؛ لكن هل تنجح تلك المساعي في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها البلاد حاليا؟
وفقا لوزير النقل والبنية التحتية الأسبق هاشم بن عوف، فإن الوزارة شرعت في أعقاب الإطاحة بنظام الإنقاذ وبالتعاون مع لجنة إزالة تمكين النظام السابق في انتهاج الأطر القانونية اللازمة لاستعادة الشركة وإلغاء قرار تصفيتها، ومن ثم الشروع في وضع الأسس اللازمة لإعادة تأهيلها.
وقال ابن عوف لموقع سكاي نيوز عربية إن تلك الجهود أثمرت بالفعل حيث أصدرت المحكمة التجارية حكما بإلغاء قرار التصفية، مما دفع الوزارة لتنظيم مناقصة عالمية لتأهيل شركات تعمل على إعادة تأهيل الشركة.
وفي السياق؛ يؤكد الخبير البحري محجوب حسن الذي عمل مهندسا وإداريا لسنوات عديدة خلال فترة ازدهار الشركة في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي؛ وجود العديد من المقومات التي تشجع على إحياء الناقل البحري الوطني أهمها الموقع الاستراتيجي للموانئ السودانية وتوافر الكوادر الإدارية والفنية.
ويشير حسن إلى أن الخطط الحالية تقوم على تنفيذ برامج تطوير على مراحل مختلفة؛ تبدأ من الاعتماد على تأجير سفن وتشغيلها لصالح الشركة، إلى أن تتمكن من بناء أسطول خاص بها بدلا من اسطولها القديم الذي تم التخلص منه خلال السنوات الماضية.
المشكلة الأكبر في تنفيذ تلك الخطط، وفقا للخبير البحري، تكمن في صعوبة التمويل في ظل إحجام الحكومة وبنك السودان عن تقديم الضمانات المطلوبة من شركات بناء السفن العالمية؛ إضافة إلى تشتت الكوادر الفنية البحرية الضخمة التي كانت تمتلكها الشركة والتي اجتذبتها شركات عالمية كبرى نظرا لخبراتهم الطويلة في المجال.
وتتزايد أهمية إعادة بناءاسطول الخطوط البحرية السودانية في ظل الارتفاع الكبير في حركة الشحن التجاري، ووجود 4 بلدان مجاورة للسودان لا تمتلك موانئ بحرية وتعتمد في جزء كبير من تجارتها على الموانئ السودانية.
وفي الجانب الآخر؛ تسود قناعة لدى الآخرين بأن أي خطط لتطوير شركة الخطوط البحرية السودانية لا بد أن تستصحبها خطط لتطوير الموانئ الرئيسية على البحر الأحمر. وفي هذا الإطار يرى وليد مبارك الريح عضو تجمع المهنيين السودانيين إن الميناء الرئيسي في مدينة بورتسودان بشرق البلاد يحتاج إلى إعادة تأهيل تمكنه من الاستفادة من موقعه الاستراتيجي على البحر الاحمر.
ويقول الريح لموقع سكاي نيوز عربية إنه وعلى الرغم من مرور 40 في المئة من التجارة العالمية عبر البحر الاحمر، إلا ان السودان عجز طوال العقود الماضية عن الاستفادة من هذه الميزة التي كانت يمكن ان تشكل مصدرا لمليارات الدولارات سنويا.
ويشرح الريح رؤيته بالقول “من الممكن أن يبني السودان موانئ وأرصفة جديدة على طول الأراضي التابعة له على شاطئ البحر الاحمر؛ ويجتذب بالتالي حصة كبيرة من أنشطة تحويل البضائع ذات العائد المجزي والذي استفادت منه الكثير من بلدان العالم رغم عدم تمتعها بالمميزات الجغرافية التي تتميز بها الموانئ السودانية”.
ويشير الريح إلى أن السودان إذا ما نجح في اجتذاب 40 مليون حاوية سنويا عبر موانئ التحويل، فإنه سيحصل على عائد سنوي يفوق الـ4 مليارات دولار.
إقرأ المزيد