أخبار السياسة المحلية

انتخابات نقابة للصحافيين في السودان تنهي الحظر النقابي

انتخاب وزير الإعلام السابق فيصل محمد صالح رئيسا للجنة المشرفة على الانتخابات.

الخرطوم – صقر الجديان

عقدت اللجنة المشرفة على انتخابات نقابة الصحافيين السودانيين أول اجتماعاتها مساء الاثنين، وقررت انتخاب وزير الإعلام السابق فيصل محمد صالح رئيسا لها، وقررت تسلم النسخة النهائية من النظام الأساسي لعمل النقابة والسجل الانتخابي المنقح من اللجنة التمهيدية التي تتولى مهمة عقد الجمعية العمومية، وقررت إعداد لائحة تنظم عملها والعملية الانتخابية لإجازتها في الاجتماع المقرر له الخميس الثامن والعشرين من يوليو.

ومن المنتظر أن تُجرى الانتخابات بعد نحو أسبوعين، بعد أن فوضت الجمعية العمومية للنقابة التي انعقدت السبت الماضي لجنة الانتخابات لإعداد لائحة تنظم عملها، ووصولا إلى إقامة الانتخابات خلال فترة لا تتعدى ثلاثين يوما.

تعد هذه أول انتخابات للنقابة التي تعرضت للحل عقب انقلاب الرئيس المعزول عمر البشير على السلطة في الثلاثين من يونيو عام 1989، ومنذ ذلك الحين أضحى هناك اتحاد للصحافيين السودانيين وليس نقابة مهنية، سيطر عليها النظام الحاكم في ذلك الحين عبر تسكين عناصر حزب المؤتمر الوطني الحاكم.

الصحافيون في السودان يواجهون جملة من المشكلات، أبرزها ما يتعلق بضعف هياكل الرواتب وتضاعف معدلات البطالة فيما بينهم مع إغلاق عدد من الصحف خلال السنوات الماضية

قال عضو اللجنة المشرفة على الانتخابات الشفيع أديب إن الاتحاد الذي تعرض للحل بعد ثورة ديسمبر كان يضم أشخاصا ليست لهم علاقة بالعمل الصحافي، وإن نظام البشير استعان بموظفي العلاقات العامة في المؤسسات الحكومية وأعضاء جهاز الأمن وأعضاء هيئات محلية لتسكينهم على سجلات الاتحاد، ما أفضى إلى وجود أربعة آلاف عضو أغلبهم ليست لهم علاقة بالعمل الصحافي.

وقامت اللجنة التمهيدية المشرفة على استئناف عمل النقابة بتنقيح سجلات الصحافيين منذ أن تولت مسؤولية عملها مارس الماضي، ونشرت قوائم الصحافيين الذين تجاوز عددهم ألف صحافي بينهم 200 خارج السودان، إلى جانب دورها في وضع نظام أساسي للنقابة وتحديد ميثاق الشرف الصحافي، ونجحت في تمرير قراراتها خلال الجمعية العمومية التي انعقدت السبت الماضي.

وأشار الشفيع أديب في تصريح لـ”العرب” إلى أن الصحافيين سيختارون نقيبا لهم ومجلس نقابة يتشكل من 40 صحافيا و15 آخرين للمكتب التنفيذي، على أن يكون ذلك بعد إتمام المرحلة الأولى التي تتمثل في عرض سجلات الناخبين النهائية والنظر في أي طعون أو اعتراضات عليها.

وحسب العديد من المتابعين، فإن إجراء انتخابات يعبّر بشكل أساسي عن اتجاهات الصحافيين ويمهد لتقديم جيل جديد لديه قدرة على العمل النقابي واستعادة حضور النقابة باعتبارها إحدى قلاع الحريات، وتعد الخطوة مقدمة لما سوف تؤول إليه أوضاع النقابات الأخرى التي تعرضت للحل منذ انقلاب البشير على السلطة.

ولدى البعض من الصحافيين مخاوف من إمكانية عدم اعتداد السلطة الحاكمة بنتائج الانتخابات أو إبطال أعمال الجمعية العمومية لعدم إجازة الدولة لقانون النقابات بعدُ.

في حين لدى آخرين قناعة بأن النقابات التي ترتبط أعمالها بالحريات لا تخضع لقانون النقابات، لارتباطها مباشرة بقضايا الحريات وليس الدفاع عن مطالب مهنية بحتة.

إيمان عثمان: غياب النقابة لعقود أثر سلبا على تطور مهنة الصحافة

وأوضح الشفيع أديب لـ”العرب” أن الجمعية العمومية الأخيرة لم تواجه مضايقات من السلطة الحاكمة، وكانت مؤمنة من قبل أجهزة الأمن، وأن الصعوبات التي يواجهها الصحافيون تفرض استعادة النقابة وتفعيل عملها، ويصبح دورها الأبرز التصدي لمحاولات إغلاق الصحف والدفاع عن الحريات العامة وحرية الرأي والتعبير والدفاع عن حقوق الصحافيين المادية والمعنوية وواجباتهم الاجتماعية.

