ثمن السكوت.. الدوحة ترصد المليارات لشراء صمت حكومات أوروبا على تمويل الإرهاب
40 مليار يورو حجم استثمارات قطر فى باريس..
الدوحة – صقر الجديان
باستثمارات مشروعة وغير مشروعة، وعبر سلسلة من الرشاوى المشبوهة، نثرت إمارة قطر على مدار عقود طويلة شبكة من المليارات العابرة للحدود، وتسللت إلى قطاعات عدة داخل الدول الأوروبية لتشكل أحد أبرز مصادر الضغط على دوائر صنع القرار فى القارة العجوز، ولتضمن بذلك صمت العالم الغربى وحياده السلبى حيال ما تحيكه من مؤامرات وتحركات مشبوهة فى الشرق الأوسط عبر دعمها وتمويلها الكيانات الإرهابية والتنظيمات المتطرفة.
وبعد دخول الأزمة بين قطر ودول الرباعى العربى الذى تقوده مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين وكافة الدول الداعية لمواجهة الإرهاب الممول من نظام تميم بن حمد، تبين يوما تلو الآخر حجم الاستثمارات القطرية داخل عواصم القارة العجوز، والتى كان لها دورا بارزا فى تضارب قرار تلك الدول حيال الأزمة وتراجع غالبيتها عن إدانة الممارسات القطرية فى المنطقة.
وفى فرنسا، وعلى الرغم من إعلان الرئيس الفرنسى الشاب إيمانويل ماكرون قبل فوزه فى الانتخابات اعتزامه التصدى لما أسماه بـ”النفوذ القطرى”، إلا أن الحكومة الفرنسية لا تزال تلتزم الحياد السلبى فى الأزمة القطرية، لأسباب أرجعها مراقبون بحجم الأزمات الداخلية فى باريس وضعف اقتصادها وعدم قدرتها على التخلى عن استثمارات قطر على أراضيها.
وقبل أيام كشفت صحيفة “لاكروا” حجم استثمارات قطر داخل فرنسا، مشيرة إلى أنها تتجاوز حاجز الـ40 مليار يورو. فيما كشفت دراسة صادرة عن معهد “جيت ستون” الأمريكى مؤخرا أن قطر تسعى “لابتلاع الاقتصاد الفرنسى” من خلال شراء الأصول للسيطرة على مفاصل الدولة الفرنسية، منتقدة تورط مسئولين فرنسيين، على رأسهم الرئيس السابق، نيكولا ساركوزى فى فتح أبواب القطاعين العام والخاص أمام الاستثمارات القطرية.
وأشار المعهد إلى أن الحكومة القطرية اشترت فريق باريس سان جيرمان بمساعدة الرئيس السابق ساركوزى، وسلطت الدراسة التى أعدها الباحث البلجيكى دوريو جودفريدى الضوء على الإعفاءات الضريبية التى تمنحها فرنسا لدولة راعية للإرهاب مثل قطر، مشيرا إلى أن أهداف الدوحة تتعدى شراء الأصول للسيطرة على مفاصل الدولة، مضيفا أن “الانفتاح على الاستثمار الأجنبى شئ، ولكن منح الإعفاءات الضريبية لدولة راعية للإرهاب أمر آخر تماما”.
ويشار إلى أن المدعى العام الفرنسى يحقق حاليا فى صفقتين، دفعت الدوحة فيهما رشوة ضخمة، وهما منح قطر حق تنظيم مباريات كأس العالم لكرة القدم 2022، والاستثمار فى شركة “فيوليا”.
ووفقا للمحققين، فأن ساركوزى دفع لبلاتينى من أجل تغيير رأيه، بعد أن كان معارضا لاختيار قطر، وأصبحت الصفقة مؤكدة عندما اشترت الدوحة فريق باريس سان جيرمان.
ومن ناحية أخرى، استحوذ الصندوق القطرى على 2% فى شركة النفط الفرنسية العملاقة “توتال”، بقيمة تجاوزت 2 مليار يورو، لتصبح قطر من أكبر 5 مساهمين فى الشركة.
كما استحوذت إمارة الإرهاب على المبنى الذى يضم مقر صحيفة “لوفيجارو” ومكاتب السفارة الأمريكية وسط العاصمة الفرنسية باريس ضمن صفقة بلغت قيمتها أكثر من 300 مليون يورو. واشترت مجموعة قطرية 4 فنادق فرنسية، من بينها فندق “مارتينيز” فى مدينة “كان”، “كونكورد لافاييت” فى باريس الشهيران، و”أوتيل دو لوفر” فى باريس و”باليه دو لا ميديتيرانيه” فى نيس، من دون تحديد قيمة الصفقة.
ومن باريس إلى لندن، لم تتوقف شبكة الاستثمارات القطرية فى عواصم القارة العجوز، حيث كشف روجر أفنز، نائب عمدة لندن سابقا، إن حجم استثمارات قطر بلغت حوالى 40 مليار جنيه استرلينى، وهى استثمارات هائلة فى العقارات بالعاصمة البريطانية، منها عقارات شهيرة مثل هارودز الشهيرة لافتا إلى أن لندن ينظر إليها كمكان جيد للاستثمارات، ووضع الأموال، مشيرا إلى أن قطر تمتلك حوالى 22 مليون قدم مربع من المساحة فى كنارى وارف، والتى تعد أكبر مساحة للاستثمار، وهو مكان يتسع ويشمل عقارات سكنية، كما يمتلكون برجا فى قلب لندن، مما يجعلهم أحد أكبر ملاك العقارات.
وأضاف “افنز” فى تصريحات تلفزيونية أمس عقب المؤتمر الذى عقدته المعارضة القطرية فى لندن، أن قطر تمتلك بعض العقارات الشهيرة مثل مبنى تشارد، ويعد أطول مبنى فى العاصمة البريطانية، لافتا إلى أن قطر بدأت الاستثمار فى محطات السكك الحديدية والاستثمارات القطرية تتسع وتمتد بلندن بما يتجاوز العقارات الشهيرة التى يعرفها الناس.
وأشار “عمدة لندن السابق”، إلى أن مثل تلك الاستثمارات بهذا الحجم يجب أن تمنح قطر مقعدا حول المائدة عندما يتم مناقشة أى أمر هام، قائلا: “أعتقد أنه من دواعى القلق، ولكن الحكومة البريطانية يجب أن تكون يقظة فى العلاقات مع قطر فيما يمكن قوله على النظام القطرى”.
وقبل ما يقرب من 4 أشهر، أقدمت دول الرباعى العربى على مقاطعة قطر فى خطوة لإرغام نظام تميم بن حمد على وقف دعم وتمويل الإرهاب، وعرضت تلك الدول قائمة بـ13 مطلبا من بينها تسليم الدوحة المطلوبين أمنيا، ووقف تمويل الكيانات والتنظيمات الإرهابية بجانب إنهاء التواجد الإيرانى على الأراضى القطرية ووقف بث قناة الجزيرة الفضائية، إلا أن الحكومة القطرية قابلت تلك المطالب بالرفض.