وفي بيان موقّع من طرف رئيس اتحاد الصحافيين العرب مؤيد اللامي صادر الأربعاء وموجه إلى قائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الانتقالي، التمس الاتحاد السماح للصحافيين بممارسة نشاطهم النقابي.

ويواجه الصحافيون في السودان جملة من المشكلات، أبرزها ما يتعلق بضعف هياكل الرواتب وتضاعف معدلات البطالة فيما بينهم مع إغلاق عدد من الصحف خلال السنوات الماضية، ووقوعهم فريسة لممارسات التضييق التي دفعت بعضهم إلى مغادرة البلاد أو البحث عن فرص عمل بوسائل إعلام أجنبية، وينتظرون وجود جهة قادرة على احتواء مشكلاتهم وتحسين أوضاعهم الاقتصادية والمجتمعية.

ووضع النظام السوداني جملة من الشروط للانضمام إلى النقابة، على رأسها أن ينتمي الأعضاء إلى مؤسسات إعلامية من صحف ووكالات أنباء وإذاعة وتلفزيون، وتوافر خبرة لا تقل عن خمس سنوات في العمل الصحافي ويكون العضو سوداني الجنسية.

ووفقا للنظام ذاته تعود كافة أﺻول وأﻣوال ﻧﻘﺎﺑﺔ اﻟﺻﺣاﻔﯾﯾن اﻟﺗﻲ ﺻدر ﻗرار ﺑﺣﻠﮭﺎ ﺑﻣوﺟب اﻟﻣرﺳوم اﻟدﺳﺗوري اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻓﻲ الثلاثين من ﯾوﻧﯾو 1989 إلى ﻣﺻﻠﺣﺔ ﻧﻘﺎﺑﺔ اﻟﺻﺣاﻔﯾﯾن اﻟﺳوداﻧﯾﯾن، مع منح الصحافة استقلالية عن سلطات الدولة الثلاث: التنفيذية والتشريعية والقضائية، على أن ﺗﻛﻔل اﻟدوﻟﺔ والأجهزة اﻟﺣﻛوﻣﯾﺔ ﺑﻣﺧﺗﻠف المستويات، وتعترف التشريعات القانونية باستقلاليتها، واعتبرت أي تشريع منتقص لذلك ويعوق حريتها إجراء غير دستوري.

الشفيع أديب: الصعوبات تفرض استعادة النقابة وتفعيل عملها

وأصبحت مهمة النقابة العمل على وحدة الصحافيين وتضامنهم وتوفيق أوضاعهم والدفاع عن حقوقهم المادية والمعنوية أمام الجهات المختصة، فضلا عن الإشراف وتنظيم السجل الصحافي ووضع شروط مزاولة المهنة والمساهمة في تطويرها شكلا ومضمونا، بما يعزز قيم الديمقراطية والتسامح والسلام، نهاية برفع القدرات المهارية والمهنية الأساسية للصحافيين.

وأكدت رئيسة تحرير صحيفة “الميدان” إيمان عثمان أن غياب النقابة لعقود أثر سلبا على تطور المهنة التي أضحت ليست لها علاقة بتطورات سوق الإعلام بوجه عام، سواء أكان ذلك على مستوى الشكل أو المضمون، بعد أن وصل تضييق النظام السابق على الحريات إلى حد عدم السماح بتطوير المطابع والتحكم في مصير المؤسسات التي يمكنها امتلاك المطابع من عدمه، كذلك الوضع بالنسبة لعملية التوزيع التي تخضع لتقديرات أجهزة الأمن.

وأشارت في تصريح لـ”العرب” إلى أن الصحافة قبعت في مكانها دون تطور واستغرقت في المحلية بشكل مبالغ فيه وغابت المؤسسات المعنية بتطوير الصحافيين، وهناك ما يقرب من 70 صحيفة تواجه أزمات متفاقمة، ما يجعل عملية تنقيح سجلات الصحافيين خطوة مهمة تجعل هناك فرصة للاهتمام بالمنتمين إلى النقابة.

وذكرت أن قدرة الصحافيين على إنهاء الخلافات ووعيهم بضرورة وجود كيان يدافع عن مصالحهم يشكلان الضمانة الأكبر لتمرير عملية الانتخابات المقبلة بنجاح، حتى وإن حدث تدخل سالب من جانب جهات محسوبة على النظام البائد فإنها لن توقفها.

وعقب الثورة على نظام البشير انقسم الوسط الصحافي إلى ثلاثة أجسام، قبل أن يتقدم صحافيون بمبادرة لتوحيد الكيانات عبر عقد جمعية تتيح المشاركة لكل الصحافيين السودانيين بالداخل والخارج، وأعلنت تجاوزها كل الخلافات السابقة التي أفضت إلى الانقسام، واتفقت على تكوين لجنة فرعية مشتركة للبت في ملف اللجنة التسييرية لاتحاد الصحافيين “المحلول”.

إقرأ المزيد

السودان: تجمع ثوري يدعو لتوحيد المواثيق وإيقاف التصعيد المنفرد

توقيف 177 متهما بالمشاركة في نزاع قبلي بغرب دارفور

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى